تداول الدواجن الحية قضية فى منتهى الخطورة لا يقترب منها أحد، على الرغم من صدور قانون مفصل ولائحة تنفيذية واضحة المعالم منذ العام 2009، تنص على: "منع تداول وبيع الطيور والدواجن الحية فى محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية، إلا بتصريح من الخدمات البيطرية يثبت خلو الدواجن من انفلونزا الطيور والفيروسات والأمرض، واستيفاء المزارع للاشتراطات الصحية اللازمة" إلا أن كل وزراء الزراعة خلال فترة الـ 11 عاما الماضية، وعددهم 8 وزراء لم يتمكنوا من تطبيق القانون حتى الآن، نظرا للضغوط الكبيرة التى يمارسها أصحاب المصالح ومحاولات العرقلة المستمرة لهذه القضية.
لا توجد دولة متقدمة فى العالم كله تتبع طريقة نقل وتداول الطيور الحية وذبحها وتداولها بطريقة غير منظمة كما يحدث فى مصر، فالكل يعتمد على مجازر حديثة ووسائل متطورة يتم من خلالها الذبح والتنظيف دون تدخل من العنصر البشرى، لضمان عدم التعرض للتلوث، والخلو من الأمراض، بحيث يتم الكشف على الدواجن من قبل أطباء بيطريين متخصصين، ويتم عزل أى نوعيات مصابة بأنفلونزا الطيور أو تشكل خطورة على المستهلك، لتصل في النهاية إلى المواطن بصورة آمنة وخالية من الأمراض، بالإضافة إلى أن المجازر الكبيرة تخضع لرقابة الدولة والأجهزة المعنية المختلفة، ويتم التفتيش عليها بصورة منتظمة، تضمن معايير السلامة، بينما المحال الصغيرة، التى يوجد أغلبها فى المناطق العشوائية "تحت بير السلم" يصعب تعقبها أو السيطرة عليها، خاصة أن جميعنا يعرف أن المحليات ضعيفة وغالبا ما تغمض أعينها عن تلك القضية.
بقاء التجارة العشوائية لمحال الطيور والدواجن الحية يضر بفرص التصدير للخارج، والعملة الصعبة التى قد تأت لمصر من هذا الاتجاه، وتضيع فرص ذهبية على أصحاب المزارع، فالبيع العشوائى وطريقة التجزئة وفكرة " أقفاص الفراخ" والتوريد اليومى، الذى نشاهده بشك دائم، تضر بمصالحهم وتحد من مكاسبهم، بينما لو تم تطوير المشروع بصورة منظمة، بحيث يتم التوريد والبيع للشركات والموردين سيكون العائد أعلى والنشاط فى تطور مستمر، وأكبر دليل على ذلك ما حدث اليوم من اتفاق بين مصر والإمارات على استئناف حركة توريد الدواجن المصرية، فى ظل الإجراءات التى اتخذتها القاهرة لاعتماد المُنشآت للتصدير، والتأكد من خلوها من فيروس انفلونزا الطيور، لتكون بشرة خير لكل أصحاب مزارع الدواجن، فقد كان التصدير معلق منذ العام 2006، بما يؤكد أن سوق قوية للتصدير قد تنشأ في مصر من تربية الدواجن.
قضية منع وتداول الطيور الحية والبدء فى الاعتماد على الداوجن المبردة شائكة ولا يقترب منها أحد لأسباب عديدة، أهمها أن البعض يروج لفكرة غلق المحال الصغيرة وتشريد العمالة، إلا أن الأمر فى حقيقته فى صالح هذه المحال وتلك العمالة، التى يمكن تطويرها بأسلوب يتناسب مع متطلبات العصر، لذلك سنناقش القضية بكل أبعادها خلال مقالات قادمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة