أكد خبراء أن انتشار فيروس كورونا، على مستوى العالم سيكون له تأثيرات اقتصادية ضخمة، خاصة على الصين التى تعتبر أكثر الدول المتضررة من هذا الفيروس المستجد، حيث أكدت الدكتورة جيهان عبد السلام، الأستاذ بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، أن الصين تعتبر أحد أهم القوى الاقتصادية العظمى، حيث أنها ثاني أكبر اقتصاد عالمى بعد اقتصاد الولايات المتحدة، وأكبر دولة تجارية وأكبر مصدر وثانى أكبر مستورد فى العالم؛ وهو ما يعكس مدى أهمية هذا الاقتصاد ضمن أكبر اقتصادات العالم .
وأضافت "عبد السلام"، لـ"اليوم السابع"، أن المجتمع الصينى تعرض فجأة لفيروس الكورونا المميت، وعلى الرغم من الجهود الصينية لمواجهة الفيروس، إلا أن الأزمة مازالت تتصاعد وبقوة ليس فقط فى الصين، بل فى معظم دول العالم، وهو ما يجعلنا نسلط الضوء على انعكاسات تلك الأزمة الصحية على الوضع الاقتصادى الصينى والعالمى.
وأشارت الأستاذ بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، إلى أنها ليست المرة الأولى التى تتعرض لها الصين لوباء صحى يؤثر سلباً على اقتصادها، ففى عام 2003 تعرضت الصين إلى وباء السارس الذى أدى إلى تراجع معدل النمو الاقتصادى فى الصين بشكل مؤقت، فى الوقت الذى كانت فيه تمثل 15% من الناتج العالمى، أما الآن فهى تمثل 65%؛ وبالتالى سيكون تأثير الوباء الجديد أقوى من السارس .
وأوضحت أنه على المستوى الصينى، أدى انتشار الفيروس إلى إغلاق العديد من المتاجر، والحدائق والمتنزهات العامة كذلك دور السينما، مما أدى إلى توقف مصادر الدخل لعدد كبير من الصينين العاملين بتلك القطاعات، كما أن قطاعات التجزئة والخدمات ستعانى من تباطؤ حاد فى الاستهلاك المحلى، إضافة إلى أن هناك تهديد كبير بوقف النشاط الصناعى، فضلاً عن الخسائر المالية الناجمة من توقف الرحلات الجوية والبرية؛ الأمر الذى يصب فى ارتفاع معدلات البطالة وتزايد خسائر القطاعات الاقتصادية الفاعلة فى الصين، فضلاً عن تزايد الأعباء على الميزانية العمومية الصينية خاصة مع تخصيص الحكومة ما قيمته 6,12 مليار دولار للانفاق على العلاج من الفيروس.
ولفتت الدكتورة جيهان عبد السلام، إلى أنه على المستوى العالمى، تعتمد سيناريوهات تداعيات الفيروس على الاقتصاد العالمى على درجة تفاقمه وتفشيه، كما سيرتبط أيضا بمدى ارتباط اقتصادات العالم بالاقتصاد الصينى، فكلما زاد هذا الترابط زاد التأثير السلبى على اقتصاداتهم ولكن سيكون التأثيرالأهم للأزمة هو من خلال تراجع الطلب الصيني على عدد من السلع الأساسية؛ وعلى رأسها النفط والمعادن، فتراجع الطلب الصيني على النفط سيقود بالضرورة إلى تراجع في متوسط أسعار النفط، ومن ثَمَّ التأثير في حجم إيرادات الدول المصدِّرة للسلعة وخاصة دول الخليج العربى، وعلى حجم نمو الاقتصاد العالمى ككل.
وتابعت الأستاذ بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة: اضطر عديد من الشركات العالمية العاملة داخل الصين إلى تعليق أنشطتها في هذا البلد؛ ومن أهمها شركة “تويوتا” اليابانية العملاقة لصناعة السيارات، وشركة “آبل” الأمريكية للإلكترونيات، مما سوف يؤثر سلبا على أداء تلك الشركات العالمية، ما يعنى فقدان وظائف وتباطؤ فى النمو وانخفاض العملات الأجنبية المحولة إلى البلاد، كما أنه يعنى توقف فى عجلة الانتاج، والتأثير السلبى على حركة وتدفق التجارة العالمية، يضاف إلى ذلك تأثر البورصات الآسيوية بالتراجع فى بورصة بكين، الأمر الذى سوف ينتقل أثاره السلبية إلى العديد من البورصات العالمية المرتبطة بتلك البورصات الآسيوية، وهو ما أكدته وكالة بلومبرج العالمية التى توقعت دخول الاقتصاد العالمى فى حالة ركود، حيث من المتوقع أن ينخفض معدل نمو الاقتصاد العالمى إلى 8,2% بدلاً من 1,3% وهو أقل معدل نمو منذ عام 2009، كما سوف يتراجع معدل النمو الصينى إلى 4% بدلاً من 2,5% وهو أقل معدل نمو للصين منذ 1990 .
بدوره أكد محمد محمود، الباحث في كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، أن أزمة فيروس كورونا بلا شك أثبتت صحة العولمة الاقتصادية، وأن الدول وحتي الأفراد تتأثر بما يجري في العالم، بل وقد يتأثر الفرد تأثيرا مباشرا في حياته اليومية، لافتا إلى أن الخطر الأكبر علي الدول النامية والتي ربما تخفي ظهور المرض لأسباب سياسية أو اقتصادية أو حتي انتشار المرض دون معرفة السلطات الصحية المختصة، مما يعني كوارث اقتصادية واجتماعية على البشرية.
وقال الباحث في كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، إن الصين تعد أكبر مصدر في العالم وبلا شك ستتأثر التجارة الدولية، فهناك مخاوف من انهيار الاقتصاد العالمي، موضحا أن الصين قد تكون قادرة على تجاوز الأزمة نسبيا، فيما يري بعض المختصين صعوبة الوضع الحالي، ويرون أن الأزمة لن تحل بسهولة ولكن التحدي الحقيقي هو انتشار الفيروس في العالم وضمان عدم تكراره مرة أخري، كما يوجد صعوبات عديدة في انتقال وفحص البضائع، فمن الممكن تشكل خطورة علي رفع الأسعار وخصوصاً في ظل اعتماد بعض الدول علي السلع الصينية وخصوصاً الدول النامية .
وأشار إلى أن الأسهم الأوروبية انخفضت بنحو 1.5 تريليون دولار في أسوأ أداء لها منذ الأزمة المالية في 2008، حيث أدى الانتشار السريع لفيروس كورونا خارج الصين إلى عمليات بيع مطردة تخوفا من ركود اقتصادى، كما أن الفيروس أصبح يمثل تهديد مباشر علي حركة السياحة والسفر في العالم، وبالطبع كان لذلك اثرعلي السياحة في الشرق الاوسط وبالتحديد في المملكة العربية السعودية عبر تنظيم رحلات الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية، مما سيؤدي إلي تأثر الاقتصاد السعودي، حيث بلغت إيرادات موسم الحج في 2017 وفقاً لبيانات الغرفة التجارية والصناعية بمكة المكرمة بين 20 و26 مليار ريال، كما يساهم زوار السياحة الدينية في السعودية في انتعاش الأسواق المحلية، حيث يخصص إنفاق الحجاج في أغراض السكن والنقل والمواصلات والهدايا والغذاء، كما من المتوقع أن تتجاوز إيرادات الحج 50 مليار ريال سنوياً وفقاً لرؤية السعودية 2030 .