قد يرى البعض أن طبيعة السياسة تقوم على خطاب مزدوج، حيث المعلن فيه يختلف أو يتناقض مع السري، لكن الحال مع تركيا وقطر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعلاقة مع إسرائيل تجاوز هذا إلى مايشبه الكوميديا. ويتجاوز الواقع إلى خيال وخلط ونفاق يحاول مداعبة جمهور لم يعد بعيدا عن متابعة ما يجرى فى ظل انتشار أدوات التواصل والنشر حيث المواقف تدور على الهواء ولا يمكن إخفاءها.
تركيا لها علاقات عسكرية مع إسرائيل تشمل التعاون في إنتاج وتطوير السلاح، فضلا عن تعاون امنى واستخباري وتنسيق مع الموساد والمخابرات المركزية الأمريكية ، وفى نفس الوقت لايتوقف اردوغان عن التصريحات المجانية بمساندة ودعم الشعب الفلسطيني، وقطر تفتح أبوابها للإسرائيليين فى كافة المجالات وتزعم انها تدعم حماس وقضيتها، وفى نفس الوقت تغذى قطر الانقسام الفسطينى، وتحرص على بقاء حالة التشظى والضعف، التى خلفتها عملية الانقسام والصراع.
بل ان تركيا وقطر كانا اللاعبان الرئيسيان فى تفكيك الدول وتغذية الصراعات والحروب بالوكالة ودعم تدفق الإرهابيين من كل دول العالم إلى سوريا والعراق ثم ليبيا، و أقامت تركيا وقطر علاقة مستمرة مع تنظيم داعش والقاعدة وكل التنظيمات الإرهابية بشكل يستحيل إخفاءه، وبما يشير إلى ان أنقرة والدوحة لاعبان رئيسيان في مشروعات التفكيك ودعم الصراعات البينية.
ولم تشهد قضية كل هذا الكم من الازدواجية السياسية مثلما جرى مع القضية الفلسطينية . تمارس دول مثل تركيا وقطر نوعا من المواقف تبدو اقرب للكوميديا منها إلى السياسة.
تركيا لم تتوقف علاقاتها مع إسرائيل على كافة المستويات العسكرية والاقتصادية والسياسية و علاقة دبلوماسية كاملة حيث تقبع سفارة تركيا فى إسرائيل وسفارة إسرائيل في أنقرة بشكل رسمي، ومع هذا فان الرئيس التركي رجب اردوغان يهاجم اتفاق الإمارات مع إسرائيل، ويهدد تهديدا كوميديا بسحب سفيره من أبو ظبى، وهو تهديد لفظى ومحاولة لتمثيل دور غير لائق بانقرة، و خطوة يصعب على المواطن العادى ان يبتلعها، خاصة والعلاقات التركية الإسرائيلية علنية وواضحة فى ظل عصر كل المواقف ظاهرة يصعب إخفاءها.
فشل رهان اردوغان وتميم من قبل على إمكانية توظيف قناة الجزيرة، وتوابعها فى اسطنبول ولندن، أن يمرروا تصريحات تتناقض مع سياسات علنية، او تجارة الشعارات ، خاصة مع تكرار سقوط قنوات الفبركة وتكرار تورطها فى نشر وصناعة الأكاذيب.
الجديد هو الرهان على بعض الفصائل الفلسطينية التى تمارس سياسات تدعم مشروعات التفرقة والصراع الفلسطينى -الفلسطيني، وهى مجموعات اعتادت ان تثرى على حساب مصالح الشعب الفلسطيني في غزة وغيرها ممن يعيشون في بؤس بينما يرفل المناضلون فى نعيم التمويلات التى تدفعها دول تزايد على غيرها وبعضها.
ومثلما يصعب ابتلاع الازدواجية التركية والقطرية، فإن بعض من اعتادوا التربح والتجارة بالقضية بالداخل هم ايضا لايريدون اى حلول وانما يحرصون على بقاء حالة السيولة والتضارب، بما يضمن تحقيق ارباح سياسية لتركيا وقطر ومالية لتجار اثروا وينتظرون المزيد.