اقرأ مع جواد على.. "المفصل فى تاريخ العرب" كيف تكسب "مكة" رزقها؟

الثلاثاء، 12 مايو 2020 12:00 ص
اقرأ مع جواد على.. "المفصل فى تاريخ العرب" كيف تكسب "مكة" رزقها؟ المفصل فى تاريخ العرب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نواصل مع المفكر العربى الكبير "جواد على" قراءة التاريخ العربى قبل الإسلام، وذلك من خلال كتابه المهم "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" وكنا قد وصلنا إلى منطقة مكة، واليوم نناقش: من أين تكتسب "مكة" رزقها؟

يقول جواد على:

ومكة كما ذكرت بلد فى وادٍ غير ذى زرع، لذلك كان عماد حياة أهلها التجارة، والأموال التى تجبى من القوافل القادمة من الشام إلى اليمن والصاعدة من اليمن إلى الشام، وما ينفقه الحجيج القادمون فى المواسم المقدسة، للتقرب إلى الأصنام، وهناك مورد آخر درَّ على أثرياء هذه المدينة المقدسة ربحًا كبيرًا، هو الربا الذى كانوا يتقاضونه من إيداع أموالهم إلى المحتاجين إليها، من تجار ورجال قبائل.

ولقد استفادت مكة كثيرًا من التدهور السياسى الذى حل باليمن، ومن تقلص سلطان التبابعة، وظهور ملوك وأمراء متنافسين، إذ أبعد هذا الوضع خطر الحكومات اليمانية الكبيرة عنها، وكانت تطمع فيها وفى الحجاز، لأن الحجاز قنطرة بين بلاد الشام واليمن، ومن يستولى عليه يتصل ببلاد الشام وبموانئ البحر الأبيض المهمة، وأعطى تدهور الأوضاع فى العربية الجنوبية أهل مكة فرصة ثمينة عرفوا الاستفادة منها, فصاروا الواسطة فى نقل التجارة من العربية الجنوبية إلى بلاد الشام، وبالعكس، وسعى تجار مكة جهد إمكانهم لاتخاذ موقف حياد تجاه الروم والفرس والحبش، فلم يتحزبوا لأحد، ولم يتحاملوا على طرف، وقوَّوْا مركزهم بعقد أحلاف بينهم وبين سادات القبائل، وتوددوا إليهم بتقديم الألطاف والمال إليهم؛ ليشتروا بذلك قلوبهم. وقد نجحوا فى ذلك، واستفادوا من هذه السياسة كثيرًا.
 
وفى القرآن إشارة إلى تجارة مكة، وإلى نشاط أهلها ومتاجرتهم مع الشام واليمن: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}، قال المفسرون: إن رحلة الشتاء كانت إلى اليمن، أما رحلة الصيف فكانت إلى بلاد الشام، وإنهم كانوا يجمعون ثروة طائلة من الرحلتين تدرُّ على قريش خيرًا كثيرًا، وتعوضهم عن فقر بلادهم.
 
ويظهر أن أهل هذه المدينة كانوا يسهمون جميعًا فى الاتجار، فيقدم المكى المتمكن كل ما يتمكن تقديمه من مال ليستغله ويأتيه برزق يعيش عليه؛ ولذلك يعد رجوع القافلة آمنة مطمئنة بُشرى وسرورًا للجميع.
 
وقد أدى نشاط بعض أسر مكة فى التجارة إلى حصولها على ثروات كبيرة طائلة، وقد أسهم رجل واحد من أهل هذه المدينة هو "أبو أحيحة", بثلاثين ألف دينار فى رأس مال القافلة التى تولى قيادتها أبو سفيان. ومبلغ مثل هذا ليس بشيء قليل بالقياس إلى الوضع المالى فى تلك الأيام, كذلك كان "عبد الله بن جدعان" و"الوليد بن المغيرة المخزومي" من أثرياء مكة، وقد اشتهر بنو مخزوم بالثروة والمال.
 
وكانت لأسر مكة تجارات خاصة مع العراق وبلاد الشام واليمن ومواضع من جزيرة العرب، تجارات لا علاقة لها برحلتى الشتاء والصيف، وكان لبعضها تجارة مع الأنبار والحيرة فى العراق، وكان لبعض آخر تجارة مع "بصرى" و"غزة" وأذرعات فى بلاد الشام، وكان لآخرين تجارة مع بلاد اليمن, وكان للأسر الغنية الثرية اتصال تجارى مع كل هذه المواضع, وتعاملت مع كل الأماكن المذكورة، ولها وكلاء يبيعون لها ويشترون, كما كانت هى تتوكل لتجار العراق وبلاد الشام واليمن، وتجنى من هذا التعامل أرباحًا طيبة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة