ماذا لو لم يقر البرلمان الموازنة العامة للدولة؟ سؤال يتردد على ألسنة البعض فى ظل مخاوف من عدم انعقاد البرلمان بسبب الظروف الاحترازية فى مواجهة انتشار فيروس كورونا، ويطرح البعض حلا متمثلا فى المادة 115 من قانون إعداد الموازنة والتى تنص على العمل بموازنة العام الماضى، إذا لم يقر البرلمان موازنة العام.
ولمن لا يعرف، فإن هذه المادة من قانون الموازنة كانت تطبيقا لدستور 71 فى مادته 115 التى نصت على،"يعرض مشروع الموازنة العامة على مجلس الشعب قبل شهرين على الأقل من بدء السنة المالية، ولا تعتبر نافذة إلا بموافقته عليها مادة ويتم التصويت على مشروع الموازنة بابا بابا وتصدر بقانون، ولا يجوز لمجلس الشعب أن يعدل مشروع الموازنة إلا بموافقة الحكومة، وإذا لم يتم اعتماد الموازنة الجديدة قبل السنة المالية عمل بالموازنة القديمة إلى حين اعتمادها ويحدد القانون طريقة إعداد الموازنة، كما يحدد السنة المالية".
وفى دستور 2014 ، تم تعديل المادة 115، وحذف عبارة إذا لم يتم اعتماد الموازنة الجديدة قبل السنة المالية عمل بالموازنة القديمة، وأصبح نص المادة 115 من الدستور الحالى:"يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد للدور العادى السنوى قبل يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر، فإذا لم تتم الدعوة، يجتمع المجلس بحكم الدستور فى اليوم المذكور، ويستمر دور الانعقاد العادى لمدة تسعة أشهر على الأقل، ويفض رئيس الجمهورية دور الانعقاد بعد موافقة المجلس، ولا يجوز ذلك للمجلس قبل اعتماد الموازنة العامة للدولة"
يقول الدكتور صلاح فوزى أستاذ القانون الدستورى، إن الدستور الحالى نص فى المادة 224 على أن كل القوانين تبقى نافذة إلى أن تعدل وفقا للدستور، أو تلغى، حيث نصت على: "كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور، يبقى نافذاً، ولا يجوز تعديلها، ولا إلغاؤها إلا وفقاً للقواعد، والإجراءات المقررة فى الدستور، وتلتزم الدولة بإصدار القوانين المنفذة لأحكام هذا الدستور"
وأشار إلى أن قانون إعداد الموازنة ينص فى المادة "17" على العمل بالموازنة السنة الماضية، إذا لم يتم إقرار الموازنة من البرلمان، حيث نصت على "إذا لم يصدر قانون الموازنة قبل بدء السنة المالية يتم الصرف في حدود اعتمادات موازنة السنة المالية السابقة إلى حين اعتمادها"، مضيفا أن قانون إعداد الموازنة نافذ بموجب المادة 224 من الدستور.
وتابع الدكتور صلاح فوزى، قائلا: "صحيح أن المادة 17 من قانون إعداد الموازنة ليس لها ظهير دستورى، لكنها ليست مخالفة للدستور ولا تناقضه، لأن الدستور لم ينص على انه إذا لم يقر البرلمان الموازنة لا يعمل بموازنة العام السابق، وبافتراض أن المجلس تأخر فى إصدار قانون الموازنة بعد 1/7 لا توجد فى رأيى أى إشكالية فى أن يصدرها بعد شهر يوليو، مستندا على المادة 17من قانون الموازنة.
وأضاف، "الدستور صمت ولم يتحدث عن العمل بالموازنة القديمة..فهل أمام صمت الدستور المشرع العادى لا يمكن أن يتدخل؟"، مؤكدا انه يرى أن المشرع يجب أن يتدخل والمحظور عليه أن يخالف نص سريع فى الدستور، وأن المادة 17 من قانون إعداد الموازنة هى مادة نافذة لأنها لم تلغى ولأن المحكمة الدستورية لم تقضى بعدم دستوريتها، ولأن المادة 224 هى الحامية لها، حيث قالت أن كل القوانين التى صدرت قبل العمل بالدستور تظل نافذة إلى أن يتم تغييرها.
واستكمل الفقيه الدستورى حديثه قائلا، "فى رأيى أن نص المادة 115 من دستور 71 ، كانت أفضل من نص المادة الحالية لأنها كانت تعطى ظهير دستورى للمادة 17 من قانون الموازنة"، لافتا إلى أن الموازنة أهم موضوع يتم نظره فى البرلمانات وتحتاج لمناقشات وتأنى والشئون المالية هى بداية نشأة البرلمان وليس الشئون التشريعية أو الرقابية.
وأوضح إنه فى حالة صمت النصوص الدستورية والقانونية، يلزم أن تكون الجهة المسئولة عن التنفيذ، أن تكون مزودة بصلاحيات تبنى على روح الدستور مقاصد المشرع، وبالتالى "الحكومة تقول هانفذ الموازنة القديمة إلى أن يتم إقرار الموازنة الجديدة"، مؤكدا أن هذا الأمر لا يهدد موازنة الدولة بعدم الدستورية، لأن القانون يكون فيه شبهة عدم دستورية فى ثلاث حالات، الأولى مخالفة الأحكام الموضوعية، أى من يخالف نص، والحالة الثانية مخالفة الاختصاص الدستورى مثل أن يقوم رئيس الجمهورية بإصدار قانون بين ادوار الانعقاد للبرلمان، والثالثة مخالفة الإجراءات الدستورية وهو مخالفة الشكل مثل عدم نشر القانون فى الجريدة الرسمية.
وأشار إلى انه فى الظروف الطارئة تعلو المصلحة العامة للدولة على النصوص التى يهدد تنفيذها وقف عمل سلطات الدولة لذلك الظروف الاستثنائية، يقول الفقه العالمى يمكن تجاوز النص ويمكن ان يتقرر اختصاص خارج النص.
من جانبه قال النائب إيهاب الطماوى وكيل اللجنة التشريعية ، "الدستور الحالى كان يجب أن تختلف الصياغة فيه عن دستور 71 فى شأن مشروع الموازنة والتعامل معها والبدائل المتاحة، نظرا لاعتماد الدستور الحالى على النظام الرئاسى البرلمانى الذى يعتمد فى جزء منه على منح الحكومة الثقة بناء على برنامج يتم مناقشته وتعديله، ثم التصويت على منح الحكومة الثقة، وبالتالى فان برنامج الحكومة يكون مرتبطا ارتباطا لا يتجزأ بمشروعات قوانين الموازنة عن كل عام مالى عن المدة التى منح المجلس الحكومة الثقة عنها".
وأضاف "الطماوى"، حكومة الدكتور مصطفى مدبولى حازت على ثقة البرلمان فى يونيو 2018 حتى 30يونيو 2022 ، وبالتالى مشروعات قوانين الخطة والموازنة التى تقدمها الحكومة للبرلمان سنويا ترتبط ارتباطا مباشرا بخطة عمل الحكومة التى ناقشها البرلمان، وتابع، " هذا ما يؤكد أن المشرع الدستورى كان على إدراك تام بالنظام السياسى الذى تبناه دستور 2014 والنتائج المترتبة على هذا النظام فى علاقة مؤسسات الدولة الدستورية وعلاقتها مع بعض فى ضوء الفصل المرن بينها".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة