يعد علم اجتماع المعرفة، فرع جديد في مجال علم الاجتماع، وطور وأصبح على ما هو عليه فى نحو أربعينيات القرن العشرين، وفى هذا العلم، يعد العقل الإنسانى، طبقاً لمسلماته الجوهرية، ليس مرآة معصومة عن الخطأ، وإنما الأداة التى وضعت بيد الإنسان لمساعدته فى النضال من أجل الوجود، وهو ما تناوله الدكتور على الوردى فى كتاب "فى علم اجتماع المعرفة".
"فى علم اجتماع المعرفة.. تحليل سوسيولوجى لنظرية ابن خلدون"، صدر عن دار المدى العراقية كتاب وهي الأطروحة التي قدمها عالم الاجتماع علي الوردي إلى جامعة تكساس للحصول على شهادة الدكتوراه في يونيو 1950، وقامت بترجمتها د. لاهاي عبد الحسين.
كتاب فى علم اجتماع المعرفة
كان الوردي متأثرا بمنهج ابن خلدون في علم الاجتماع، فقد تسببت موضعيته في البحث بمشاكل كبيرة له، لأنه لم يتخذ المنهج الماركسي ولم يتبع الأيدلوجيات (الأفكار) القومية فقد أثار هذا حنق متبعي الأيدولوجيات فقد اتهمه القوميين بالقطرية لأنه عنون كتابه" شخصية الفرد العراقي" وهذا حسب منطلقاتهم العقائدية إن الشخصية العربية متشابهة في كل البلدان العربية، وكذلك انتقده الشيوعيون لعدم اعتماده المنهج المادي التاريخي في دراسته.
"يظهر الوردي في هذه الأطروحة النظرية التي قدم وفسر وحلل فيها نظرية ابن خلدون، قدرته المتميزة لتطوير جدله الفكري وتطوير أفكاره ليجعل منها أنموذجاً يحتذى به لهذا النوع من الأعمال" وتضيف المترجمة أن هذا الكتاب يسلط الضوء على مرجعيات علي الوردي التي ضمت نخبة ممتازة من علماء الاجتماع والتاريخ الغربيين وعددا من المفكرين العرب.
وتتناول الأطروحة كيف بدأ وتنامى الميل الثنائي في التفسير والتحليل لدى الوردي، كما في "الحق" و"الجبروت"، أو "الدين" و"السياسة"، و"المثالي" و"الواقعي"، و"الديني" و"الدنيوي" و"علي" و"عمر"، إلخ، وتسلط الضوء على مرجعياته النظرية التي ضمّت نخبة من علماء الاجتماع والتاريخ الغربيين وعدداً من المفكرين والكتاب العرب.
ويأخذ هذا العمل، كما يظهر عنوانه الفرعي، دراسة في علم اجتماع المعرفة، ابن خلدون نقطة مرجعية في القضية، فقد درس ابن خلدون بصورة رئيسية لإظهار كيف أن نظريته والنظريات التي أُنتجت في ثقافته يمكن أن تنسجم في مخطط عام لعلم اجتماع المعرفة، كما تم تطويره من قبل علماء الاجتماع المحدثين.