أكرم القصاص

كورونا والكورتيزون والافتراضيون.. يسرقون سلطة الأطباء ويضرون المرضى

الخميس، 18 يونيو 2020 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ ظهور فيروس كورونا لم تتوقف صفحات السوشيال ميديا عن ضخ الأخبار والتعليقات والنصائح والبروتوكولات العلاجية والمعلومات، وسط زحام من البث اللحظى تتكاثر التقارير ويجد المستخدم نفسه أمام كم هائل من التقارير والتحليلات المتناقضة، مما يوقعه فى حيرة وارتباك، وبقدر ما تقدم أدوات التواصل أفكارا ونصائح طبية، فهى تقدم أيضا الكثير من الكلام، لا علاقة له بالعلم أو بالطب، وبعضه يمثل نوعا من التضليل قد يضر بالمرضى.
 
ومن البداية لم يكن الأطباء هم الأعلى صوتا على مواقع التواصل، ربما لأنهم يقدمون كلاما علميا منضبطا، بينما يسود هؤلاء الذين يقدمون وصفات جاهزة ومريحة حتى لو كانت بلا أى مرجعية طبية او علمية.
 
وخطورة الفتاوى فى الطب من المدعين غير المتخصصين أنها تعرض صحة المرضى للخطر، والأمر يتعلق بفيروس كورونا وغيره، وعلى سبيل المثال أتابع عددا من الجروبات على فيس بوك أنشأها أطباء للإجابة عن أسئلة المرضى، وبالفعل تتلقى الجروبات أسئلة أو تحاليل أو صورا يطلب فيها السائل إجابة طبية، واللافت والمثير للسخرية، أن بعض غير المتخصصين يسارعون بتقديم تشخيص أو وصف علاج، بينما الأطباء أنفسهم يحرصون على طرح أسئلة عن التاريخ المرضى، أو يطلبون المزيد من التحاليل أو الأشعات، ويعانى الأطباء من الفضوليين الذين يقولون أى كلام، وغالبا ما يكون هناك شعار «ممنوع لغير الأطباء»، ومع هذا يصر الفضوليون على التشخيص والعلاج، ويفعلون ذلك بجرأة أكبر من الأطباء أنفسهم.
 
والواقع أن علماء المستقبليات ممن رسموا قبل عقود صورة العالم فى ظل أدوات التواصل والإنترنت، ومنهم الفين توفلر، توقعوا أن تتعرض سلطة الأطباء لهجمات من الفضوليين والمدعين، لكن الأمر مع أدوات التواصل تضاعف، لدرجة أن المدعين يتقدمون على المتخصصين.
 
وقد ظهرت هذه الأمراض السوشيالية مع فيروس كورونا لدرجة أن هناك عشرات ومئات الفيديوهات تناقش موضوع الفيروس وعلاجه، بل إن منهم من تجرأ ونشر بروتوكولات علاج أو وصفات مختلفة، أدت إلى اختفاء بعض الأدوية بل إن البعض يتلقف أى خبر عن علاج أو دواء ليبدأ فى الدعوة له، متجاهلا آراء الأطباء بأن الأدوية يفترض أنها تتعلق بكل حالة على حدة. 
 
وآخرها بعد إعلان علماء جامعة أكسفورد عن نجاح دواء «الديكساميثازون» فى علاج بعض حالات كورونا، وهو دواء قديم من ستينيات القرن العشرين يستخدم عادة فى التعامل مع المشاكل الروماتيزمية، والجلدية والحساسية وعدد آخر من الاعراض، لكنه يفترض أن يستعمل تحت إشراف دقيق من الأطباء، وبشكل متدرج فى العلاج والسحب، بسبب أعراضه الجانبية وتأثيره على نسبة الكورتيزون فى الجسم.
 
بعد إعلان علماء جامعة أكسفورد أن الدواء يقلل من خطر الوفاة بنسبة الثلث للمرضى الأكثر مرضا وحالتهم متأخرة من مرضى كورونا، خاصة من يستخدمون أجهزة التنفس الصناعى أو نقص الأكسجين بالدم. وقد أعلن الدكتور عوض تاج الدين مستشار الرئيس للشؤون الوقائية أن الديكساميثازون، بالفعل يستعل ضمن بروتوكولات العلاج بنسب معينة.  لكمن مع تحذيرات بعد استعماله من دون إشراف طبى. 
 
لكن ما حدث كالعادة هو هجوم من قبل البعض لشراء الدواء، وتخزينه، مثلما جرى مع برتوكولات العلاج الأخرى، الأمر الذى يحرم المرضى منه، ولا يمكن أن يفيد المرضى، بل ربما يضر ببعض الحالات التى تتلقى الدواء من دون إشراف. 
 
خطورة آراء المدعين والفضوليين، أنها تسرق سلطة الأطباء من دون علم، وتضر بالمرضى.
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة