أصدرت محكمة النقض، حكماَ مهماَ رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن مسكن الزوجية مدة الحضانة، قالت فيه: "لا يجوز للزوج المطلق التحايل على أحكام القانون بهدف إسقاط حق الصغار وحاضنتهم في شغل مسكن الزوجية مدة الحضانة بعد ثبوته لهم، وذلك عن طريق التصرف بأى صورة للغير فى هذا المسكن بغية التوصل إلى طردهم منه، دون أن يوفر لهم المسكن المستقل المناسب".
وأضافت: "فإن هذا التصرف لا يسري ولا ينفذ في حق الصغار وحاضنتهم متى كان لاحقاً على ثبوت حقهم في شغل مسكن الزوجية، وكان المتصرف إليه يعلم وقت إبرام التصرف بهذا الحق، وذلك لأنه يعد بمثابة اتفاق على مخالفة أحكام القانون الآمرة المتعلقة بالنظام العام، ويجوز إثبات ذلك التحايل بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن".
توفير مسكن ملائم للصغار حقاً لهم على أبيهم لأنه جزء من نفقتهم
المحكمة فى حيثيات الطعن المقيد برقم 8125 لسنة 82 القضائية – قالت إن النص فى المادة 18 مكرراً ثالثاً من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه: "على الزوج المطلق.. للمحضونين ولها..." يدل على أنه لما كانت نفقة الصغار بأنواعها وبالقدر اللازم منها لضمان كفايتهم على ضوء ما يليق بأمثالهم مسئولية الأب لا يشاركه فيها غيره ولا تسقط عنه، ولو كان معسراً ما دام قادراً على الكسب، وإن امتنع عن أدائها حبس بخلاف سائر الديون، وكان هذا الالتزام على عاتق الأب من الأصول الثابتة شرعاً التي لا تحتمل الجدال أو التأويل باعتبار أن في إنفاقه على صغاره إحياء لهم وفي إحيائهم إحياء لنفسه لتحقق الجزئية والعصبية، وكان توفير مسكن ملائم للصغار حقاً لهم على أبيهم لأنه جزء من نفقتهم.
ماذا يعنى الالتزام التخييرى فى مسكن الحضانة؟
وبحسب "المحكمة" - لذلك حرص المشرع على تأكيد وتنظيم هذا الحق بوصفه من الحاجات الضرورية التي لا غنى عنها اللازمة لصيانة، وحفظ الصغار، وذلك بالنص في المادة 18 مكرراً ثالثاً سالفة البيان على الضوابط التي تكفل لهم استيفاء ذلك الحق، فأنشأ بهذا النص التزاماً تخييراً، وجعل الخيرة للزوج المطلق بين محلين أحدهما أن يهيء لصغاره من مطلقته وحاضنتهم المسكن المستقل المناسب، والثاني استمرارهم في شغل مسكن الزوجية دونه مدة الحضانة، فإذا أسقط الزوج المطلق خياره بعدم إعداد المسكن المناسب المستقل لصغاره وحاضنتهم انقلب ذلك الالتزام التخييري إلى التزام بسيط غير موصوف له محل واحد هو استقلال المطلقة الحاضنة مع صغارها بمسكن الزوجية مدة الحضانة متى طلبت ذلك، ولا يثبت لهم هذا الحق من تاريخ إسقاط الزوج المطلق لخياره بل من تاريخ الطلاق، ذلك أن ما يترتب على هذا الإسقاط من قصر محل الالتزام على الاستمرار في مسكن الزوجية يكون له أثر رجعي بحيث يعتبر الالتزام بسيطاً منذ نشوئه له محل واحد هو مسكن الزوجية، لأن حق الخيار يُعد بمثابة شرط واقف متى تحقق انصرف أثره إلى الماضى.
ووفقا لـ"المحكمة" - وذلك الحق للصغار وحاضنتهم في الاستمرار في شغل مسكن الزوجية مصدره المباشر نص القانون في المادة 18 مكرراً ثالثاً سالفة البيان، وهو من النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام باعتبار أن الأحكام التي تنظم الأحوال الشخصية في مجموعها تتعلق بالنظام العام، لما للشخص ولأسرته من اتصال وثيق بكيان الجماعة، ويهدف المشرع من تنظيم أحكامها تحقيق المصلحة العامة ومن أخص هذه الأحكام تلك التي تتعلق بالحقوق والواجبات التي تنشأ من الأبوة ومنها النفقة بمختلف أنواعها، لأنها تستند إلى نصوص قاطعة في الشريعة الإسلامية فلا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو التحايل عليها.
لا يجوز للزوج المطلق التحايل على أحكام القانون
وتضيف: ومن ثم لا يجوز للزوج المطلق التحايل على أحكام القانون بهدف إسقاط حق الصغار وحاضنتهم في شغل مسكن الزوجية مدة الحضانة، وذلك بعد ثبوته لهم عن طريق التصرف بأي صورة للغير في هذا المسكن بغية التوصل إلى طردهم منه، دون أن يوفر لهم المسكن المستقل المناسب، فإن هذا التصرف لا يسري ولا ينفذ في حق الصغار وحاضنتهم متى كان لاحقاً على ثبوت حقهم في شغل مسكن الزوجية، وكان المتصرف إليه يعلم وقت إبرام التصرف بهذا الحق، وذلك لأنه يعد بمثابة اتفاق على مخالفة أحكام القانون الآمرة المتعلقة بالنظام العام، ويجوز إثبات ذلك التحايل بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن.