"وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ * أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ * اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ" هكذا ذكر الله تعالى في سورة "الصافات" اسم النبى إلياس، أحد الصالحين الذين أعطاهم النبوة.
والنبى إلياس المذكور في القرآن الكريم، واحد من الشخصيات التاريخية المختلف عليها، فسمة تشابهات بينها وبين شخصيات أخرى، وسمة قصص وأساطير نسجت حول سيرة الرجل، الذى كرمه القرآن بذكره، لكن تبقى سيرته غامضة تماما عند الكثيرين.
وبحسب التعريف السائد، إلياس هو من أنبياء بني إسرائيل المذكورين في القرآن، ويُعتقد أنه هو نفسه إيليا المذكور في العهد القديم.
النبى إلياس
نسبه
وذكر ابن كثير في "البداية والنهاية": " قال علماء النسب: هو إلياس التشبي، ويقال: ابن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون. وقيل: إلياس بن العازر بن العيزار بن هارون بن عمران، قالوا: وكان إرساله إلى أهل بعلبك غربي دمشق، فدعاهم إلى الله عز وجل، وأن يتركوا عبادة صنم لهم، كانوا يسمونه بعلا، وقيل: كانت امرأة اسمها بعل، والأول أصح.
حى أم بعث حيا
قال أبو يعقوب الأذرعي، عن يزيد بن عبد الصمد، عن هشام بن عمار قال: وسمعت من يذكر عن كعب الأحبار أنه قال: إن إلياس اختفى من ملك قومه في الغار، الذي تحت الدم عشر سنين، حتى أهلك الله الملك، وولي غيره، فأتاه إلياس فعرض عليه الإسلام فأسلم، وأسلم من قومه خلق عظيم غير عشرة آلاف منهم، فأمر بهم فقتلوا عن آخرهم.
صورة تعبيرية النبى إلياس
وقال مكحول عن كعب: أربعة أنبياء أحياء: أثنان في الأرض، إلياس والخضر، واثنان في السماء: إدريس وعيسى عليهما السلام، وقد قدمنا قول من ذكر أن إلياس والخضر يجتمعان في كل عام، في شهر رمضان ببيت المقدس، وأنهما يحجان كل سنة، ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من العام المقبل.
وقد عقد محمد الأمين الشنقيطي في كتابه أضواء البيان فصلاً أطال فيه النفس وأثبت بالمنقول والمعقول موت الخضر عليه السلام وهو مبحث نفيس نوصي السائل الكريم بمراجعته، وأما إلياس عليه السلام فالقول فيه كالقول في الخضر عليه السلام أنه قد مات لعموم الأدلة المتقدمة.
إدريس
ووفقا لموقع الداعية الإسلامي الدكتور عمرو خالد: " نبي الله إلياس، إلى أهل بعلبك غربي دمشق، وكان له ابن عم اسمه اليسع، كان من أشد المؤمنين برسالته، ولم يكن اليسع نبيًا بعد، ودعا قومه إلى عبادة الله عز وجل وأن يتركوا عبادة الصنم الذي يعبدونه من دون الله، وكانوا يطلقون على هذا الصنم اسم بعل.
إلياس نبي من أنبياء بني إسرائيل، وهو إلياس بن ياسين، من ولد هارون أخي موسى عليهم السّلام. ويعرف في كتب الإسرائيليين باسم (إيليا)، وقد روى الطبري عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: إلياس هو إدريس.
النبى إديس
جاء في التفسير انه إدريس وروي عن ابن مسعود: وإن إدريس مكان وإن إلياس لمن المرسلين ومن قرأ على إلياسين,فعلى انه جعل كل واحد من أولاده أو أعمامه إلياسا فكان يجب على هذا أن يقرا على الالياسين ورويت سلام على الياسين وهذه المادة أولى به من باب الس قال ابن سيدة:وكذلك نقله عنه اطرادا لمذهب سيبويه إن الهمزة إذا كانت أولى أربعة حكم بزيادتها حتى يثبت كونها أصلا".
إيليا في الكتاب المقدس
ووفقا للباحثين، فإن تصوير النبى إيليا المذكور في الكتاب المقدس، هو نفسه النبى إلياس الذى ذكر اسمه في القرآن الكريم، بحسب الموقع الرسمي لـ" بطركية انطاكية وسائر المشرق للروم الكاثوليك"، هو نبيّ عظيم عاش في مملكة اسرائيل الشّماليّة في القرن التّاسع قبل الميلاد، يُدعى التّشبيّ "التسبيتي" إذ يُرجّح أنّه ولد في «تِشْبَة» وعاش في جلعاد(١ملوك١:١٧). قضى الكثير من وقته في البرّيّة ( ١ملوك ٥:١٧) وكان يلبس ثوبًا من الشّعر (مُسوحًا) وزنّارًا من الجلد (٢ ملوك ١:١٨).
النبى إيليا
ظهر إيليّا في أيّام الملك آخاب)أخ أب) والملكة إيزابيل، التي ساقت زوجها وشعب إسرائيل إلى عبادة البعل، وبسبب جحود الشعب لإله إسرائيل، تملّكت غيرة الرّب على إيليّا النبيّ، فواجه الملكة إيزابيل ودعوتها إلى عبادة البعل وعشتاروت، وتنبّأ بأنّ الله سيمنع المطر.
ذكر في الكتاب المقدس للمسيحيين واليهود باسم إيليا وهو الذي اعتقد اليهود أنه هو يحيى (يوحنا) 1:21 حيث ساله اليهود: من أنت المسيح أم إيليا أم النبي؟، فاليهود كانوا ينتظرون ثلاثة: إيليا والمسيح والنبي حسب معتقدهم.
النبى الخضر
هناك بعض الباحثون يعتقدون بأن شخصية النبى إلياس، تتشابه إلى حد كبيرمع شخصية النبى الخضر الذى ذكرت قصته مع النبى موسى في القرآن الكريم، وذلك يهودا اللاوى اعتقدوا أن النبى إيليا أو إلياهو هو "الخضر" باللغة العربية، وهو الاسم الشائع بدلاً من الاسم المعرّب إلياس وإلياهو، من وجهة نظر يهودا اللاوى، وفي العراق؛ يحظى الخضر اهتمام لافت أيضاً، وهو يُعرف هناك باسم "خضر إلياس"، في تعبير عن ارتباط محتمل بالقصة الواردة في اليهودية (التلمود)، وهناك مقام شهير للخضر يقع على ضفاف نهر دجلة في جانب الكرخ، ويخصص العراقيون يوماً للاحتفال به؛ هو أول يوم خميس من شهر فبراير من كلّ عام، ويُعرف بـ "عيد خضر إلياس"، توقد فيه الشموع وترمى مع غروب الشمس في مياه نهر دجلة طلباً لتحقيق الأماني.
إلياس فى الأساطير
بحسب الباحث وليد فكرى، الغموض المحيط بقصة النبي إلياس قد استفز الثقافة الجمعية فأنتجت موروثاً شعبياً ثرياً عنه. ففي كتاب "عرائس المجالس" للثعلبي النيسابوري (الذي تناول الموروثات الدينية/الشعبية)، يروي الكاتب نفس القصة التوراتية ولكنه يضيف إليها من عصره قصة في البداية حول رجل صالح كان له بستان بجوار قصر الملك أخاب (الذي يقدمه باسم لاجب)، وأن الملكة إيزابل كانت تغري زوجها بقتل الرجل والاستيلاء على بستانه، ثم استغلت سفر الملك واتهمت الرجل الصالح بسب الملك وهي جريمة عقوبتها الإعدام، فقتلته واستولت على البستان، فمن هنا كانت بداية اللعنة عليها وعلى زوجها بعبادته بعل وما جرى بعد ذلك من أحداث. في هذه القصة نلاحظ أمرين: الأول أن ثمة تركيز على دور إيزابيل وتقديمها باعتبارها المرأة المسيطرة على زوجها المهزوز ضعيف الشخصية، وهو نموذج منتشر في القصص الشعبي.
والآخر هو قصة "لعنة الطمع"، حيث أن تيمة الطمع الذي يقود للهلاك، نقرأها في بعض قصص الملك الفارسي كسرى أنوشروان الذي علم أن بعض ولاته كان له قصر عظيم فطمع في كوخ لامرأة فقيرة فاستولى عليه فعاقبه الملك بقتله وسلخ جلده.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة