ربما تكون قضية عذاب القبر، إحدى القضايا الخلافية بين العلماء على مدار تاريخ الدعوة الإسلامية، فهناك من يراها حقيقة لا تقبل التشكيك، بينما يرى آخرون أنها ليس هناك تأكيد عليها، بينما ينكره البعض الآخر، وكان الدكتور أحمد عكاشة، رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي، أثار الجدل مؤخرًا بعدما نفى وجود ما يسمى بعذاب القبر، قائلاً: "الناس اللي بتقول عذاب القبر، مفيش حاجة بالشكل ده".
وخرج مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، وأكد أن عذاب القبر قائم وكان النبى -صلى الله عليه وسلم- يتعوذ من فتنة القبر، والوحيد الذى ينجيه الله من عذاب القبر هو الشهيد ينجيه الله -عز وجل- من عذاب القبر.
ولعل عذاب القبر كان أحد الخلافات الظاهرة بين الفرق الكلامية في الإسلام، فبحسب موقع الفتاوى الإسلامية "الدرر السنية" فإن أكثر الخوارج تنكره، وتزعم أنه غير صحيح ولم يلتفتوا إلى ما جاء فيه من الأحاديث الصحيحة التى تؤكد ثبوته.
وأما الإباضية فإنهم غير متفقين على نفى عذاب القبر أو ثبوته، بل انقسموا إلى فريقين، فريق يقول بثبوته وآخر ينفيه، وهذا ما يذكره النفوسى بقوله:
وأما عذاب القبر ثبت جابر وضعفه بعض الأئمة بالوهن
وأما ورود الناس للنار إنه ورود يقين العلم واللمح بالعين (3)
وأما مذهب "السلف" فى عذاب القبر فهو الاعتقاد بأن ذلك كائن لا محالة، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق، وأن الشخص يعذب فيه أو ينعم على هيئة لا يعلمها إلا الله تعالى وحده، وهذا العذاب هو جزء يسير من عذاب يوم القيامة كما قال تعالى فى ثبوت ذلك عن آل فرعون: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَاب [غافر: 46].
بينما يرى أغلب "المعتزلة" أن عذاب القبر يقع بعد القيام في الموت يوم الحساب، ويقوله كثير من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم، الذين يقولون: لا يكون ذلك في البرزخ, وإنما يكون عند القيام من القبور، وتقول أحد الآراء: " إن البرزخ ليس فيه نعيم ولا عذاب، بل لا يكون ذلك حتى تقوم القيامة الكبرى"، وهو أيضا ما يتفق مع الجهمية.
أما "الماتريدية" فيروا أن عذاب القبر من الأمور التي يجزم العقل بإمكانها، لكن لا طريق للعقل إلى الحكم بثبوتها، مثل مثل: "النبوات، وأمور الآخرة، علما بأن بعضهم جعل النبوات من قبيل العقليات".
أما "الأشاعرة" فمثل الكثير من أهل السنة والجماعة ممن يعتقدون بعذاب القبر، وقال أبو الحسن الأشعري في الإبانة: "وقد أجمع على ذلك – أي عذاب القبر ونعيمه - الصحابة والتابعون رضي الله عنهم أجمعين "، وممن نقل الإجماع أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة