نواصل مع المفكر العربى الكبير جواد على (1907 – 1987) قراءة التاريخ العربى القديم وقبائله، وذلك من خلال كتابه المهم (المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام) وسؤال اليوم: هل سمعت عن قبيلة "سخيم"؟
يقول جواد علي:
من القبائل فى هذا العهد قبيلة "سخيم" وكانت تتمتع بمنزلة محترمة ومكانة مرموقة، ولها أرضون تؤجرها لمن دونها من القبائل بجعالة سنوية وخدمات تؤديها لسادات هذه القبيلة، وتعد منطقة "شبام سخيم" الموطن الرئيسى لـ"بنى سخيم"، وقد تحدث "الهمدانى" عن "شبام سخيم"، فقال: "ومن قصور اليمن شبام سخيم، وكان فيها السخيميون من سخيم بن يداع بن ذى خولان ... وبها مآثر وقصور عظيمة، ومن شبام هذه تحمل الفضة إلى صنعاء، وبينهما أقل من نصف نهار"، فجعل "الهمدانى" "السخيميين" من "ذى خولان"، وقد أخذ هذا النسب من موقع أرض "سخيم" التى تقع فى أرض "خولان"، فصار هذا نسبًا للسخيميين على مرور الأيام.
ويضيف جواد على كان لـ"بنى سخيم" سلطان واسع فى "شبام سخيم"، ولهم فى هذا الموضع "مزود" يجتمعون فيه، ويتداولون فى تصريف أمورهم فى السلم والحرب، وكان منهم "أقول" "أقيال" حكموا قبائل أخرى. وقد قام رجالهم بأعمال عمرانية مثل: فتح طرق، وحفر قنوات ومسايل للمياه، يساعدهم عليها أتباعهم من "بنى سخيم"، ومن القبائل الأخرى التى كانت نزولًا عليهم، ولتغلب "سخيم" على موضع "شبام"، عرف باسمهم تمييزًا له عن مواضع أخرى عرفت أيضًا باسم "شبام".
وقد وصلت إلينا أسماء طائفة من سادات "سخيم"، قاموا بأعمال عمرانية دونوها فى كتاباتهم، أو ساعدوا أتباعهم على القيام ببعض الأعمال العمرانية، فذكروا أسماءهم لذلك اعترافًا بفضلهم عليهم، ومن هؤلاء شيخ اسمه "يشرح آل أسرع" "يشرع إيل أسرع" وكان رئيسًا على سخيم. وعثر على اسمه فى عدد من الكتابات وجدت فى "الغراز"، وجد فى إحداها أنه ساعد قبيلة سقط اسمها من النص "وكانت تابعة لبنى سخيم" على بناء "مزود" لها، فذكر اسمه لذلك فى الكتابة اعترافًا بفضله على أصحاب النص.
ومن سادات ورؤساء "سخيم" "الرم يجعر" "الريام يجعر" "الريم يجعر"، وكان "قولًا" قيلًا على "سمعى"، التى تكون ثلث "حجرم" فى أيام الملك "وتر يهامن" "وتر يهأمن"، وهو ابن الملك "الشرح يحضب" ملك سبأ وذى ريدان، وقد أرسله الملك لمحاربة "خولان جددن"، أى خولان النازلة بـ"جددن" "جددان"، فانتصر عليها وعلى من انضم إليها، كما يدعى النص الذى سجله هذا القيل.
وكان لـ"سخيم" سلطان على فرع من قبيلة "سمعى"، هو الفرع الذى استقر فى "حجر"، وقد اختار له "أقوالا" أقيالًا من "بنى سخيم"، ولعل هذا الفرع ترك موطنه الأصلى لخصام وقع له مع بقية فروع "سمعى"، فهاجر إلى هذا الموضع، ونزل فى جوار "سخيم"، وعد منهم، وحكمه لذلك أقيال من سخيم، ويجوز أن يكون هؤلاء السمعيون هم سكان هذه المنطقة فى الأصل، إلا أن "سخيمًا" تغلبوا عليهم، وصارت لهم الإمارة فى "شبام"، فصار "سمعى حجر" أتباعا لهم، والظاهر أن "حجر" كانت تعد ملك "سخيم" أو تابعة لسلطانهم السياسي؛ ولذلك كان أقيال "اليرسميين" من "بنى سخيم" كذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة