صدر حديثًا عن مشروع كلمة للترجمة فى دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبى، ترجمة رواية "نهر النار"، للكاتبة قرة العين حيدر، ترجمة الدكتور مجيب الرحمن، وتمثل الرواية التى حازت مؤلفتها على جائزة "جانا بيث" - أعلى جائزة أدبية فى الهند - إحدى الشوامخ فى الفن الروائى الهندى قديمه وحديثه وقد برزت مؤلفتها كواحدة من أهم أعلام الأدب الهندى المعاصر.
فى هذه الرواية تحكى الكاتبة قرة العين حيدر تاريخ الهند على مدار 2500 عام بدءاً من عصر "تشاندرا جوبتا موريا" فى القرن الرابع قبل الميلاد إلى فترة ما بعد استقلال الهند فى عام 1947، وتعرض السياق لتقسيم شبه القارة الهندية المؤلم إلى دولتين قوميتين. وُصفت الرواية بأنّها واحدة من أشهر روايات شبه القارة الهندية، نشرت عام 1959 ونشرت ترجمتها الإنجليزية على يد الكاتبة نفسها عام 1998.
تتتبع الكاتبة أربعة عصور فى التاريخ الهندى؛ البوذى-الهندوسى، والإسلامى، والاستعمار البريطانى، وما بعد الاستعمار، مصير أربع شخصيات رئيسية، جوتام، وتشامبا، وكمال، وسيريل، تظهر شخصية جوتام أولاً كطالب متجول فى جامعة الغابة فى شراوستى فى القرن الرابع قبل الميلاد، وتظهر معه تشامبا التى تجسّد المرأة الهندية عبر العصور، وتظهر شخصية كمال فى العصر الإسلامى الذى يحكى ما قام به وما أنجزه الحكام المسلمون فى القرون الوسطى فى الهند، ويظهر سيريل فى عصر الاستعمار البريطانى الذى هو بدوره يجسّد ما رمز له الاستعمار البريطانى فى الهند، وتتقاطع حكاياتهم على مدى عصور مختلفة؛ حكايات حب وهيام وصراع للملوك من أجل السيطرة على السلطة، وفى ثنايا الأحداث تقدم الكاتبة صوراً بارعة عن تشكل الثقافة الهندية الجميلة المشتركة من العناصر الهندوسية والإسلامية، وأخيراً تقدم السياق التاريخى للصراع الطائفى بين الهندوس والمسلمين الذى أدى فى نهاية الأمر إلى كارثة تقسيم الهند إلى دولتين قوميتين الهند وباكستان، وما لهذه الحادثة من آثار مدمرة على الثقافة الهندية المشتركة.
تعد قرة العين حيدر (1927-2007) روائية وقاصة هندية ، وصحفية ، وأكاديمية بارزة، ومفكرة، تُعد قرة العين حيدر فى طليعة أدباء الأردو ومفكريها فى القرن العشرين. طبقت شهرتها فى الآفاق برائعتها "آغ كا دريا" (نهر النار) التى نشرت لأول مرة بالأردية عام 1959. كما أنها نشأت فى بيت يهتم بالأدب والكتابة، فوالدتها نذر سجاد ووالدها سجاد حيدر يلدرم، وكلاهما من رواد القصة القصيرة والرواية الأردية.
قرة العين حيدر من الكاتبات المكثرات فى الأدب الأردى فقد نشرت لها اثنتا عشرة رواية وأربع مجموعات قصصية، وسيرة ذاتية إلى جانب عدد كبير من المقالات الصحفية والأدبية فى اللغتين الأردية والإنجليزية. ومن أشهر رواياتها "آغ كا دريا" (نهر النار) (1959)، "ميرى بهى صنمخانى" ( معبدى أيضاً) (1949)، ,"سفينه غم دل" (سفينة أحزان قلبي)، (1952)، وبتجهار كى آواز" (صوت الخريف) (1965)، و"آخرى شب كى همسفر" (رفيق آخر ليلة) و "روشنى كى رفتار" (سرعة الضوء) (1982)، وسيرتها الذاتية المعنونة " كار جهان دراز هي" (مهمة العالم طويلة).
ترجمت معظم أعمالها إلى كثير من اللغات الهندية والعالمية. وحصلت على جوائز عديدة أهمها "جائزة أكاديمية الأدب" المرموقة سنة 1967 على روايتها "صوت الخريف"، وأعلى جائزة أدبية فى الهند جائزة "جانا بيث" كما تلقت جائزة "بادما شيري"، و"بادما بوشان" المرموقة من حكومة الهند.
أما المترجم مجيب الرحمن، فهو أستاذ بمركز الدراسات العربية والأفريقية بجامعة جواهر لال نهرو، نيو دلهى، الهند، وهو كاتب وباحث أكاديمى ومترجم ترجم إلى العربية "فكرة الهند" لسونى خيلنانى، و"مواطن الحداثة" لديبيش تشاكرابورتي، و"السير فى الطريق السريع" لرام بوكسانى، وترجم إلى الهندية " كلمات القائد الشيخ زايد بن سلطان آل النهيان"، وله عدد من المؤلفات وما يزيد عن 50 بحثا منشورا فى مختلف الجرائد والمجلات، وأشرف على ما يزيد عن 30 رسالة جامعية، حصل على الجائزة الرئاسية "مهارشى بادريان وياس سمان" للعلماء الشباب عام 2012.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة