يبدو أن العديد من الملفات أصبحت محلا للجدل داخل المجتمع الأمريكي، في المرحلة المقبلة، تزامنا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، والمقررة في شهر نوفمبر المقبل، والتي يصفها قطاعا كبيرا من المحللين بأنها الأشرس في تاريخ واشنطن، في ظل ملاسنات، ومعارك محتدمة، هيمنت على المشهد السياسى في الولايات المتحدة، منذ بداية ولاية الرئيس دونالد ترامب، وهو ما بدا في حملات الديمقراطيين ضد البيت الأبيض، وصلت إلى حد اتهام الرئيس بـ"الخيانة" تارة، والدعوة إلى عزله تارة أخرى، وحملات مضادة، من قبل الرئيس ضد خصومه السياسيين، ربما انتهت معظمها بخروج "سيد البيت الأبيض" منتصرا، إلا أن الملفات الجديدة الشائكة ربما جاءت لتكون بمثابة طوق نجاة للديمقراطيين.
المشهد الأمريكي يبدو مختلفا إلى حد كبير في مرحلة "ما بعد كورونا"، حيث كان الفيروس بمثابة فرصة لنائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، والمرشح الديمقراطى للرئاسة الأمريكية، لتشويه صورة منافسه، عبر انتقاد أداءه في التعامل مع الأزمة التي تعد بمثابة تهديد صارخ، ليس فقط للولايات المتحدة، وإنما للعالم بأسره، في ظل عجز دول متقدمة في التعامل مع الأزمة الصحية، وارتفاع عدد الضحايا، والمصابين، بالإضافة إلى التداعيات الاقتصادية الصعبة الناجمة عن قيود الإغلاق، في ظل الإجراءات التي اتخذتها كافة حكومات العالم، لاحتواء تفشى الفيروس داخل بلدانهم.
إلا أن "كورونا" ليس القضية الوحيدة التي ربما ستلقى بظلالها على الانتخابات الأمريكية، وإنما جاء مقتل جورج فلويد، ليضيف مزيدا من المعطيات، للمشهد الأمريكي الجديد، في ظل حالة الغضب الكبير، التي شهدتها ولاية مينينسوتا (محل إقامة فلويد)، لتمتد منها إلى باقى الولايات، وعلى رأسها واشنطن، ثم تتمدد إلى الغرب الأوروبى، في ظل احتجاجات ضربت قلب العواصم في القارة العجوز، جاءت كلها للتضامن مع فلويد.
جو بايدن
وهنا يثور التساؤل حول الكيفية التي يتعامل بها بايدن، مع المشهد الجديد، في إطار استراتيجيته الانتخابية، حيث سيبقى اختيار عناصر إدارته، أحد الأوراق المهمة لمغازلة الرأي العام الأمريكي في المرحلة المقبلة، بالإضافة إلى الخطط التي سيقدمها لمواجهة التحديات الراهنة، في ضوء المعطيات الجديدة.
مواجهة كورونا.. خطة ديمقراطية ذات مسارين
تعد مواجهة فيروس كورونا أحد أهم القضايا المحورية التي تشغل بايدن في مواجهته المرتقبة أمام ترامب، وهو ما يبدو واضحا في الانتقادات التي أطلقها منذ بداية الأزمة، والتي تزايدت حدتها مع دعوات البيت الأبيض، إلى "التعايش" مع الفيروس القاتل، حيث اعتبر أن مثل هذه الدعوات لا تعكس إدراكا حقيقيا بأبعاد الأزمة الراهنة التي لا تقتصر في نطاقها الجغرافى على الولايات المتحدة، وإنما تمتد إلى العالم بأسره.
كورونا خطر هدد عددا من الولايات الأمريكية
تقوم خطة بايدن في مواجهة الفيروس القاتل، بحسب ما ذكرت حملته الانتخابية، على مسارين متوازيين
أولهما صحى، ويقوم على توفير اختبارات مجانية لكافة المواطنين، لتقرير ما إذا كانوا مصابين بالفيروس أم لا، بالإضافة إلى رفع الحواجز التأمينية للحصول على الرعاية الوقائية للمواطنين، وكذلك العلاج للمصابين، وكذلك تقديم الدعم المالى للمراكز البحثية، من أجل تطوير لقاح للفيروس القاتل في أقرب وقت ممكن.
أما المسار الثانى فيقوم على الجانب الاقتصادى، عبر تقديم إجازة "مدفوعة الأجر" لكافة المصابين بالفيروس، بالإضافة إلى تقديم المساعدة اللازمة للعمال والأسر البسيطة، وكذلك الشركات التي تضررت جراء تفشى الفيروس في الأراضى الأمريكية، بالإضافة إلى أجراءات اقتصادية طموحة، يمكن من خلالها علاج الخلل الذى أصاب المنظومة الاقتصادية الأمريكية خلال الأشهر الماضية.
مقتل جورج فلويد.. بايدن قد يغازل "السود" عبر منصب "نائب الرئيس"
إلا أن انتقادات بايدن لأداء الإدارة الحالية، في التعامل مع كورونا، لم يلقى استجابة كبيرة، من الشارع الأمريكي، وهو ما بدا واضحا في المظاهرات التي شهدتها عدة ولايات قبل أسابيع للتعبير عن دعمهم لرؤية ترامب، والتي تقوم على فكرة "العودة إلى الحياة"، وبالتالي فأصبح الاعتماد على الفيروس وحده، فى الاستراتيجية التي يتبناها المرشح الديمقراطى ليست كافية إطلاقا، وهنا أصبحت الحاجة ملحة لمنحى جديد، ربما قدمته الأقدار لنائب الرئيس السابق، هو مقتل جورج فلويد.
مظاهرات فلويد انتهكت حرم البيت الأبيض
ويبدو أن مقتل المواطن الأمريكي، ذو الأصول الإفريقية، على يد قوات الأمن، كان بمثابة زلزالا هز الشوارع الأمريكية، ومن ورائها العواصم الأوروبية، إلا أنه سيبقى ورقة مهمة بيد بايدن، سعى إلى استغلالها، سواء في خطاباته التي استهدفت ترامب أولا، ثم بعد ذلك عبر التواصل مع أسرة فلويد، للتضامن معهم، ولكن الأوراق في جعبة المرشح الديمقراطى فيما يتعلق بهذه القضية لم تنته بعد، حيث تدور التوقعات حول اختيار نائبا له من "الأٌقلية" السمراء في المجتمع الأمريكي.
بايدن قد أعلن مسبقا أنه سوف يختار سيدة في منصب نائب الرئيس، إلا أنه مازال لم يعلن عن هويتها، ولكن يبقى مقتل فلويد، فرصة لتكون النائبة ذات بشرة، سمراء، وهو ما قد يساهم في زيادة أسهمه، في الانتخابات المقبلة، خاصة وأن الرئيس السابق باراك أوباما، حظى بشعبية كبيرة سمحت له بالاحتفاظ بمنصبه لولايتين متتاليتين، حيث اكتسب تعاطفا كبيرا باعتباره من ذوى الأصول الإفريقية، بالإضافة إلى قدراته الخطابية الكبيرة.
ولكن يبقى التساؤل حول أبرز المرشحات اللاتى قد تحظين بثقة بايدن في منصب نائب الرئيس، في المرحلة المقبلة، في ظل حاجته إلى واجهة قوية يمكنها أنه تكون داعمة له في المعترك الشرس:
-
ميشيل أوباما
زوجة الرئيس السابق باراك أوباما، ولها شعبية كبيرة بين الأمريكيين، بالإضافة أن لديها خبرة سياسية كبيرة، بحكم مكوثها بالبيت الأبيض لثمانى سنوات، هي فترة تولى زوجها الحكم.
ميشيل أوباما
-
ستاسى أبرامز
سياسية أمريكية سمراء، دعت الأقليات من ذوى الأصول الإفريقية إلى تسجيل أنفسهم، للمشاركة في الانتخابات المقبلة، والتصويت ضد ترامب، معتبرة أن التحرك الجماعى في هذا الاتجاه يمثل الطريقة الإيجابية للرد على مقتل فلويد.
ستاسى أبرامز
-
سوزان رايس
هي إحدى أبرز الوجوه الدبلوماسية في إدارة أوباما، حيث خدمت من قبل في منصب مستشارة الأمن القومى، بالإضافة إلى سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، وبالتالي لديها من الخبرات الدبلوماسية ما يؤهلها للمنصب.
سوزان رايس
-
فال ديمنجز
أحد الوجوه المرشحة منذ ما قبل مقتل فلويد، حيث أنها أبرز مؤيدى بايدن، ولكن الأحداث الأخيرة ربما تؤهلها أكثر من أي وقت مضى، حيث أنها عملت كقائد شرطة سابق بمدينة أورلاندو، وبالتالي هي أكثر المؤهلات لعلاج أزمة تعامل الشرطة مع المواطنين.
فال ديمنجز