أكرم القصاص

الفاسدون يفضلون المخالفين والأبواب الخلفية

الجمعة، 28 أغسطس 2020 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل قضية رشوة أو فساد بالمحليات تذكرنا بأن أكثر من نصف مشكلات مصر فى المحليات، وأن سقوط بعض المرتشين، بجهود الرقابة الإدارية، يشير إلى وجود أضعاف هؤلاء فى كل مكان، وأن وجود هؤلاء يضيع على الدولة والشعب مئات المليارات كل عام، فى وقت نحن أحوج إلى كل مليم. أيضا فإن ضبط مرتشين وفاسدين لا يمثل رادعا للمسؤولين القابلين للفساد. لأن كل فاسد أو مرتشٍ يظن نفسه أشطر ممن سبقوه، ثم أن الفاسد يحمل داخله جرأة إجرامية. ونتصور أن هناك عشرة أضعاف من يسقطون من الفاسدين فى المواقع التى تكون الوظيفة مصدرا لسلطة منع ومنح من دون قواعد واضحة وبالتالى تكون هذه السلطة قابلة للاستغلال السيئ.
 
والدليل على أن القابل للفساد لا يتعظ من سقوط سابقيه، ضبط مدير الإدارة الهندسية بالضبعة وآخر لتلقيهما رشوة 500 ألف جنيه، بعد عام واحد من ضبط أكبر قضية فساد فى مطروح بـ50 مليون جنيه، وأن رئيس حى مصر القديمة سقط مؤخرا برشوة 400 ألف جنيه بعد عام من سقوط رئيس نفس الحى السابق برشوة مليون جنيه. وهناك عشرات القضايا تضبطها الرقابة الإدارية شهريا فى المحليات وغيرها. 
 
لكن النقطة اللافتة فى قضايا الرشاوى أن الراشى أحيانا يدفع ليحصل على حقه خاصة من المواطنين، وقبل أن تشدد الدولة قرارات البناء وتواجه المخالفات، كان المخالفون هم من يحصلون على التراخيص، بينما المواطن الذى يسير «فى السليم» يعانى من التعنت، القصة أن الفاسدين يفضلون المخالفين، لأن المخالفات تجعل من السهل على المسؤول ممارسة الابتزاز، بينما صاحب الأوراق السليمة يتم تعطيله، وربما دفعه إلى باب خلفى ليحصل على حقه الطبيعى. 
 
من هنا تأتى أهمية إعلان قواعد شفافة وإنهاء الارتباط بين سلطة القرار والمراقبة والمتابعة، وهناك اتجاه لتعديلات حاسمة، وخلال الشهور الماضية تراجعت نسبة المخالفات، وأدى فتح أبواب المصالحات فى المخالفات للترخيص، بابا لاستعادة بعض حقوق الدولة، لدرجة أن مقاول واحد سدد 30 مليون جنيه للتصالح فى مخالفات عمارات وأبراج بناها خلال الفترات السابقة، وهناك مثله مئات، وكل هذه المخالفات تؤكد كيف تلعب المحليات الدور الأخطر فى تضييع المال العام، وأيضا إنتاج عشوائيات فى محافظة مهمة مثل الإسكندرية التى تحولت خلال عقدين إلى مثال صارخ على فساد علنى.
 
لقد نبه الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى كل مناسبة إلى خطورة المحليات وكيف أدى فسادها إلى إنتاج عشوائيات ودمر مرافق وأضاع مئات المليارات على الدولة لصالح قلة فاسدة. قبل عام من الآن فى أغسطس 2019 كان الرئيس يتحدث فى جلسة اسأل الرئيس بمؤتمر الشباب، وقال «إن حجم التعدى على الأراضى الزراعية وأراضى الدولة يعكس الدور الخطير والمهم للمحليات.. فى دول أخرى لا يستطيع مواطن أن يزرع أو يخلع شجرة أمام بيته من دون تصديق المحليات». وقال أيضا «هناك غياب كامل للمحليات، وتساءل الرئيس: هل ما نراه فى مصر يعكس دورا وأداءً جيدا ومنضبطًا وكفئًا؟.. وأجاب: «لا طبعا، احنا شايفين حجم التجاوز.. أى مبنى يتم بناؤه خارج الإطار من شغل المحليات، وأى تعديات هو شغل محليات، عندنا فى مصر مشكلة كبيرة فى هذا الأمر».
 
ومن هنا تأتى أهمية إحداث تغيير شامل فى شكل ومضمون السلطات بالمحليات أو أى وظيفة عليا، بحيث لا يتم تركيز السلطة فى يد واحدة، وأن ينتهى الدور البشرى فيما يتعلق بالإجراءات، خاصة أن التكنولوجيا تتيح استخدام برامج وأدوات تقلل من دور العامل البشرى. ربما تكون طريقا لمواجهة فساد ينتشر كالسرطان. ويهدر مليارات، بحيث يحصل المواطن على حقه بسهولة، ولا يضطر إلى الأبواب الخلفية.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة