لا صوت يعلو هذه الأيام على صوت مخالفات البناء وتنفيذ عقوبتها التي تصل لحد الحبس 5 سنوات وغرامة تصل لـ 5 مليون جنية حيث دفع استئناف البعض للبناء العشوائي والاعتداء على أراضي الدولة في ظل تركيز جهودها حاليًا مع تداعيات فيروس كورونا، القيادة السياسية إلى توجيه الحكومة بإحالة جرائم "مخالفات البناء" إلى النيابة العسكرية في بداية الأمر ثم صدر قرار منذ عدة أيام بعودة التحقيق في المخالفات للنيابة العامة باعتبارها جهة الاختصاص الأصيلة.
والعقوبة التي ستوقع على المخالفين ستُحدد طبقًا لأحكام القانون رقم 116 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1985، والمعدل بالقانون الأخير رقم 7 لسنة 2018، فيما نصت عليه المادة 156 منه على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على 5 سنوات، وبغرامة مالية لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على خمسة ملايين جنيه، فضلاَ عن إزالة المخالفة على الأرض الزراعية، وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل البناء، وذلك على نفقة المخالف، كما يحق لوزير الزراعة قبل الحكم في الدعوى الأمر بإيقاف أسباب المخالفة بالطريق الإداري.
كيف حافظ القانون على الأراضي الزراعية من التعدى؟
فى التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على حزمة من القواعد والمبادئ القضائية التى أرستها المحاكم المصرية بشأن الحفاظ على رقعة الأرض الزراعية من جميع صور التعدي عليها وعلى تخصيبها والتي أشارت إلى أن المشرع حرصاً منه على الحفاظ على الرقعة الزراعية، فقد أسبغ عليها الحماية الجنائية بأن قام بتجريم التعدى عليها، ومن أوجه هذه الحماية ما حظره المشرع على مالك الأرض الزراعية أو الحائز لها أياً كان سند حيازته من أن يقوم بارتكاب أي فعل أو الامتناع عن أي عمل يترتب عليه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض يحيى جاد الرب.
WhatsApp Image 2020-06-27 at 9.21.01 AM
4 مبادئ قضائية للحفاظ على الرقعة الزراعية
فى البداية – يجب أن نؤكد أن المشرع المصري تصدى بكل قوة وحزم لمسألة التعدي على رقعة الأرض الزراعية، وذلك بإصدار حزمة من الأحكام خلال الأعوام الماضية حيث رسخت 4 مبادئ قضائية في منتهى الأهمية وهى: " 1- لوزير الزراعة سلطة وقف أسباب المخالفة دون إزالتها، 2- إصدار قرار إزالة بالنسبة لأعمال البناء على الأرض الزراعية ينطوى علي مساس بالسلطة المقررة للمحاكم الجنائية، وغصب لسلطة القضاء الجنائي، 3- المختص بإزالة أعمال التبوير هو وزير الزراعة وليس المحافظ، 4-لا يجوز إصدار قرارات إزالة للمباني المقامة على الأراضي الزراعية لأن حق الإزالة للمحكمة الجنائية فقط" – وفقا لـ"جاد الرب".
وخوَّل وزير الزراعة الحق في أن يأمر بوقف أسباب المُخالفة وإزالتها بالطريق الإداري، أما بالنسبة لارتكاب مُخالفة تتعلق بإقامة مبان أو مُنشآت على الأرض الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات بشأن تقسيمها لإقامة مبان عليها، فلوزير الزراعة سلطة وقف أسباب هذه المُخالفة على نفقة المخالف دون إزالتها، حَيْثُ أن المختص بالإزالة المحكمة الجنائية المُختصة دون غيرها، كما أن المستقر عليه فقهاً وقضاءً أن التفويض الجائز وفقاً للقواعد العامة، إنما ينصرف إلى الاختصاصات الأصلية التي يستمدها المفوض من القوانين واللوائح مباشرة، أما الاختصاصات المُستمدة من سُلطة عليا بناءً على قواعد التفويض، فإنَّه لا يجوز أن يفوض فيها – الكلام لـ"جاد الرب".
WhatsApp Image 2020-06-27 at 9.21.01 AM (1)
رأى محكمة القضاء الإداري فى الأزمة
هذا وقد سبق للمحكمة الإدارية العليا عدة أحكام حديثة منها الطعن رقم 37163 لسنة 60 قضائية - الإدارية العليا – قالت فيه: أن المشرع فرق بين نوعين من المخالفات التي ترتكب على الأرض الزراعية فالنوع الأول: والمتمثل في إقامة مبان أو منشآت على الأرض الزراعية وما في حكمها أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها أو الشروع في إقامة هذه المباني، فجعل لجهة الإدارة الحق في وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف دون إزالتها، إذ جعل حق الإزالة للمحكمة الجنائية المختصة، وذلك حسبما ورد بالمادة 156 من قانون الزراعة، إما النوع الثاني المنصوص عليه في المادة 151 المشار إليها والمتمثل في ارتكاب أي فعل أو الامتناع عن أي عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها، وجعل للجهة الإدارية الحق في وقف أسبابها وإزالتها بالطريق الإداري على نفقة المخالف.
وفى حكم أخر
وفى حكم أخر قالت فى الطعن رقم 178 لسنة 46 ق عليا - ومن حيث جرى قضاء هذه المحكمة على أنه: "بالنسبة للمخالفات المتعلقة بإقامة مبان أو منشآت فى الأرض الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات بشأن تقسيمها لإقامة مبان عليها يكون لوزير الزراعة سلطة وقف أسباب هذه المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف دون إزالتها، والتى تتقرر فى جميع الأحوال بموجب حكم صادر من المحاكم الجنائية المختصة ومؤدى ذلك أنه لا يجوز لوزير الزراعة إصدار قرار إزالة بالنسبة لأعمال البناء على الأرض الزراعية " ينطوى عليه ذلك من مساس بالسلطة المقررة بالمحاكم الجنائية".
WhatsApp Image 2020-06-27 at 9.21.01 AM (2)
حكم أخر ثالث
وفى الحكم الثالث قالت في الطعن رقم 10796 لسنة 47 ق: ومن حيث أنه بتطبيق ما تقدم على وقائع الطعن الماثل فان الثابت بالأوراق، ولاسيما تقرير الخبير المودع فى الجنحة رقم 2301 لسنة 95 جنح بنى سويف المقيدة ضد الطاعن أنه أقام منزل منذ عام 1990 على الأرض محل التداعي أى منذ أكثر من ثلاث سنوات سابقة على تاريخ تحرير محضر المخالفة ضده المحرر عام 1994 وبناء عليه حكمت المحكمة الجنائية فى هذه الجنحة بانقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة حيث أن البناء مقام قبل محضر المخالفة بثلاث سنوات كما تحرر عن ذات المخالفة ضد الطاعن المخالفة رقم 398 لسنة 1995 جنح بنى سويف وحكمت فيها المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالجنحة رقم 2301 لسنة 95 المشار إليها.
ومن حيث أنه بالبناء على ما تقدم، فإن الطاعن يكون قد أقام منزلا من طابق واحد بالطوب الأحمر والخرسانة المسلحة على الأرض الزراعية عام 1990 وتم تحرير محضر المخالفة رقم 6505 لسنة 94 تشوين على الأرض الزراعية – على ذات القطعة – وهو أمر غير متصور عقلا أو واقعا وقد صدر القرار المطعون فيه عام 1994 بإزالة أسباب المخالفة - إزالة تشوين - وهو فى الحقيقة إزالة مبنى المنزل الذي أقامه الطاعن منذ ثلاث سنوات سابقة على تاريخ المحضر ضده، وهو ما ثبت بتقرير الخبير ولم تقضى المحكمة الجنائية بإزالة تلك المباني، وهى المختصة وحدها بذلك، فمن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر بالمخالفة لأحكام الواقع والقانون مغتصبا سلطة المحكمة الجنائية، بالإزالة ويكون مفتقرا إلى السبب الذي يبرر صدوره مشوبا بعيب غصب سلطة القضاء الجنائي، مما يتعين القضاء بإلغائه وما يترتب عليه من آثار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة