تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم الخميس، العديد من القضايا الهامة أبرزها، توريث الحكم في آسيا وهى ظاهرة معروفة للجميع منذ الخمسينيات، خصوصاً في حالات الرحيل بالاغتيال وما يفجره ذلك من عواطف جياشة تجاه الأسرة المنكوبة، لاسيما إذا كان الراحل بطلاً للاستقلال، أو رمزاً وطنياً كبيراً، أو صاحب إنجازات عظيمة.
غسان شربل
غسان شربل: استرجاع بيروت المفقودة
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط، كأن رياح النهايات المؤلمة لفحت المدينة. جثث ملقاة في الشوارع لعجز البرادات عن الاستيعاب. ولأن بعض المستشفيات أصيب مع من أصيبوا. ولأن حجم الكارثة يفوق قدرة أجهزة الإطفاء والدفاع المدني والصليب الأحمر والطاقم الطبي. وهكذا اعتبرت المدينة المفقودة مدينة منكوبة.
استيقظت بيروت البارحة وراحت تتحسس هول طعنة لم تشهد مثيلاً لها من قبل. هذا يوم الجنازات وهي كثيرة. ويوم البحث عن المفقودين وليسوا قلائل. ويوم معاينة الأضرار وهي هائلة. لم يرحم عصف الانفجار الأعمدة والأسقف والجدران والواجهات ولم يرحم دور العبادة والمستشفيات والمدارس. كأن قاتلاً هائلاً قرر الإجهاز على المدينة فأمطر أهلها بالزجاج المطحون والركام. وجاءت وجبة الموت الصارخ في أوجع الأوقات.
لم يكن سراً أن شمس لبنان تغرب. وأن اللبنانيين لم يلتقطوا معنى التغييرات الكبرى في المنطقة ليخترعوا لبلادهم دوراً جديداً فيها. وكان واضحاً أن من تسلموا القرار في لبنان أو صادروه أقل من فكرة لبنان أو يغرفون من قواميس أخرى. بدا لبنان متجهاً نحو مئوية ولادته هذا العام مكبل الإرادة ومتهالك المؤسسات. وثمة من اعتقد أن هذا الكيان الصغير الذي ارتكب قبل قرن كان خطأ كشفت الأحداث افتقاره إلى الأعمدة الراسخة التي تحرس الخرائط من شهوات الخارج ومغامرات الداخل.
يرفض اللبنانيون الاعتراف بتراجع دور بلادهم أسوة بمن يرفضون الاعتراف بالتقدم في العمر. يكذبون على أنفسهم ثم تأتي الأحداث وتكذّب ادعاءاتهم. وأدوار الدول ليست هدايا يقدمها الآخرون. إنها تصنع بالجهد والصبر وحسن استخدام الأوراق والتوقيت. وفي السنوات الماضية لم يكن لبنان لاعباً لا بد من التوقف عند دوره. ولم يعد مصدر خطر على الآخرين بل صار مصدر خطر على نفسه.
تغيرت الظروف التي أعطت لبنان فرصة تقديم نفسه شرفة مفتوحة على المستقبل. خسر دوره الريادي. لم يعد مختبراً لتفاعل الأفكار بل صار أقرب إلى مستودع متفجرات. ولم يعد درساً صريحاً في التسامح بل صار أقرب إلى تأكيد الطابع الشائك للتعايش بين الاختلافات. لم يعد الرئة ولا النافذة ولا الجزيرة التي يبحث عنها من ضاقت بهم السبل بفعل وطأة الأجهزة في بلدانهم أو ضيق صدر أصحاب القرار.
عبدالله المدنى
عبدالله المدني: كمبوديا أيضاً تتجه للتوريث!
أكد الكاتب في مقاله بصحيفة البيان الإماراتية، أن توريث الحكم في آسيا ظاهرة معروفة للجميع منذ الخمسينيات، خصوصاً في حالات الرحيل بالاغتيال وما يفجره ذلك من عواطف جياشة تجاه الأسرة المنكوبة، لاسيما إذا كان الراحل بطلاً للاستقلال، أو رمزاً وطنياً كبيراً، أو صاحب إنجازات عظيمة.
قريباً جداً، سوف نكون أمام حالة مشابهة فريدة، مكانها كمبوديا وبطلها رئيس الوزراء "هون سين" الذي يحكم البلاد، في ظل ملكية دستورية غريبة، منذ عام 1985 دون انقطاع. أما الشخص المحظوظ المرشح لخلافته فهو ابنه "هون مانيت" الذي بات يكثر من الظهور رفقة والده في زياراته الخارجية، والتي كان آخرها زيارته إلى بكين في فبراير الماضي، حيث شوهد وهو يتلقى ترحيباً حاراً من الرئيس "شي جين بينج"
والحقيقة لئن كانت مرافقة الابن لأبيه إلى اجتماعات القمم الرسمية نوعاً من الإعداد المبكر للابن لوراثة المنصب الأعلى في البلاد، فإن ترحيب الزعيم الصيني به بحرارة فســر على أنه تزكية صينية لما سيقدم عليه الزعيم الكمبودي.
