تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم الثلاثاء، العديد من القضايا الهامة أبرزها، بعد اقترب العالم من الانتصار على جائحة "كورونا"، وأن علينا أن نتمعن في جدوى الشراكة الكونية التي أفرزت لنا هذه المؤسسات العملاقة، مثل منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة رعاية الأطفال "يونيسيف"
سمير عطا الله
سمير عطا الله: بيلاروسيا
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط، يتعثر تشكيل الحكومات في كثير من الدول التي تتبع صيغة الشكل الديمقراطي، خصوصاً إذا كانت كثيرة الأحزاب، مثل إيطاليا، حيث ينتهي الأمر بمجموعة تحالفات بائسة في ظل حزب رئيسي. فرنسا أيضاً مرت في هذا المخاض خلال الجمهورية الرابعة.
شكل مصطفى الكاظمي حكومة العراق بعد خمسة أشهر. وأضاع لبنان 7 سنوات (عجاف) في انتظار حكومات يصعب تشكيلها، أو رئيس يصعب انتخابه. أي نحو العقد. والفارق بين الفراغ الحكومي في الغرب وبينه في العالم العربي، أن الحكومة تغيب في الأول لكن الدولة لا تغيب لحظة واحدة. لا هي ولا قرارها ولا عملها الصغير والكبير. أما هنا فالدولة غائبة في حضور الحكومة فكيف في غيابها؟
لقد عودنا النظام العربي أنه لا أهمية للوقت وأعمار الدول والشعوب. وأن وجود الحكومة مثل غيابها. ومَن منا يعرف مثلاً اسم رئيس وزراء سوريا؟ أو وزير خارجية العراق؟ وفي حكومة الدكتور حسان دياب ضُمَّت وزارة الثقافة الضعيفة إلى وزارة الزراعة التي يعيش منها وعليها الملايين.
وفي حكومة لبنان السابقة، شغلت سيدة وزارة لا وجود لها من قبل، وعندما استقالت طوت الوزارة في حقيبتها الأنيقة. ولا شك أن حضور معاليها كان عطراً في وحشة الذكور وتوحش القوة، لكن العطر لا يرد الويلات والنوازل، أو يشفي من العلل السياسية الفاتكة بالبلد.
هنا يبرز فارق مهم بين بلاد ما بين النهرين وبلاد الأرز. الحكومات العراقية ليس فيها سيدات. وحتى اشتراك المرأة في التظاهر ضد الغلاء والفساد جوبه بالرصاص. وكم كان نبيلاً من رئيس المخابرات السابق ورئيس الوزراء الحالي أن يكون أول قرار اتخذه إطلاق معتقلي المظاهرات. هذا حقاً لطف من دولتك، كما يلقب رئيس الحكومة عندنا. وكنا نسمي رئيس البرلمان صاحب العطوفة. وكلها، باباً، تعظيمات وتشريفات تركها لنا الباب العالي العثماني. هي كل ما ترك بعد 500 عام. مستشفى ما ترك. جامعة ما ترك. نارجيلة ترك، مشنقة كمان ترك.
أخذ منا السياسيون والمناضلون العرب، إرادتنا وحريتنا وأعمارنا. اكتشفنا في الأزمة المرضية الأخيرة أن لدينا شباناً يدرسون ويعملون في بيلاروسيا. ولوه... (أي للهول) بيلاروسيا؟ إلى هذه الدرجة ضاقت بكم "بلادي وإن جارت علي عزيزة - وأهلي وإن ضنوا علي كرام. بماذا؟ بالسرقة الموصوفة التي تقوم بها الدولة والبنوك للمودعين والمستثمرين والبسطاء الذين ائتمنوا لبنان على جني أعمارهم؟ على ضمانات أولادهم؟ لماذا تريدون العودة من بيلاروسيا؟"
تمنياتنا الخالصة لمصطفى الكاظمي. نحن، هنا، لم تعد تنفع ولا تكفي. لا تمنيات ولا ما شابه. وقد وعدنا وزير المال "بتعويم" الليرة. أي ما خوف الغريق من البلل.
عبد الله المدنى
عبد الله المدني: مصائب "كوفيد 19" فوائد للبعض
قال الكاتب في مقاله بصحيفة البيان الإماراتية، مقولة "مصائب قوم عند قوم فوائد" تنطبق هذه الأيام على ميانمار (بورما سابقاً). وبعبارة أخرى فإن مصيبة الشعب البورمي جراء انتشار وباء "كوفيد 19" في صفوفه صارت بمثابة فائدة لجنرالاته القمعيين.
فهؤلاء الذين تراجع دورهم وفقدوا الكثير مما كانوا يتمتعون به على مدى عقود من سطوة وهيمنة على الأمة ومقدراتها يبدو أنهم اليوم يتأهبون لاسترجاع الدور الذي فقدوه لصالح حركة المعارضة المدنية الديمقراطية بقيادة "أونج سان سوشي".
فمن بعد أسابيع من النفي الرسمي عن انتشار وباء كورونا في البلاد، أقرت السلطة العسكرية في مطلع أبريل الجاري بوجود 16 حالة إصابة فقط مع وفاة شخص مصاب. وبطبيعة الحال، فإنه لا يمكن الوثوق تماما بهذه المعلومات، ليس لأنها رسمية ويشوبها التعتيم بهدف المحافظة على صورة النظام.
وإنما لسبب آخر هو أن إجمالي من تمّ فحصهم لا يتعدى عددهم المئات (من أصل عدد السكان البالغ 51 مليوناً بحسب تقديرات سنة 2005)، دعك من ضعف البنية التحية الخاصة بمواجهة الكوارث الصحية وافتقارها الشديد للكوادر الطبية المتخصصة. ودعك أيضاً من حقيقة اشتراكها في حدود جغرافية طويلة مع 3 دول تفشى فيها الوباء (الصين وتايلاند والهند).
ولعل أحد مظاهر عودة الصراع بين جنرالات ميانمار وغريمتهم سان سوشي التي تدير الحكومة المنتخبة فعلياً على خلفية كارثة كورونا هو أن الأخيرة شكلت في منتصف مارس المنصرم لجنة برئاستها مكونة من 21 عضواً من أجل إدارة الأزمة، بينما قام العسكر في نهاية مارس بتشكيل لجنة أخرى موازية من عشرة أعضاء لم تتمثل فيها سان سوشي أو أي من أنصارها ومحازبيها المدنيين كوزير الصحة مثلاً.
في مبررات وأهداف اللجنة الأخيرة أعلن العسكر أنها خاصة بمتابعة تطورات الأمور المرتبطة بالوباء، وتعقب أثر المصابين به ومن اختلط بهم، ومحاسبة كل أولئك الذين يروجون الأخبار والشائعات الكاذبة من تلك التي قد تثير الذعر في البلاد وفي صفوف السكان.
فيصل عابدون: الشراكة العالمية
قال الكاتب فى مقاله بصحيفة الخليج الإماراتية، الآن، وقد اقترب العالم، أو كاد، من الانتصار على جائحة "كورونا"، علينا أن نتمعن في جدوى الشراكة الكونية التي أفرزت لنا هذه المؤسسات العملاقة، مثل منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة رعاية الأطفال "يونيسيف"، وغيرها من المؤسسات العابرة للحدود الجغرافية العاملة في إطار منظمة الأمم المتحدة.
لقد كان التفكير في تأسيس هذه المنظمات عبقرية استباقية فريدة، كما أن عمليات التنسيق الهائلة، والمعقدة، والذكية، وواسعة النطاق التي قادتها منظمة الصحة العالمية، من العوامل الهامة وشديدة التأثير، ليس في بث الطمأنينة بين الأفراد والشعوب والمجتمعات فقط، ولكن أيضاً في رسم ومتابعة تنفيذ استراتيجيات الحماية والوقاية وتقريب المسافات التقنية بين مراكز البحوث الوطنية في الدول المتقدمة، والوسيطة، والنامية، حتى وصل العالم إلى هذه المرحلة من النجاح ضد هذا الفيروس الفتاك.
ومن دون احتساب النجاحات التي حققتها بعض الدول الأشد تضرراً، وخروجها من دائرة الكارثة، إلى أرض أكثر صلابة، فقد شهدت الأيام الأخيرة خصوصاً، أخباراً حملت تفاؤلاً يضاف إلى سجل الحرب والمقاومة الناجعة طوال الأشهر الماضية، وبدد الطبيب الفرنسي ذائع الصيت،ديدييه راؤول، المخاوف من ظهور موجات ثانية من الوباء، عندما أكد أن الفيروس يتراجع، بل وفي طريقه إلى الانتهاء.
ومع تأكيده أن بعض الحالات ستظهر هنا، وهناك، إلا أن العالم لن يشهد بعد اليوم موجات تفش كالسابق، معتبراً أن ديناميكية الجائحة تراجعت بشكل كبير، وفي الفترة نفسها أكدت شركة "استرا زينيكا" السويدية البريطانية العملاقة، اعتزامها إنتاج نحو 100 مليون جرعة من "لقاح جامعة أكسفورد" المضاد، الذي تعمل على تطويره بالشراكة مع مجموعات بحثية أخرى، وقد يصل إلى تجاربه النهائية بحلول منتصف العام.