حاول أن يختار شيئا فى حياته من تلك الأشياء التى فقدها قسرًا، ربما الشهرة التى جانبته وهو يستحقها، أو البطولة التى ذهبت لآخرين أقل موهبه وإبداعًا، أو الأمان والستر الذى غاب عنه فى حياة بائسة حتى لحظات النهاية، هنا نتحدث عن الفنان الكبير محمد كمال المصرى، وهو اسمه الحقيقى الذى لا يعرفه، رغم انه قدم 120 فيلمًا سينمائيًا، وعدد من المسرحيات، وهو "شرفنطح"، الذى نستعرض لمحات من حياته خلال السطور المقبلة.
شرفنطح
فى كتاب "أبيض و أسود" للكاتب أشرف بيدس، محمد كمال المصرى صنع تاريخه من فتات الأدوار الثانوية التى قد لا تلقى بالاً من البعض، لكن تناولها من خلاله أكسبها قيمة شغف المتابعة والاندهاش بتفاصيلها الحركية والأدائية، لتترسخ فى وجدان الجاهير، وهو الأمر الذى لم ينجح فيه الكثيرون، ومن هنا يأتى التميز والموهبة.
تنبه محمد كمال المصرى لموهبته فى سن صغير، واضطرته الظروف للعمل بلياتشو فى سيرك متجول بالنجوع والأقاليم والكفور، محاولا زرع البسمات على وجوه الصغار والكبار وحصد القليل من الامتنان وإن غاب كثيرًا، ولأنه كان مولعا بسلامة حجازى فقد أجاد تقليده حتى التحق بفرقته، ومنها اتجه لفرقة سيد درويش ثم فرقة جورج أبيض، وعندما قذفت به مقاديره إلى نجيب محفوظ ليعمل معه، كما جاء فى كتاب أبيض وأسود، كان القاء الأول عاصفًا وغير مرض، ولم يحدث أى انسجام بينهما، مما دعاه للبحث عن فرقة أخرى.
بعد فترة من التجوال والتنقل قرر إنشاء فرقة تحمل اسمه، ولما ذاع صيته بدأت السينما تفتح أبوابها، وكان أول أفلامه "سعاد الفجرية"، وذلك كان فى عام 1928م، والغريب أن الريحانى لم يجد خير منه ليشاركه أعماله، وكأنه اعتذار منه واعتراف بموهبته، وعمل معه فى ثلاثة أفلام"سلامة فى خير، وسى عمر، وأبو حلموس".
شرفنطح مع نجيب الريحانى
فى نهاية حياته أصيب بالربو، ليرحل دون شعور أحد وكعادة هذا الجيل يموت فقيرًا، رغم أنه شارك فى عدد كبير من الأعمال ، التى ستظل خالدة فى تاريخ السينما والمسرح، تحت ختم "شرفنطح".
شرفنطح فى أواخر أيامه
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة