واحدة من أهم الروايات الإفريقية، وأشهرها، هى رواية الأديب الليبى الشهير هشام مطر "العودة" الصادرة عام 2016، الفائزة بجائزة بوليتزر، وتمثل سيرة ذاتية للمؤلف باللغة الإنجليزية يتناول فيها حياته، وخاصة عودته إلى ليبيا بعد أكثر من ثلاثين عاما قضاها فى الخارج بسبب خلاف والده مع نظام العقيد الليبى الراحل معمر القذافى.
كما فازت الرواية بجائزة "بين" الأمريكية "PEN America Literary Award" فى نهاية شهر مارس، وكانت رواية "العودة" قد فازت بـ"جائزة الكتاب الأجنبى" الفرنسية، Prix du Livre Etranger لعام 2017.
وتدور أحداث الكتاب الصادر عن مؤسسة راندوم هاوس الإنجليزية، حول رحلة عودة هشام مطر إلى ليبيا للمرة الأولى منذ 33 عامًا، وسط ذكريات الكاتب المؤثرة عن المكان الذى يشد رحاله إليه، فى محاولة للبحث عن إجابات لاختفاء والده المفاجئ عام 1990، ويرسم هشام مطر صورة واضحة للأحداث السياسية المعقدة والمتشابكة، والتى ربما أدت إلى سقوط معمر القذافى نفسه.
العودة
ويعد الكتاب سيرة ذاتية للكاتب الذى عاش وتعلم فى لندن، إلا أنه يحاول مرارا وتكرارا البحث عن اختفاء والده، وعمل أبوه سابقا ضمن الوفد الليبى للولايات المتحدة، وتحول إلى واحد من السياسيين المنشقين البارزين، والذى أجبر على الخروج من مدينة طرابلس إلى القاهرة، كعقاب على عمله ضد نظام معمر القذافى، وعقب ذلك بعشر سنوات، حينما كان هشام طالبا يدرس فى لندن، تم خطف والده على يد عملاء من الحكومة الليبية، ورغم أن مصيره غامض إلا أنه من المرجح أن السلطات أودعته سجن أبو سليم بطرابلس، ذلك السجن الذى شهد مذبحة معروفة باسمه فى عام 1996.
وفي شهر مارس 2012، عاد مؤلف "العودة" إلى ليبيا رفقة والدته وزوجته بعد أن فتحت الإطاحة بالقذافى صفحة جديدة كان يأمل فيها إعادة تأسيس مجتمع دمرته الجرائم الدنيئة للدكتاتورية، عبر استعادة نظام القيم القائم على العدالة واحترام الحياة البشرية.
ومع ذلك، بعيدا عن الحلم ببلد يعيش في حرية وتقدم، كانت لدى هشام رغبة جامحة في غلق جرح عميق ومؤلم كان قد ميز حياته وحياة عائلته، في عام 1990، اختطف والده جاب الله مطر -رجل الأعمال المثقف، عاشق الشعر وزعيم المعارضة في المنفى- وزُج به في سجن ليبي. بعد ست سنوات، انقطعت أخباره وفقدت آثاره، لذا يحاول بطل الرواية البحث عن الحقيقة، في قصة إنسانية مؤثرة.
يسمح لنا نثر المؤلف، الذي يمكن الاطلاع عليه في كتابه "وحيد في العالم" أو قصة اختفاء"، بمشاركته عواطفه، من المشاهد المشرقة لطفولته في طرابلس وبنغازي إلى الحاضر القاسي حيث يختلط الوهم بالغضب والعجز، ومن خلال إتقانه لنقل التشنجات الشخصية والأحداث التاريخية، فإن هذه السيرة الذاتية الصادقة لا تقتصر على محاولة فهم آلام الماضي، بل تشير مرارا وتكرارا إلى الراحة التي يوفرها الحب والصداقة والأدب والفن.