إن القرآن الكريم يؤكد لنا أن هناك علما لمخلوقات الله لا نعلمه نحن البشر، وإنها تستطيع أن تميز وتعقل، وأنها وإن كانت مخلوقة بالغريزة، إلا أن الله عز وجل أعطاها ما يمكنها من أداء مهمتها فى الكون، وإياك أن تعتقد أن هذه المخلوقات التى تراها أقل منك إدراكا أو وعيًا، فقد تكون هذه المخلوقات أوفى منك علمًا، هذا ما جاء فى كتاب "نهاية العالم" للشيخ محمد متولى الشعراوى.
كتاب نهاية العالم
وأوضح الشيخ متولى الشعراوى، أن النملة عقلت أنه إذا مر جنود سليمان فإنهم سيحطون مملكة النمل، ولذلك صاحت محذرة باقى النمل بأن يدخلوا مساكنهم التى يأوون فيها هربا من الإنسان حتى ينجو من التحطيم كما جاء فى قوله سبحانه وتعالى "حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ" 18 سورة النمل.
وتساءل كتاب نهاية العالم كيف عقلت هذه النملة أن الذى يمر هو سليمان عليه السلام وجنوده؟! ومن أين علمت ذلك؟! وكيف عقلت أن سليمان وجنوده إذا مروا فإنهم سيحطمون وادى النمل؟! وكيف عرفت وعقلت أن النمل إذا دخل مساكنه فإنه سينجو من التحطيم ؟ لابد أن يكون للنمل علم أو عقل هو الذى جعله يفهم كل هذا، نحن لا ندرى كل هذا بل ونحتقر النملة لصغر حجمها وسهولة القضاء عليها.
وأضاف الشيخ محمد متولى الشعراوى، كما نجد ما قاله الهدهد لسليمان عليه السلام كما يحكى القرآن الكريم "فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26(" سورة النمل.
وتساءل كتاب نهاية العالم كيف أحاط الهدهد بما لم يحط به سليمان الذى أوتى ملكا لم يؤته أحد من البشر؟، ومن الذى أخبر الهدهد أن هذه أرض سبأ، وأن الذى يحكم هذه البلاد امراة، وأنها ملكة وأن لها عرشًا عظيمًا، وأنها وقومها يعبدون الشمس من دون الله وأن هذا الكفر، وإن الشيطان هو الذى زين لهم ذلك وصدهم عن سبيل الله ولذلك فهم لا يهتدون؟!.
ويكمل الشيخ الشعراوى، من الذى عرف الهدهد أن العبادة لله وحده وأن الله له ملك السموات والأرض إلى آخر ما تقوله لنا هذه الأية الكريمة، كيف عقل الهدهد ذلك بينما نقول نحن عنه أنه لا عقل له!! كيف عرف كل هذه المعلومات وأن هذه الأرض اسمها مملكة سبأ.
وأكد كتاب نهاية العالم فإذا كان ذلك مع الحيوان والطير والحشرات، فإن الأرض أيضًا والسماوات تسمعان وتنطقان ففى قوله تعالى ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) آية 11 سورة فصلت.
وأوضح كتاب نهاية العلم، أن لله سبحانه وتعالى كلم السماوات والأرض وردت عليه السموات والأرض بعد أن سمعت كلام الله عز وجل، وفى قوله تعالى "إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5)" الإنشقاق، ومعنى قوله تعالى "وأذنت" أنها سمعت بأذنها أين نحن من هذا العلم الانهائى فى هذا الكون؟ إذا كان الله سبحانه وتعالى قد بين لنا بعض قوانين كونه، إذا تأملنا هذه الآيات الكريمة نجد أن فى الكون علما لا نهائيا محجوبا عنا، وإن ما نعلمه هو أقل القليل.