وهذه التزكية مهمة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن كمبوديا هي الحليف الأبرز للصين ضمن دول تلك المنطقة، وأنها صاحبة مواقف ثابتة في تأييد بكين. ثم إذا ما أخذنا في الاعتبار أيضاً حقيقة أن واشنطن تنافس بكين على النفوذ في هذه الدولة، ما يعني أن لكلتا القوتين مصلحة في انتقال السلطة في فنوم بنه بطريقة سلسة.
وهكذا، تحبذ الصين موضوع التوريث كي تضمن استمرارية سياسات فنوم بنه الحالية تجاهها. أما واشنطن، التي تدهورت علاقاتها مع كمبوديا منذ عام 2017، على خلفية العقوبات التي فرضتها ضد حكومة فنوم بنه بسبب اتهامها بقمع الحريات السياسية، فتبدو هي الأخرى غير معارضة لمسألة التوريث على أمل أن يكون الزعيم المقبل أكثر قرباً منها، وهو أمل يراهن عليه الأمريكيون من منطلق أن "هون مانيت" تلقى علومه العسكرية على نفقتهم في أكاديمية "ويست بوينت"، ونال درجة الماجستير من جامعة نيويورك الأمريكية قبل حصوله على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بريستول البريطانية.
جميل مطر
جميل مطر: أسباب عدة لانحدار أمريكا
أوضح الكاتب في مقاله بصحيفة الخليج الإماراتية، أن الرئيس دونالد ترامب في تغريدته الأشهر عن احتمال تأجيل الانتخابات الرئاسية كان حريصاً على ألا يهتم باللياقات المؤسسية، مثل تحديد الجهة التي سوف تصدر قرار التأجيل. هكذا وعلى هذا المنوال، أعتقد أنه سوف يستمر في تحدي القواعد والمؤسسات، يغير في تشكيلها ما شاء أن يغير، ويدمر ما جاء من أجل تدميره. لا شيء، لا شيء على الإطلاق، طرأ خلال عام أو أطول من الكتابة في هذا الموضوع دفعني لتغيير رأيي في موقفين، الأول هو ثقتي المطلقة في أن انحدار أمريكا بدأ قبل ظهور ترامب كمرشح رئاسي.
هنا أنا لا أبرئ الرجل من مسئوليته عما أصاب أمريكا في عهده من مصائب، وما فقدته من مكانة ومصادر قوة. أما الموقف الثاني الذي تمسكت به وما أزال فهو اقتناعي الراسخ بأن الرئيس ترامب لن يتخلى بسهولة عن منصب الرئاسة فاز في الانتخابات أم خسر. اعترف أنني ربما فشلت في إقناع بعض الأصدقاء أن ترامب جزء من رسالة تبشير عنصرية، تهب على العالم مرة أخرى من الغرب. هذه الرسالة لم تصل بعد إلى كل أهدافها، إلا أنها وجدت في انتظارها في عديد محطاتها آذاناً صاغية وتنظيمات واعية مستعدة لتغيير أمريكا نحو خيارات متشددة.
لكثرة ما كتب وقيل ولجودة وأصالة بعضه صار انحدار أمريكا له أدب خاص به. أسبابه ومصادره عديدة. وللحق سرعان ما يكتشف القارئ الموضوعي مبكراً أن الانحدار الأمريكي له ما يبرره، وبخاصة إن جرى التحليل ضمن السياق التاريخي. أعتقد أنها متعة من المتع الأصيلة، العودة إلى قراءة تاريخ صعود وانحدار القوى العظمى والإمبراطوريات الكبيرة. المتعة الأعظم هي في قراءة ومتابعة سياسيين من دول حملتها إلى المجد سيرتها الإمبراطورية، وألقت بها إلى سكك ودروب الانحدار حروب وأوبئة أو قصور ذاتي أو نهم التوسع، هؤلاء تراهم الآن يقفون على أبواب مدن نصف مدمرة في سوريا والعراق وليبيا يحلمون ببعث إمبراطوري بعد طول انحدار.
هيله المشوح
هيلة المشوح: هل تُسقط عبير موسي "الإخوان"؟
قالت الكاتبة في مقالها بصحيفة الاتحاد الإماراتية، "أفلت الغنوشي من سحب الثقة بسبب صفقاته من تحت الطاولة.. والأغلبية البرلمانية ترفضه وقد سقط سياسياً"، هكذا علَّقت عضو البرلمان التونسي ورئيسة كتلة "الحزب الدستوري الحر" عبير موسي، بعد إخفاق 97 نائباً، من أصل 127، في تصويت سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي الذي يتزعم "حزب النهضة" الإخواني، بعد أن تم التلاعب بالتصويت وإلغاء 18 صوتاً عمداً لإسقاط اللائحة. ومن أبطلوا أصواتهم كانوا قد تعهدوا بالتصويت بالموافقة، لكن يبدو أنهم تعرضوا لضغوطات، أو وعود لإتمام عملية إنقاذ الغنوشي من السقوط القانوني، كما حذّرت من ذلك مسبقاً ثلاث كتل نيابية، هي "الكتلة الديمقراطية" و"الإصلاح" و"تحيا تونس"، من محاولة إفشال جلسة التصويت على عريضة سحب الثقة. لكن الغنوشي سقط سياسياً، كما قالت موسي، حتى مع بقائه رئيساً للبرلمان التونسي.