أصدرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" والبنك الدولي بالتعاون واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي اليوم سلسلة من الإرشادات التوجيهية فيما يتعلق بإعادة فتح المدارس بشكل آمن في ظلّ موجة الإغلاقات المستمرة.
وتحذّر التوجيهات الجديدة من أنّ إغلاق المرافق التعليمية التي طالت 1.3 مليار طالب في العالم، بأنه ينطوي على خطر غير مسبوق يحدق بتعليم الأطفال وضمان عافيتهم، وخاصة الفئات الأضعف منهم لاعتمادهم على المدارس للانتفاع بالتعليم والحصول على عناية صحيّة جيّدة والعيش ببيئة آمنة والحصول على تغذية سليمة.
ووفقا لذلك قدمت المنظمات الأممية بعض الإرشادات التوجيهية كإجراءات عمليّة يمكن للسلطات المحلية والوطنية الاسترشاد بها من أجل الحفاظ على سلامة الأطفال عند عودتهم للمدارس .
قالت أودري أزولاي، المديرة العامة لليونسكو، "لِما كان لطول فترة إغلاق المدارس من ضررٍ على تقدّم العديد من الطلاب في مسيرتهم التعليمية، فقد بات من الضروري إيلاء الأولوية للبتّ في موعد وآلية إعادة فتح المدارس بالرغم من أنّ ذلك ليس بالقرار اليسير. ولذلك لابد من وضع سلسلة متكاملة من التدابير الاحترازية للحكومات وأولياء الأمور لتيسير عملية إعادة فتح المدارس ".
ومن ناحيته، صرّح خايمي سافيدرا، مسؤول ملف التعليم لدى البنك الدولي، قائلاً: "بمجرد المباشرة في إعادة فتح المدارس، ستتمثّل الأولوية في إعادة دمج الطلاب في بيئة مدرسيّة آمنة وبطرق تتيح ازدهار التعلم من جديد، مع التركيز على الفئات التي تكبّدت القسم الأكبر من الخسائر التعليمية. قائلا "إنّها للحظة حاسمة حيث نهمّ فيها للعودة إلى الوضع الطبيعي بروح جديدة تتطلب منا قدراً أكبر من الفعالية والإنصاف، وسعياً لإتمام هذه الخطوة على أكمل وجه، لا بدّ من تهيئة المدارس لوجستياً والحرص على استعدادية طواقمها التعليمية. ولا بدّ كذلك الأمر من تزويدها بخطط خاصة للأخذ بيد الطلبة الأكثر حرماناً خلال مرحلة التعافي التعليمي. وأضاف قائلاً: "ومن هذا المنطلق، تزوّدنا هذه التوجيهات الجديدة بإطار عمل خاص للمضي قدماً في مسيرة تتقدّم بها وكالات الأمم المتحدة يداً بيد".
فيما قالت المديرة التنفيذية لليونيسف، هنرييتا فور: "ينطوي انقطاع الأطفال عن المدارس على مجموعة من التهديدات الطويلة الأجل من بينها تفاقم أوجه التفاوت، وتردّي الأوضاع الصحية، وتولّد العنف، وعمالة القاصرين وزواج الأطفال". وتابعت مُضيفة: "إنّنا نعلم أن أرجحيّة عودة الأطفال المستضعفين إلى المدارس تتضاءل كلما طالت فترة بقائهم خارج المدرسة. وما لَم نضع إعادة فتح المدارس على رأس أولوياتنا – عند توفّر ظروف مواتية وآمنة لذلك - فمن الأرجح أن تنتَكِس النظم التعليمية بشدّة مع كلّ ما أحرزناه من تقدّم فيها".
وقال المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي: "في البلدان الأشد فقراً، يعتمد الأطفال في أغلب الأحيان على تواجدهم في المدارس للحصول على وجبتهم اليومية الوحيدة. وإذ نشهد اليوم إغلاق العديد من المدارس بسبب كوفيد، فقد حُرم 370 مليون طفل من فرصة الحصول على الوجبات الصحية التي تُعدّ بمثابة شريان الحياة بالنسبة للأُسر الفقيرة، وذلك بالطبع دون ذِكر حرمان هؤلاء الأطفال من الدعم الصحي الذي تقدمه لهم المدرسة. وقد يلحق بالأطفال إثر ذلك أضرار دائمة، الأمر الذي يتطلب - فورَ إعادة افتتاح المدارس - استئناف برامج الوجبات والخدمات الصحية هذه، والتي قد تساعد أيضاً في إعادة الأطفال الأكثر ضعفاً إلى المدرسة".
وجاءت التوصيات الموجهة للسلطات المحلية والوطنية إلى ضرورة وضع مصالح الطفل الفضلى واعتبارات الصحة العامة نصب أعينها في عملية اتخاذ القرارات المتعلّقة بإعادة فتح المدارس، وذلك استناداً إلى تقييم المنافع والمخاطر المترتبة على كافة الأصعدة التعليمية والصحية والاجتماعية والاقتصادية.
وكذلك يجب على المدارس النظر في الطريقة المثلى لإعادة فتح أبوابها آخذةً في دعم أشمل للطلبة في المدارس في مجالات الصحة والتغذية والدعم النفسي والمياه ومرافق النظافة الصحية.
فيما حثت اليونسكو واليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي، باعتبارهم جزءاً من التحالف العالمي للتعليم، الحكومات على تقييم مزايا التعليم في الفصول الدراسية مقارنة بتلك التي يحققها التعلم عن بعد، و المخاطر القائمة على إعادة فتح المدارس
وعقدت اليونسكو إجتماعا لوزراء التربية والتعليم للوقوف على كيفيّة إعادة فتح المدارس، تتناول النقاط التالية:
أولا: إصلاح السياسات، تتناول الآثار السياسية أبعاد هذه التوجيهات كافة، وتشمل في هذا الصدد سلسلة من السياسات الجليّة المعنيّة بفتح وإغلاق المدارس خلال حالات طوارئ الصحة العامة، والإصلاحات اللازمة لتعزيز انتفاع الأطفال المستضعفين وغير الملتحقين بالمدارس على نحو منصف بالتعليم، فضلاً عن تعزيز ممارسات التعلم عن بعد وتوحيدها.
ثانيا: المتطلبات المالية، معالجة تأثير كوفيد-19 على التعليم والاستثمار في تعزيز النظم التعليمية من أجل التعافي والصمود.
ثالثا: المحافظة على العمليات المدرسيّة الآمنة، ضمان ظروف آمنة تحدُّ من انتقال العدوى بالمرض، وتحرص على تقديم الخدمات الأساسية، وتحث على اتّباع الممارسات الصحية وتوفير مستلزماتها كالصابون والمياه النظيفة لضمان غسل اليدين على نحو فعّال، وتبنّي إجراءات احترازية في حال توعُّك صحة الطلبة أو أفراد الطواقم المدرسية، واحترام بروتوكولات التباعد الجسدي واتباع ممارسات النظافة الصحية.
رابعا: تعويض التعلّم الحضوري، التركيز على الممارسات الكفيلة بتعويض التعليم الحضوري في المدارس، وتقوية المناهج التربوية والتعويل على نماذج تعلّم مختلطة كالدمج بين نُهج التعلم عن بعد. يجب أن يشمل التعويض التوعية بشأن انتقال الأمراض وكيفية الوقاية منها.
خامسا: الصحة والوقاية، إيلاء تركيز أكبر لعافية الطلاب ورفاههم وتعزيز حمايتهم من خلال الارتقاء بآليات الإحالة إلى المرافق الصحية وتوفير الخدمات المدرسية الأساسية بما في ذلك الرعاية الصحية والوجبات المدرسيّة.
سادسا: الوصول إلى الفئات الأكثر تهميشاً، تكييف السياسات والممارسات المتعلقة بإعادة فتح المدارس لتوسيع إمكانية الوصول إلى الفئات المستضعفة ومنهم الأطفال غير الملتحقين بالمدارس والأطفال المشردين والمهاجرين، والأقليات، فضلاً عن تنويع سبل التواصل والتوعية الحيوية من خلال إتاحتها باللغات المناسبة بأشكال وصيغ سهلة المنال.