أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – بمحكمة النقض – حكماَ يهم ملايين الأسر، وكذا ملايين الملاك والمستأجرين، بشأن تأجير الزوج لزوجته الشقة من الباطن، حيث رسخت فيه لعدة مبادئى قضائية، قالت فيه: "التزام الزوج شرعاً بإعداد مسكن الزوجية مقابل حقه على زوجته فى الاحتباس والقرار فيه، مؤداه لا تثريب عليه وفق المادة 29 من قانون 49 لسنة 1977 إن ترك العين لها، وقيام الزوج بتحرير عقد ايجار لزوجته اثناء استمرار العلاقة الزوجة لا ينهض دليلاً على مخالفة التأجير من الباطن".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 13445 لسنة 84 قضائية، برئاسة المستشار عبدالله عصر، وعضوية المستشارين عطية زايد، وخيرالله سعد، وعلاء أحمد، وأحمد الغايش، وبحضور رئيس النيابة محمد الجمل، وأمانة سر جبيلى سيد.
الوقائع.. نزاع حول تأجير الزوج للزوجة الشقة بإيجار من الباطن
في يوم 22 مايو 2014 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف طنطا – حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين والمطعون ضدهما الثانى والثالث بصفتهما الدعوى رقم 196 لسنة 2012 أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية انتهى فيها إلى طلب الحكم بفسخ عقد الايجار المؤرخ 1 أبريل 1957 والإخلاء، وقال بياناَ لذلك إنه بموجب هذا العقد استأجر مورث الطاعن الأول من مورثه الشقة محل النزاع، وإذ أجرها من الباطن لزوجته الطاعنة الثانية بالعقد المؤرخ 1 مارس 1975 بغير إذن صريح منه فقد أقام الدعوى.
في تلك الأثناء – أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين حكمت بالطلبات، استأنف الطاعن على هذا الحكم بالاستئناف رقم 1185 لسنة 46 ق طنطا، وبتاريخ 25 مارس 2014 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وحددت جلسة لنظره وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
تحرير عقد ايجار من الباطن لإدخال تليفون بالعين
المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن يكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأى منهما طلبات قبل الأخر امام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الأخر في طلباته، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الأول اختصم المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما أمام محكمة أول درجة واختصمهما الطاعنان أمام محكمة الاستئناف دون أن يوجها لهما طلبات ولم تصدر عنهما منازعة ولم يحكم لهما أو عليهما بشئ وكانت أسباب الطعن لا تتعلق بهما ومن ثم فإن اختصامهما في الطعن يكون غير مقبول.
ومما نعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ استند في ثبوت واقعة التأجير من الباطن وقضائه بالفسخ واخلاء الشقة محل النزاع إلى أقوال شاهدى المطعون ضده الأول وعقد الايجار من الباطن المبرم بين الطاعن الأول والطاعنة الثانية رغم نفى الواقعة على لسان الشاهدين وتحرير عقد ايجار من الباطن لإدخال تليفون بالعين وقيام رابطة الزوجية بين طرفى هذا العقد ووفاء الزوج بأجرة العين المؤجرة وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
قيام الزوج بتحرير عقد ايجار لزوجته اثناء استمرار العلاقة الزوجة لا ينهض دليلاً على مخالفة التأجير من الباطن
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن هذا النعى في محله، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن ثبوت أو نفى واقعة التأجير من الباطن يعتبر من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها على أن تقيم قضائها في ذلك على أسباب سائغة تكفى لحمله، كما أن النص في المادة 18/ ج من قانون ايجار الأماكن رقم 136 لسنة 1981 يدل على أن المشرع قد اشترط لتحقق سبب الإخلاء في هذه الحالة أن يصدر من المستأجر تصرف لازم له يكشف عن استغنائه عن حقه في الانتفاع المقرر بعقد الايجار إما بتنازله عن هذا الحق بيعاَ أو هبة أو تأجيراَ لهذا الحق إلى الغير من باطنه، ويكون ذلك باتخاذ تصرف لا تدع الظروف مجالاَ للشك في أنه استغنى عن هذا الحق بصفة نهائية أما ما عدا ذلك من التصرفات التي لا تعتبر عن تخلى المستأجر عن الانتفاع بالعين المؤجرة على نحو نافذ، ولازم بما يكشف عن تخلى الأخير عن حقوقه المستمدة من عقد الايجار إلى هذا الغير فكل ذلك لا يتحقق به هذا السبب من أسباب الأخلاء.
لما كان ذلك – وكان من المقرر أن الزوج هو الملزم شرعاَ بإعداد مسكن الزوجية وله على زوجته حق الاحتباس والفرار فيه وكان لا تثريب عليه إن ترك العين لها في معنى نص المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 فإن تحرير الزوج لزوجته المقيمة معه بالعين مع قيام الزوجية عقد إيجار من الباطن عن ذات العين لا ينهض بذاته دليلاَ على وقوع المخالفة ما لم تكن ملابسات وظروف الحال ترشح لقيام هذا الأمر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، واستدل على وقوع التأجير من الباطن من مجرد تحرير الزوج لزوجته عقد الايجار المؤرخ 1 مارس 1975 رغم قيام الزوجية بينهما واستمرار إقامتهما بالعين دون أن يقف على ما إذا كان هذا التأجير قد اشتمل على مقابل من عدمه أو يستظهر سبباَ لتحرير العقد في ضوء ما جرى على لسان الشاهدين، بأن التحقيق الذى أجرته محكمة أول درجة من أن الزوج حرر عقد الايجار من الباطن لزوجته لإدخال هاتف فإن الحكم يكون قاصراَ في التسبيب وشابه الفساد في الاستدلال، مما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة