الواقع يؤكد من الناحية القانونية والعملية أن - عقد الإيجار - من الأمور الجوهرية والخطيرة التي تشغل بال ملايين الملاك والمستأجرين، وذلك لأنه يحدد العلاقة الايجارية بين الطرفين، فقد جعل المشرع المدني من مسألة تسجيل المدة في "عقد الإيجار" من الأركان الأساسية له حسبما نصت المادة 558 من القانون المدني: "عقد الإيجار هو عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم".
إلا أن هناك أمراَ في غاية الخطورة غير مسألة – عقد الإيجار – تجاهلها يؤدى إلى مزيد من المتاعب بين المؤجر والمستأجر، ألا وهي مسألة طلب إنهاء المؤجر العقد عقب انتهاء مدته الزمنية المتفق عليها، فما هي الشروط التي وضعها المشرع لإنهاء العقد وانفصام العلاقة الايجارية؟ وذلك تجنب الألاعيب التي من الممكن أن يقدم عليها "المستأجر" – بحسب الخبير القانوني والمحامى المتخصص فى الشأن العقارى يوسف سرحان.
إجراءات إنهاء العلاقة التجارية بين المالك والمستأجر
فى البداية – لابد أن نعلم أن مفاد النص في المادتين 558، 563 من القانون المدني يدل على أن المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار وأعتبر المدة ركناً فيه، وإنه إذا عقد العقد دون اتفاق على ميقات ينتهي فيه الإيجار أو تعذر إثبات المدة المدعاة أو عقد لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة تاريخ انتهاء الإجارة على وجه التحديد كأن ربط انتهاؤها بأمر مستقبل غير محقق الوقوع، تعين اعتبار العقد منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة ويكون لكل من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بالمادة 563 سالفة البيان – وفقا لـ"سرحان" .
المشرع أشترط التنبيه على المستأجر قبل النصف الأخير من الشهر
والنص في عقد الإيجار على انعقاده لمدة محددة تتجدد تلقائياً لمدد أخرى مماثلة طالما كان المستأجر قائماً بتنفيذ التزاماته، وأحقية الأخير وحده دون المؤجر في إبداء الرغبة في إنهائه يؤدى إلى اعتبار العقد - بعد انتهاء المدة المتفق عليها - متجدداً تلقائياً لمدد أخرى مماثلة لا يعرف على وجه التحديد تاريخ انتهائها، إذ نهايتها منوطه بمحض مشيئة المستأجر وحده أو خلفه العام، ولا يعرف متى يبدى أيهما الرغبة في إنهاء العقد، خاصة وأن الأصل في عقد الإيجار أنه لا ينتهي - إعمالاً لنص المادة 601 من القانون المدني - بوفاة المستأجر وتنصرف آثاره إلى خلفه العام - عملاً بنص المادة 145 من ذات القانون - ما لم يتبين من العقد أو طبيعة التعامل أو نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إليهم – الكلام لـ"سرحان".
ومن ثم فإن عقد الإيجار يعتبر في هذه الحالة منعقداً لمدة غير معينة ويتعين إعمال نص المادة 563 مدني وإعتباره - بعد انتهاء مدته الأولى المتفق عليها متجدداً للفترة المحددة لدفع الأجرة بانقضائها بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص هذه المادة، فإن لم يحصل التنبيه تجدد العقد للمدة المحددة لدفع الأجرة ثم لمدة مماثلة، وهكذا إلى أن يحصل التنبيه ولا يسوغ استبعاد نص المادة 563 مدني، والقول بانتهاء العقد بموت المستأجر الذي لم يبد الرغبة في حياته في انتهائه، إذ يتعذر تطبيق هذا القول في حالة ما إذا كان المستأجر شخصاً اعتبارياً إذ انقضاء الشخصية الاعتبارية أمر غير محقق الوقوع، كما لا محل للقول أيضاً بوجوب تدخل القاضي لتحديد مدة العقد أو انتهاء العقد بمضي 60 عام قياساً على حق الحكر.
التنبيه يعنى انفصام العلاقة الايجارية
ذلك أن الأصل أنه يمتنع على القاضي - إعمالاً لنص المادة 147 مدني التدخل لتعديل إرادة المتعاقدين إلا لسبب يقره القانون ولو ارتأى المشرع أن يتدخل القاضي لتحديد مدة العقد أو تحديد حد أقصى للمدة في عقد الإيجار - كما في حق الحكر - لنص على ذلك صراحة ومن ثم فلا محل للقياس والاجتهاد مع وجود نص المادة 563 مدني سالف البيان، ويؤيد هذا النظر أن المشروع التمهيدي للتقنين المدني الحالي كان ينص في الفقرة الأولى من المادة 760 على أن " إذا عقد الإيجار لمدة تزيد على ثلاثين سنة أو إذا كان مؤبداً جاز أن ينتهي بعد انقضاء ثلاثين سنة بناء على طلب المتعاقدين مع مراعاة المواعيد القانونية المنصوص عليها في المادة التالية..... " وقد حذفت لجنة الشئون التشريعية بمجلس النواب هذا النص بعد أن كانت قد أقرته لجنة المراجعة دون أن تشير إلى هذا الحذف في تقريرها وبذلك تركت المسألة للقواعد العامة الواردة في المادة 563 مدني.
رأى محكمة النقض فى الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة فى الطعنان 766 و 773 لسنة 56 ق حيث قالت المحكمة فى حيثيات الحكم، إذ كان الثابت أن عقد الإيجار محل النزاع المؤرخ قد انعقد لمدة 5 سنوات تتجدد طالما كان المستأجر قائماً بسداد الأجرة وله وحده الحق في طلب إنهائه وأن الأجرة مبلغ 180 جنيه تدفع شهرياً، فإنه مع وجود هذا الشرط يعتبر العقد بعد انتهاء مدته الأولى منعقداً للفقرة المحددة لدفع الأجرة وهي شهر يتجدد ويكون لأي من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد إذا نبه على الأخير قبل النصف الأخيرة من الشهر إعمالاً لنص المادة 563 مدني، وإذ كان الطاعنون قد نبهوا المطعون رسمياً في 17يناير1983 بإنهاء العقد فإن العلاقة الإيجارية تكون انفصمت بهذا التنبيه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وعمد إلى تحديد مدة الإجارة تحديداً تحكمياً بـ30 عاما فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ووفقا لـ"المحكمة" - عقود الإيجار الغير خاضعة للقوانين الاستثنائية تعتبر مؤقتة وعدم تحديد مدتها أو ربط إنهائهما بأمر مستقيل غير محقق الوقوع أو استحالة معرفة تاريخ انتهائهما، وجوب اعتبار العقد منعقدا للفترة المحددة لدفع الأجرة، ولكل من طرفيه الحق في إنهائه بالتنبيه على الآخر في الميعاد القانوني، طبقا للمادتان 558, 563 مدني.