"اياس بن معاوية" أحد أذكى وأفطن القضاة فى تاريخ الإسلام، تولى مهمة القضاء على البصرة فى عهد الخليفة عمرو ابن عبد العزيز الذى يعد خامس الخلفاء الراشدين، فكان ينظر له على أنه أحد عجائب زمانه وذلك لشدة فطنته وعلمه، ولد فى عام 46 هـ.
بعد مجيء الإسلام، وبعد أن مكن الله لهذا الدين، كان لازما وحتما أن يكون لهذا الدين نظام اجتماعى عادل يحتكم إليه المجتمع، ويحتمى به من بطش الظالمين والمعتدين، فكان ثمرة الإسلام غلغل العدل فى نفوسهم فأظهروه فى أحكامهم، وفقهوا واقع الناس وملابسات الحوادث فأسهموا فى إعادة الحقوق إلى أصحابها فى أقرب وقت، فهم نماذج مضيئة لقضاة اليوم من أبناء الإسلام فى أى مكان، وعليهم الأخذ بسننهم والاقتداء بأحكامهم، ليتحقق العدل على أيديهم، ويسود الأمن والأمان للناس فى وجودهم، وتسعد الدنيا بهم.
من بين هؤلاء القاضى "إياس بن معاوية"
هو إياس بن معاوية بن قرة بن إياس بن هلال، تولى منصب القضاء فى البصرة، وكان من أشد الذين أعجبوا بفطنته وذكائه "الجاحظ" الذى قال عنه "إياس من مفاخر مضر ومن مقدمى القضاة، كان صادق الحدس، نقابا، عجيب الفراسة، ملهما وجيها عند الخلفاء".
أشتهر أياس العدل وإعادة الحقوق إلى أصحابها منذ صغرة، وجراءته أمام الحكام وحسن لبقاته وفطنته، فذات مرة أختلف مع رجل مسن من الشام على أمر، فقررا أن يحتكما إلى قاضى الخليفة وقتها " عبد الملك بن مروان "، وعندما حضرا الأثنان فى مجلس القضاء، قال له القاضى " الا تستحى يا غلام وأنت تقاضى رجل مسن "، فرد عليه إياس قائلا " إن الحق أكبر منه وإذا سكتُّ من ينطق بحجتى، قال القاضي: لا أظنك تقول حقًا حتى تقوم من مجلسى، قال إياس: لا إله إلا الله، فقام القاضى ودخل على عبد الملك بن مروان وأخبره بالخبر، فقال له عبد الملك بن مروان: اقض حاجته.
توليه قضاء البصرة
كان إياس بن معاوية فقيها صاحب فطنه وذكاء، كل هذه الأمور جعلت الخليفة عمرو ابن عبد العزيز يوليه منصب قاضى القضاه، فأرسل الخليفة إلى من ولى على البصرة عدى بن أرطاة طالبا منه بأن يختار ما بين إياس ابن معاوية وبين والقاسم بن ربيعة ليوليه قضاء البصرة، وعندما جميع بينهم بن أرطاة قال له إياس" أيها الأمير سل عنى وعن القاسم فقيهى البصرة الحسن البصرى ومحمد بن سيرين، فقال القاسم: لا تسأل عنه ولا عنى، فا والله الذى لا إله إلا هو إن إياس بن معاوية أفقه منى وأعلم بالقضاء، وإن كنت كاذبًا فما يحل لك أن تولينى، وإن كنت صادقًا فينبغى لك أن تقبل قولى، فقال له إياس: إنك جئت برجل أوقفته على شفير جهنم فنجَّى نفسه منها بيمين كاذبة يستغفر الله منها وينجو مما يخاف، فقال عدى بن أرطاة: أما إذ فهمتها فأنت لها واستقضاه، وأول ما ولى القضاء ما قام من مجلسه حتى حكم فى سبعين قضية
وفاة إياس بن معاوية
توفى "إياس بن معاوية" فى عام 122هـ، الموافق 740م عن عمر يناهز 76 سنة، حيث توقع أنه ملاقى ربه فى هذا العام، وذلك بعد أن أخبر أصدقائه أنه رأى نفسه يمتطى هو أبيه فرسين فى وقت الفجر، موضحا أنه لم يسبق والده ولم يسبقه والده، أى أنه عمره فى ذلك الوقت نفس السن الذى توفى فيه والده قائلا " أتدرون أى ليلة هذه استكملت فيها عمر أبى ونام فأصبح ميتا ".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة