قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إن الاتحاد الأوروبي يهدد بضرب وحدة أراضي المملكة المتحدة من خلال فرضه "حصارا غذائيا" بين بريطانيا وإيرلندا الشمالية، ما يؤجج حسب رأيه مساعي استكمال محادثات بريكسيت التي تشهد توترا كبيرا خصوصا حول مسألة وضع هذه المقاطعة البريطانية.
إعلان
ووفقا لما أورده موقع "فرانس 24"، اتهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الاتحاد الأوروبي بالتهديد بضرب وحدة أراضي المملكة المتحدة بفرضه "حصارا" غذائيا بين بريطانيا وإيرلندا الشمالية، ليصب بذلك الزيت على النار في محادثات بريكسيت التي تشهد توترا كبيرا.
وبينما وصلت المحادثات بين لندن وبروكسل بشأن العلاقة التجارية المستقبلية بين الجانبين إلى طريق مسدود، ألقت لندن باللوم على بروكسل في نشوب النزاع الذي وتر جلسة مفاوضات جديدة هذا الأسبوع وألقى بظلاله على المفاوضات المقررة بعذ أيام في بروكسل.
معضلة إيرلندا الشمالية
وظهر الخلاف عندما قدمت الحكومة البريطانية مشروع قانون إلى البرلمان الأربعاء يتعارض جزئيا مع الاتفاقية الموقعة بالفعل بشأن خروجها من الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة تنتهك القانون الدولي، كما أقر جونسون، معللا بأنه أجبر على ذلك.
وكتب جونسون في عدد السبت من صحيفة "ديلي تلغراف" أن موقف الاتحاد الأوروبي يبرر تقديم حكومته تشريعا جديدا لإعادة صياغة اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهو مشروع قانون يثير قلقا شديدا حتى في صفوف نواب معسكره المحافظ.
وشدد جونسون وسط أجواء تشير إلى عدم التوصل لاتفاق بنهاية هذا العام حين يدخل بريكسيت حيز التطبيق التام، على أن الاتحاد الأوروبي عازم على "تفسير متطرف" للقواعد الخاصة بإيرلندا الشمالية.
وأضاف "يقال لنا إن الاتحاد الأوروبي لن يكتفي بفرض رسوم جمركية على البضائع التي تنتقل من بريطانيا العظمى إلى إيرلندا الشمالية فحسب، بل قد يوقف أيضا نقل المنتجات الغذائية من بريطانيا إلى إيرلندا الشمالية".
كما قال جونسون "علي أن أقر بأننا لم نظن يوما بشكل جدي بأن الاتحاد الأوروبي سيقدم على استخدام اتفاق تم التفاوض بشأنه بحسن نية، لفرض حصار على جزء من المملكة المتحدة وعزله، أو أنه سيهدد بتدمير اقتصاد المملكة المتحدة ووحدة أراضيها".
"
مثير للسخرية"في المقابل، قال النائب الإسباني لويس غاريكانو لهيئة الإذاعة البريطانية "إنه أمر مثير للسخرية، إن السيد جونسون يريد الحصول على كل شيء" مشيرا إلى أن البنود المتعلقة بإيرلندا الشمالية كانت موجودة في الاتفاق الذي وقع عليه رئيس الوزراء في يناير/كانون الثاني.
كما دحض تقريرا نشرته صحيفة "فاينانشل تايمز" السبت مزاعم الحكومة بأن الاتفاق يتضمن مشاكل لم تكن ملحوظة سابقا بأن أعضاء في الحكومة البريطانية سبق أن حذروا في يناير من مشاكل محتملة في الاتفاق قبل أسبوع على الأقل من توقيعه من قبل جونسون.
وبموجب بروتوكول إيرلندا الشمالية، سيتعين على هذه المقاطعة البريطانية اتباع بعض قواعد الاتحاد الأوروبي بعد الفترة الانتقالية التي أتت بعد البريكسيت من أجل ضمان عدم وجود حدود مادية وتجنب عودة التوتر في هذه المنطقة التي شهدت نزاعا دمويا استمر ثلاثة عقود.
تدابير قضائية ضد لندن
وهدد الاتحاد الأوروبي بريطانيا باتخاذ تدابير قضائية في حقها ما لم تسحب التعديلات التي أدخلتها أحاديا بحلول نهاية سبتمبروالجمعة هدد قادة في البرلمان الأوروبي بنسف أي معاهدة تجارية إن أخلت لندن بوعودها.
من جانبه، حذر وزير المالية الألماني أولاف شولتس السبت عقب اجتماع لوزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي قائلا "بتقديري إن وضعية غير منظمة (لا اتفاق) ستكون لها تداعيات خطيرة على الاقتصاد البريطاني".
كما قال مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية باولو جنتيلوني إن "إعادة بناء الثقة" مع التكتل تقع على عاتق بريطانيا. وفي ظل انعدام هذه الثقة، هدد العديد من نواب حزب المحافظين الجمعة بعدم تمرير مشروع القانون، خوفا من أن يؤدي تحول موقف جونسون إلى الإضرار بمصداقية المملكة المتحدة.
الإضرار بسمعة المملكة
وفي السياق، قال النائب المحافظ توبياس إلوود في تغريدة على تويتر إن المشروع "أضر بالفعل بسمعة بريطانيا" كدولة "مدافعة عن القواعد الدولية".
ورد جونسون السبت قائلا "لا يمكننا ترك السلطة النظرية لتقسيم بلادنا في أيدي منظمة دولية" واعتبر أنه من "الحيوي" تبني مشروع القانون "لوضع حد لهذا الاحتمال".
ويتركز الخلاف حول المواد الغذائية، على رفض الاتحاد الأوروبي منح بريطانيا وضع "دولة ثالثة" الذي يجعل الدول مستوفية المتطلبات الأساسية لتصدير موادها الغذائية إلى أوروبا.
ويخشى الاتحاد الأوروبي أن تخفض بريطانيا بعد خروجها معايير الأغذية وكذلك القواعد الخاصة بمساعدة الدولة للشركات لإرسال البضائع إلى سوقه الموحدة عبر إيرلندا الشمالية.
وتنوي الحكومة أن تبدأ دراسة المشروع في مجلس العموم اعتبارا من الاثنين، حيث تتمتع بأغلبية 80 مقعدا.
فيما رفضت إيرلندا الأحد، تصريحات نارية أطلقها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اتّهم فيها الاتحاد الأوروبي بالسعي لزعزعة استقرار المملكة المتحدة، وذلك عشية بدء أسبوع ثان من محادثات بريكست ونقاش برلماني عاصف في لندن.
واندلع الجدل على خلفية مشروع قانون بريطاني جديد تقر لندن بأنه ينتهك معاهدة انفصالها عن الاتحاد الأوروبي، علما أن هذا التشريع استدعى رد فعل غاضبا من رئيسي الوزراء البريطانيين الأسبقين توني بلير وجون ميجور، ومن نواب حاليين.
ورفضت وزيرة العدل الإيرلندية هيلين ماكنتي اتهامات جونسون للاتحاد الأوروبي بتهديد وحدة أراضي المملكة المتحدة عبر فرض "حصار" غذائي على إيرلندا الشمالية يفصلها عن باقي المناطق البريطانية.
وقالت الوزيرة الإيرلندية لشبكة "سكاي نيوز" الأحد "ببساطة ليس الأمر كذلك".
وتابعت إن "أي إيحاء بأن ذلك سيؤدي إلى إقامة حدود جديدة، هو ببساطة غير صحيح"، في حين وصف وزير الخارجية الإيرلندي سيمون كوفيني ما قاله جونسون بأنه "تحريف وليس الحقيقة".
وقال كوفيني "ليس هناك حصار مقترح"، واصفا التصريحات الصادرة عن رئاسة الحكومة البريطانية بأنها "تحريضية".
وقالت ماكنتي إنه سبق أن تم الاتفاق على بروتوكول حول إيرلندا الشمالية في معاهدة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وافق عليه الطرفان يضمن نزاهة المنافسة بعد بريكست، والامتثال لمعاهدة السلام الموقعة في العام 1998 والتي وضعت حدا لثلاثة عقود من النزاع في المقاطعة البريطانية.
وأضافت إن المعاهدة "تضمن وحدة أراضي إيرلندا الشمالية ضمن المملكة المتحدة"، كما "تضمن عدم العودة لإقامة أي شكل من أشكال الحدود".
-
مطالبات بالاستقالة -لكن، وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "لو باريزيان" اعتبر وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي كليمان بون أنه "لا يعقل" ألا تفي "ديموقراطية عظمى" مثل المملكة المتحدة بتعهداتها.
بدوره، اعتبر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أن "المصداقية الدولية" لبريطانيا على المحك، في خضم مساع يبذلها الطرفان لوضع حد لاندماج اقتصادي استمر نحو 50 عاما.
وشدد ميشال على ضرورة أن تفي حكومة جونسون بوعودها.
وجاء في تغريدة أطلقها عقب محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الإيرلندي ميشال مارتن "حان الوقت لأن تتحمل حكومة المملكة المتحدة مسؤولياتها"، فيما اعتبر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه أن البروتوكول المتعلق بإيرلندا الشمالية "لا يشكّل تهديدا لوحدة أراضي المملكة المتحدة".
ورد كبير المفاوضين البريطانيين على بارنييه عبر سلسلة تغريدات كشفت تفاصيل الخلاف القائم في المحادثات المغلقة.
وقال فروست إن فريق بارنييه أبلغنا "بكل صراحة في هذه المحادثات بأنه إن لم تكن منتجاتنا مدرجة على قوائم (الدول المصرح لها بإدخال منتجاتها إلى الاتحاد الأوروبي) فلن نكون قادرين على نقل الأغذية إلى إيرلندا الشمالية".
ويبدأ مجلس العموم البريطاني الإثنين مناقشة مشروع القانون، علما أن نوابا محافظين معارضين لخطة جونسون يطالبون بسحب مشروع القانون ويدفعون باتّجاه استقالة وزير العدل روبرت باكلاند.
وصرّح باكلاند لمحطة "بي بي سي" التلفزيونية "إن رأيت خرقا غير مقبول لسيادة القانون عندها بالطبع سأقدم على ذلك (الاستقالة)".
وتابع "لا أعتقد أننا سنبلغ تلك المرحلة"، مشددا على موقف جونسون الذي يعتبر أن مشروع القانون هو "بوليصة تأمين" في حال حصل بريكست من دون اتفاق هذا العام، مع استئناف المحادثات التجارية الشاقة في بروكسل هذا الأسبوع.
وجاء تقرير نشرته صحيفة "صنداي تلغراف" ليصب الزيت على النار، إذ أشار إلى أن عددا من الوزراء البريطانيين يطرحون جعل البلاد في حل من بنود أساسية في القانون الأوروبي لحقوق الإنسان بعد بريكست، لغايات إحداها تمتع بريطانيا بحرية أكبر في التعامل مع الهجرة غير النظامية.
إحراج للأمة
وبالتزامن مع خوض جونسون معركة بريكست يواجه رئيس الوزراء البريطاني نقمة متزايدة داخل التكتل النيابي للحزب المحافظ على خلفية إدارته لأزمة فيروس كورونا المستجد.
والإثنين تعتزم الحكومة فرض قيود جديدة على التجمعات.
وطالب حزب العمال، أبرز احزاب المعارضة، جونسون بترتيب أولوياته بعد مرور أربع سنوات على قيادته حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وكتب رئيس حزب العمال كير ستارمر في صحيفة "صنداي تلغراف" مقالا جاء فيه "امض قدما ببريكست وتغلّب على الفيروس. هذا ما يجب أن يكون شعار الحكومة".
وحضّ رئيسا الحكومة الأسبقان جون ميجور وتوني بلير اللذان قادا بريطانيا إبان المحادثات التاريخية حول إيرلندا الشمالية في تسعينيات القرن الماضي، النواب على رفض التشريع، معتبرين أنه يعرّض عملية السلام والمحادثات التجارية مع الاتحاد الأوروبي ومصداقية بريطانيا للخطر.
وجاء في مقال مشترك كتباه في صحيفة "صنداي تايمز" أنه "في حين ينظر العالم بذهول إلى المملكة المتحدة التي لم تكن تعهّداتها في الماضي محل تشكيك على الإطلاق، تجلب هذه الحكومة بأفعالها العار لنفسها وتحرج أمتنا".
وهدد الاتحاد الأوروبي بريطانيا باتخاذ تدابير قضائية في حقها ما لم تسحب التعديلات التي أدخلتها أحاديا بحلول نهاية سبتمبر والجمعة هدد قادة في البرلمان الأوروبي بنسف أي معاهدة تجارية إن أخلت لندن بوعودها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة