أصدرت محكمة النقض، حكماَ مهماَ رسخت فيه للعديد من المبادئ بشأن "دعاوى التعويضات"، قالت فيه: "للمالك إقامة دعواه بطلب التعويض عن ملكه الذي تم الاستيلاء عليه في أى وقت دون أن تسقط بالتقادم، كما أن دعوى الاستحقاق التي يرفعها المالك لاسترداد ملكه من غاصبه لا تسقط بالتقادم، إذ ليس لها أجل محدد تزول بانقضائه، لكون حق الملكية حقاً دائماً، لا يسقط بعدم الاستعمال، أياً كانت المدة التي يخرج فيها الشيء من حيازة مالكه، بل يظل من حقه أن يقيم دعواه بطلب هذا الحق، مهما طال الزمن، إلا إذا كسبه غيره وفقاً للقانون".
هل تسقط دعاوى التعويض عن نزع الملكية بالتقادم؟
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 14651 لسنة 78 القضائية – لصالح المحامى يحيى جاد الرب، حيث قالت المحكمة فى حيثيات الحكم أن المطالبة المالك بقيمة العقار محل الغصب تعتبر مطالبة بإلزام المدين الغاصب بتنفيذ التزامه بالرد بطريق التعويض في حالة تعذر التنفيذ عيناً، ذلك أن التنفيذ العيني هو الأصل، ولا يستعاض عنه بالتعويض النقدي إلا إذا استحال التنفيذ العيني، ومن ثم فإن دعوى المطالبة بقيمة العقار موضوع الغصب لا تسقط بالتقادم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بسقوط حق الطاعنين في إقامة الدعوى بالتقادم الطويل فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون.
كما أشارت المحكمة فى حيثياتها لحكم أخر صادر بجلسة 18 فبراير 2016 قالت فيه: "بمناسبة دعوى تعويض عن قيمة الأطيان التي استولى عليها الإصلاح الزراعي أن دعوى الاستحقاق التي يرفعها المالك لاسترداد ملكه من غاصبه لا تسقط بالتقادم، إذ ليس لها أجل محدد تزول بانقضائه، وبل يظل من حقه أن يقيم دعواه بطلب هذا الحق، مهما طال الزمن".
دعوى التعويض عن الاستيلاء على أراضى المواطنين لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن
ووفقا لـ"المحكمة" – فإن المحكمة الإدارية العليا قالت فى الطعن رقم 2148 - لسنة 34 قضائية بجلسة 16 فبراير 2002 إدارية عليا أن الدولة أكبر وأسمى من أن تتملك أرضى مواطنيها بوضع اليد ومن ثم لا تسقط دعاوي التعويض عن نزع الملكية للمنفعة العامة بالتقادم مهما طال الزمن، وأن الدولة ككيان مادي ومعنوي قائم بذاته، أكبر واسمي من أن تتملك أراضى مواطنيها بوضع اليد, ذلك أن علاقتها بمواطنيها تختلف عن علاقة مواطنيها بعضهم البعض، فما يجوز فى علاقات هؤلاء بعضهم البعض, قد لا يكون مقبولاً فى علاقات الدولة بمواطنيها خاصة وأن وضع اليد المكسب للملكية يشترط فيه توافر نية التملك لمدة 15 سنة متصلة.
الدولة أكبر وأسمى من أن تمتلك أراضى مواطنيها بوضع اليد
وبحسب "المحكمة" - فإن الحيازة وإن كانت تتمخض عن اكتساب ملكية الحقوق العينية الأصلية عن طريق التقادم, فإن ذلك يتم أحيانا من خلال اغتصابها عن طريق الحيازة ولا يقبل أن تكون يد الدولة يد غاصب وهى حارسة على أموال مواطنيها – وهو الأمر غير الماثل فى خصوصية الحالة موضوع التداعي, حيث قامت الدولة ممثلة في جهة الإدارة باتخاذ إجراءات نزع الملكية للمنفعة وهو إجراء منبت الصلة تماماً بموضوع وضع اليد المكسب للملكية هذا فضلاً عن أن إباحة مثل هذا التصرف للدولة يتنافى مع ما كفله الدستور في المادة 34 منه – وهو يأتي في أعلى مدارج السلم التشريعي فى الدولة من صون للملكية الخاصة ومن عدم مساس بها سواء بغرض الحراسة أو نزع ملكيتها للمنفعة العامة إلا وفقاً للقانون, وبحكم قضائي فى الحالة الأولى, ومقابل تعويض فى الحالة الثانية.
ومن جهة أخرى، فإنه إذا كان المشرع حظر تملك أموال الدولة العامة بالتقادم طبقاً لحكم المادة 87 من القانون المدني، وكذلك لا يجوز كسب أي حق عيني على أموال الدولة الخاصة بالتقادم طبقاً لنص المادة 970 مدني، فإنه ينبغي أن يقابل ذلك أيضاً حظر تملك الدولة لأموال المواطنين بنفس الوسيلة، الأمر الذي يغدو معه هذا الدفع في غير محله متعيناً من ثم القضاء برفضه.