بيشوى رمزى

الحرب على التطرف.. ماكرون أمسك بزمام القيادة

الأربعاء، 19 فبراير 2020 09:36 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إجراءات فرنسية، ربما تمثل سابقة في أوروبا، اتخذها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمحاصرة الخطاب المتطرف، والذى يمثل مخاطر متعددة الأبعاد، ربما أبرزها الجانب الأمني، في ظل امتداد التهديدات الإرهابية لتطال قلب دول القارة العجوز، وهو ما تجسد في السنوات الماضية في العديد من الهجمات التي استهدفت العديد من العواصم والمدن الأوروبية، وهو الأمر الذى قد يتفاقم في المستقبل القريب، مع زيادة الاحتقان في الشارع الأوروبى، وخاصة في فرنسا، جراء السياسات الخاطئة التي تبناها الساسة لعقود، تحت شعارات حرية الرأي والتعبير.

التحرك الفرنسي يمثل مبادرة، ربما تتبعها دولا أخرى، في القارة العجوز، تعكس نجاح ماكرون فى التلامس مع نبض الشارع الغربى، فى المرحلة الراهنة، بعد ما يقرب من ثلاثة أعوام منذ اعتلائه "عرش" الإليزيه، في 2017، ربما حاول خلالها تحقيق خطوات ملموسة على طريق الإصلاح الاقتصادى، سواء في داخل فرنسا، أو على المستوى القارى، بينما كانت الاحتجاجات، التي هيمنت عليها حركة "السترات الصفراء"، والمدعومة من قبل تيارات اليمين المتطرف، هي السمة الرئيسية التي ميزت حقبته حتى الآن.

توجه ماكرون نحو السيطرة على ما يسمى بـ"الإسلام السياسى"، يحمل مسارين مزدوجين، أولهما في الداخل، عبر السيطرة على الخطب الدينية في المساجد، وتدريب الأئمة والتأكد من اعتدال توجهاتهم، من جانب، بينما يبقى المسار الأخر، مرتبطا بالخارج، وهو ما أعرب عنه الرئيس الفرنسي عند حديثه عن الدور التركى في نشر الأئمة المتطرفين، ليكون ذراعا يمكن للنظام الحاكم في أنقرة استخدامه في المستقبل لتحقيق أهدافه، فيما يمثل تهديدا صريحا ليس فقط لأمن فرنسا، ولكن أيضا لأوروبا بأسرها.

وهنا يمكننا القول بأن الإدارة الفرنسية، ربما أدركت، وإن كان متأخرا بعض الشيء، الأخطاء الكبيرة التي سقطت فيها أسلافها، والتي سعت نحو التقارب مع دولا داعمة للإرهاب، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها قطر وتركيا، وذلك في إطار سياسة عامة تبناها "المعسكر الغربى"، لدعم نفوذ تلك الدول، ومن ورائها الميليشيات الداعمة لها، لتمكينها، في نهاية المطاف من السيطرة على السلطة في كافة دول المنطقة، مما يفتح الباب أمام تقسيمها، فيما يسمى بمخطط "الشرق الأوسط الجديد"، إلا أنها في النهاية ربما جنت ثمار تلك السياسة، في صورة ألاف اللاجئين، وعمليات إرهابية راح ضحيتها مئات المواطنين، بالإضافة إلى حالة عامة من الغضب الشعبى، يصل إلى درجة التمرد غير المسبوق، في أوروبا، على الساسة أصحاب التوجهات الليبرالية، والتوجه يمينا.

يبدو أن ماكرون أدرك حقيقة مفادها، أن كسر شوكة تيارات اليمين المتطرف يرتبط بصورة مباشرة بكسر الأصوات المتطرفة في الداخل الفرنسي، وتقويض أي نفوذ تحظى به الدول الداعمة لهذه الأصوات في فرنسا، خاصة وأن شعبية منافسته السياسية مارين لوبان، تشهد صعودا كبيرا في الوقت الذى تتقلص فيه شعبية الرئيس، وذلك قبل عامين تقريبا من انتخابات الرئاسة الفرنسية، والتي من المتوقع أن تشهد صراعا حامى الوطيس بينهما، ليكون تكرارا لجولة الإعادة التي شهدتها باريس في 2017.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة