الإسلام أعطى الرجل حق القوامة، لأنه المكلف شرعاً بالإنفاق على زوجته وأولادها منه، وهذه القوامة نص عليها القرآن في قوله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً" آية 34 سورة النساء، وبالتالي فإن هذه القوامة مرتبطة بحقه في الطلاق، أما الخلع فمن حق الزوجة وحدها وليس الزوج.
ووجود العصمة في يد الزوجة لا يضيف شيئا لها سوى حق تطليق نفسها، ولا يعني ذلك سلب حق الزوج في تطليق زوجته، أو إلغاء قوامته عليها، وما دون ذلك يجب أن تكون الزوجة مطيعة لزوجها، مؤدية لحقوقه، والعديد من العلماء أشاروا إلى أن بعض أهل العلم أجازوا أن تشترط المرأة على زوجها عند العقد أن تطلِّق نفسَها متى شاءت، فتقول "طلَّقتُ نفسي"، ولا تقول لزوجها "أنت طالق" كما يظن البعض، مؤكدين أن الرجل ليس محلا للطلاق، وإنما محله المرأة، وله أن يطلق زوجته بنفسه، وله أن يوكل غيره في تطليقها، وله أن يفوضها هي في تطليق نفسها، ولا يعني هذا التفويض منه إسقاط حقه في الطلاق.
هل يجوز للزوجة التي بيدها العصمة رفع دعوى خلع على زوجها؟
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في الإجابة على السؤال هل يجوز للزوجة التي بيدها العصمة رفع دعوى خلع على زوجها؟ حيث أن المرأة ليس لها حق أن تطلق نفسها إلا في حالة الخلع فقط لا غير أو في حالة أن تكون العصمة في يديها، وتكون بموافقة الزوج، ويكون هناك شهود على العقد، لأن الطلاق حق من حقوق الزوج، فله أن يطلق زوجته بنفسه، لذلك يجوز للمرأة تطليق نفسها في حالة واحدة وهي امتلاكها للعصمة والاتفاق مع الزوج وبموافقته على أنها تملك حق التطليق، وذلك قبل الزواج وقبل العقد عليها، وعكس ذلك لا يجوز، فلا يجوز سن أو عمل قانون يرغم الرجل على أن تملك المرأة العصمة أو أن تصبح في يدها وتملك تطليق نفسها، فهذا عكس الشرع تماماَ، ويعطى للمرأة حقوق ليست لها في الشريعة الإسلامية.
ماذا يقول الشرع؟
في هذا السياق – يقول الخبير القانوني والمحامى حسام حسن الجعفرى - إن السنة خاطبت الزوج بالطلاق، ولم يرد نص واحد يخاطب الزوجة بالطلاق، وقد جعل الله تعالى العصمة بيد الزوج، لأن المرأة أشد ضعفا وانفعالا وعاطفة من الرجل، وقد لا تقدر الأمر كما ينبغي، فتطلق لأتفه الأسباب وأهونها، ومن هنا جعل الشارع الحكيم عصمة الزوجية في يد الزوج، لا المرأة، أما المراد بمقولة "العصمة بيد الزوجة"، فهو تفويض الزوج زوجته في تطليق نفسها، أي توكيلها فيه، وهو جائز بالإجماع، ومروي عن جمع كبير من الصحابة رضي الله عنهم، ولكن على خلاف في مسألة هل هو خاص بنفس المجلس أو يستمر على التأبيد؟
ووفقا لـ"الجعفرى" في تصريح لـ"اليوم السابع" : الأظهر أنه إذا قبلت الزوجة التفويض في المجلس، وكان غير مقيد بزمن، ثم اختارت الطلاق فيما بعد فلها ما اختارت، وهو مذهب مالك، حق الزوج في الطلاق قائم، واستدل جمهور العلماء والفقهاء على جواز تفويض الزوج زوجته في تطليق نفسها بأن النبي صلى الله عليه و سلم خير نسائه بين المقام معه ومفارقته لما نزل قوله تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا و زينتها.."، فلو لم يكن لاختيارهن أثر لم يكن لتخييرهن معنى.
الرأى القانونى
لا يوجد نص شرعي قطعي وصريح يمنع الزوج أو يبيح له رفع دعوى قضائية يطالب فيها بالخلع، فدعوى التطليق خلعاً إحدى الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج، لأنها تستند إلى عقد الزواج كأساس لها، وبالتالي لا خلع إلا من زواج صحيح وقائم، وهو حق للزوجة دون الزوج، وأوجبته الشريعة التي تعد المصدر الرئيسي للتشريع القانوني وفقا للدساتير في مصر ومعظم الدول العربية والإسلامية، فالزوج له حق التطليق وليس الخلع الذي هو حق للزوجة، التي لو رفعت دعوى خلع فإن المحكمة تلتزم بسماع الدعوى وفق مواد القانون رقم 1 لسنة 2000، المنظم لأحكام الخلع، حيث تنص المادة 20 منه على: "للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع، فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها، حكمت المحكمة بتطليقها عليه.
ولا تحكم المحكمة بالتطليق للخلع إلا بعد محاولة الصلح بين الزوجين، وندبها لحكمين لموالاة مساعي الصلح بينهما، خلال مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر، وعلى الوجه المبين بالفقرة الثانية من المادة "18" والفقرتين الأولى والثانية من المادة "19" من هذا القانون، وبعد أن تقرر الزوجة صراحةً أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض. ولا يصح أن يكون مقابل الخلع إسقاط حضانة الصغار، أو نفقتهم أو أي حق من حقوقهم، ويقع بالخلع في جميع الأحوال طلاق بائن. ويكون الحكم، في كل الأحوال، غير قابل للطعن عليه، فلا يجوز للزوج شرعاً أن يخلع نفسه، لأن الخلع حق للزوجة دون الزوج الذي اختصه الله بالطلاق مقابل حق الخلع للمرأة، كما أن القوامة مرتبطة بحقه في الطلاق، وبالتالي فإن الأمر الطبيعي أن الزواج يبدأ بتقدمه لزوجته وتحمله المسؤولية عنها، فإن أراد إنهاء الزواج فهذا حقه من خلال الطلاق.
وقانونى يؤكد: يحق لصاحبة العصمة رفع دعوى خلع
بينما تقول الخبير القانوني والمحامية المتخصصة في الشأن الأسرى رانيا هيكل، أن العصمة في يد الزوجة لا تعنى كما نرى في الأفلام والدراما أن تقول الزوجة لزوجها: "أنت طالق"، حيث أن الطلاق شرعاَ وقانوناَ بيد الزوج أو أولى الأمر المتمثلة في المحكمة، فالزوجة التي وضعت في قسيمة الزواج أن من حقها الطلاق من الزوج حال نفورها من الحياة الزوجية، ما هي إلا خطوة تسبق بها عن غيرها ممن لم يضعوا مثل هذا الشرط.
وبحسب "هيكل" في تصريح خاص – وبشكل أكثر وضوحاَ إذا رفعت دعوى طلاق لم يعد من حق القاض بحث سبب طلاقها أو البحث وراء جدية أسبابها، ولكن طلاقها معلق على شرط طلبها فقط، وبالتالي طبعا من حق الزوجة التي وضعت مثل هذا الشرط رفع دعوى خلع، حيث أن العصمة عندما تكون بيد الزوجة فهي تكون نائبة عن الزوج في إيقاع الطلاق لنفسها، وإن هي فعلت فطلاقها يكون رجعيا، وفي هذه الحالة فللزوج مراجعتها في خلال فترة العدة أي في خلال 3 أشهر، فإن راجعها عادت الزوجة، وعادة إلي الزوج وحده حق التطليق باﻹرادة المنفردة ومن ثم ﻻ تستطيع الزوجة تطليق نفسها وإن هي تضررت من زوجها ضررا تخشي معه أﻻ تقيم حدود الله، فلها أن ترفع دعوي خلع طالبة من القاضي تطليقها خلعا لخشيتها أﻻ تقيم حدود الله .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة