ساعات قليلة على بدء مراسم التنصيب، تبدأ الولايات المتحدة الأمريكية صحفة جديدة مع الرئيس المنتخب جو بايدن، وتطوى صفة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، ولكن تسود حالة من القلق والتوتر لإفساد أنصار ترامب مراسم التنصيب، بارتكاب هجمات أو أعمال متهورة، حيث علق مراقبون على هذه الحالة قائلين، "أحاط سلوك ترامب السياسي وتهديداته أجواء تلك المناسبة للعام 2021 بما يشبه أجواء الاستعداد للحرب ولا يختلف كثيرا عن أجواء الكوارث الطبيعية"، لذلك تعيش العاصمة الأمريكية منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، حالة استنفار أمني وتشديد في الإجراءات الاحترازية؛ مع اقتراب ساعة استلام رئيس البلاد المنتخب رسميًا جو بايدن لمهام منصبه ليكون رئيسًا فعليًا للولايات المتحدة.
وأعلنت المباحث الفيدرالية الأمريكية "إف بي آي" اعتقال 110 أمريكيين على خلفية تحقيقات تجرى في واقعة اقتحام الكابيتول، والدعوة لأعمال عنف، كما أعلنت وزارة الأمن الداخلي حالة استنفار شامل في صفوف أفراد الشرطة، التي تلقت أوامر في الساعات الأولى من صباح اليوم باستدعاء أعداد إضافية من ولايات فيلاديلفيا ولاس فيجاس ولوس انجلوس وهيوستن؛ لدعم قوات الشرطة والحرس الوطني، التي تم الدفع بها إلى العاصمة واشنطن لتأمين مراسم تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد.
وقالت مصادر في وزارة الأمن الداخلي الأمريكية "دى اتش اس" إن 130 طائرة مراقبة أمنية تشارك في تأمين أجواء العاصمة الأمريكية واشنطن قبل وأثناء وبعد الانتهاء من مراسم تسليم السلطة إلى الرئيس الأمريكي الجديد.
كما نقل سلاح الجو الأمريكي سبعة آلاف من رجال الشرطة من الولايات المختلفة إلى واشنطن خلال اليومين الماضيين، وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم؛ لتعزيز تواجد قوات الشرطة المدنية في محيط مبنى الكابيتول والشوارع المؤدية إليه وسائر أرجاء العاصمة الأمريكية.
تجدر الإشارة إلى أن 25 ألفا من قوات الحرس الوطني الأمريكي كانوا قد تم نشرهم في العاصمة واشنطن منذ السادس من يناير الجاري عندما اقتحم أنصار ترامب مقر الكونجرس الأمريكي "الكابيتول"، وعجزت قوات الشرطة وقوة أمن الكونجرس في إيقاف اقتحامهم.
من جهته أنهي رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي عمليات تفتيش ذاتي لأفراد قوات الحرس الوطني الأمريكي البالغ عددهم 25 ألفا ، ممن تم حشدهم في العاصمة الأمريكية لتأمين إجراءات تنصيب الرئيس الأمريكى الجديد جو بايدن و نائبته كاميلا هاريس بمقر الكونجرس الأمريكي اليوم .
وتمت عملية التفتيش الذاتي التي بدأت في ساعة مبكرة من صباح اليوم ، بتنسيق مع قيادة الجيش الأمريكي الذي يعد الحرس الوطني احد تشكيلاته الاحتياطية ،وهو أجراء يقول الخبراء انه غير معهود في احتفالات تنصيب رؤساء الولايات المتحدة ، وتوافرت معلومات حول قيام مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي باستبعاد 12 من جنود الحرس الوطني الأمريكي ،للاشتباه في تعاطفهم مع المتظاهرين الذين اقتحموا مبنى الكونجرس الأمريكي في السادس من الشهر الجاري من أنصار ترامب .
ويقول المراقبون أن حساسية قيام رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي "اف بى اى" بتفتيش العسكريين الأمريكيين ، يعبر عن مدى حالة التوتر و القلق من إقدام من وصفتهم تقارير الصحافة الأمريكية ب " اولتراس ترامب " ،على ارتكاب هجمات متهورة لإفساد مراسم تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد .
وجاءت عملية التفتيش كأجراء احترازي بعد تحذيرات صدرت عن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" من إمكانية حدوث " هجمات من الداخل " خلال مراسم التنصيب ، يقوم بها عناصر من قوات الحرس الوطني المستدعاة وعددهم 25 ألف فرد ، كما لا تستبعد تقديرات الأمن الأمريكية وجود أنصار متطرفين لترامب في صفوف القوات المسلحة الأمريكية التي من بينها قوات الحرس الوطني .
كما لا يستبعد خبراء الأمن في الولايات المتحدة اختراق عناصر تتبع القاعدة أو المنظمات الإرهابية الأخري ، التي تحاربها الولايات المتحدة صفوف قوات التأمين حيث تبين انضمام عسكريين أمريكيين سابقين إلى صفوف داعش والقاعدة في الأعوام الأخيرة وجميعهم له ارتباطاته في الداخل الأمريكي ، ولا يستبعد آخرون إمكانيه أن تأتى الضربة من خلايا كامنة في داخل الولايات المتحدة .
و قد تبين لمحللي المحتوى التابعين لمكتب التحقيقات الفيدرالي لجوء بعض المقتحمين ،إلى أساليب تشبه ما يتدرب عليه العسكريون في اقتحامات المباني و الأهداف الحيوية ، واستخدام بعضهم لتكتيكات في التحرك والتوجيه تشبه تلك التي يستخدمها رجال العسكرية الأمريكية ، وهو ما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى الشك في تلقى بعض المقتحمين على تدريب عسكرية ،لاقتحام المباني و تخطى الموانع و استخدام أجهزة اللاسيلكي وبعض المهارات التكتيكية .
ورصدت عدسات عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي ، مالا يقل عن 21 من العسكريين الحاليين والسابقين كانوا في محيط مبنى الكابيتول ، حيث جرت وقائع الحشد الكبير لأنصار ترامب في السادس من الشهر الجاري أعقبها اقتحام لمقر الكونجرس واشتباكات سقط فيها خمسة قتلى .
كذلك توافرت لمكتب التحقيقات الفيدرالي "اف بى اى" المسئول عن سلامة الجبهة الداخلية الأمريكية و إنفاد القانون ، تؤكد وجود عنصر تمويل حصل عليه بعض من تم اعتقالهم من مقتحمي الكابيتول ، وكذلك رصدت عدسات المراقبة قيام عملاء لأجهزة استخبارات أجنبية، باستثمار المشهد المرتبك بعد اقتحام الكونجرس و تسللهم وسط المقتحمين ، بقصد الاستيلاء على حواسب و معلومات مهمة من لجان الكونجرس الخاصة بالدفاع و الأمن و الاستخبارات و الموازنة والتسلح ، وهو ما شكل فرصة ذهبية أمام استخبارات الدول المعادية للولايات المتحدة في الحصول على أسرار أهم مراكز لصناعة القرار في الولايات المتحدة .
ويجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي تحقيقا بشأن واقعة اختفاء سيارة عسكرية من طراز / هامفى / ، من مقر أحد كتائب الحرس الوطني الأمريكي في لوس انجلوس السبت الماضي ، ورصد المكتب مكافأة قدرها عشرة آلاف دولار لمن يرشد عنها .
وتعد هذه المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة وبعد موافقة البنتاجون، لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، إجراء عملية تفتيش ذاتي لآلاف من جنود الحرس الوطنى، كما يبحث مكتب التحقيقات الفيدرالي عن سيارة عسكرية تم الإبلاغ عن سرقتها من أحد معسكرات الحرس الوطني يوم السبت الماضي، ولم يتم العثور عليها حتى الآن، وقد حذرت وزارة الدفاع الأمريكية مما اسمته "التهديدات الداخلية"، في تقرير لها مساء أمس، وهو ما طرح احتمالية قيام عناصر موالية لترامب بالتنكر في زي قوات الحرس الوطني وارتكاب أعمال عنف مفاجئة لإفساد مراسم تسليم السلطة إلى الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن.
رايان ماكارثي
من جهته قال الجنرال رايان ماكارثي قائد قوات الحرس الوطني في البنتاجون إن نجاح مراسم التنصيب الرئاسي اليوم بلا تهديدات أو مشاكل سيكون شرفا لكل العسكريين من أبناء الشعب الأمريكي.
ووجه ماكارثي - في كلمة وجهها لرجاله المنتشرين فى واشنطن - بقبول إجراءات التأمين الاحترازي الإضافية التي تقوم بها السلطات الفيدرالية الأمريكية، وباليقظة التامة ضد أية محاولات للإخلال بالأمن خلال مراسم التنصيب أو بعدها.
وفى ضوء ذلك خلقت تهديدات الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب ومناصريه أجواء ساخنة ومزاجا متوترا في أوساط الأمريكيين، مع اقتراب مراسم تنصيب رئيس الولايات المتحدة الجديد جو بايدن.
ويقول المراقبون إنه بعد أن كان يوم التنصيب يشكل لدى الأمريكيين كرنفالا ديمقراطيا وطنيا يؤكد عظمة ديمقراطية الولايات المتحدة التي طالما باهى الأمريكيون شعوب العالم الأخرى بها، أحاط سلوك ترامب السياسي وتهديداته أجواء تلك المناسبة للعام 2021 بما يشبه أجواء الاستعداد للحرب ولا يختلف كثيرا عن أجواء الكوارث الطبيعية .
وأشارت التقارير الإخبارية الأمريكية والصحف الصادرة اليوم /الأربعاء/ إلى أن أجواء الاستنفار الأمني الذي تشهده العاصمة واشنطن تكاد تكون هي ذات الأجواء التي عاشها الأمريكيون في مدينة نيويورك إبان تفجيرات برجي مركز التجارة العالمي في الحادي عشر من سبتمبر 2001.
وبسبب سياسات ترامب بعد إعلان هزيمته أمام بايدن، عاد إلى مسامع الأمريكيين للمرة الأولى منذ عقود تعبيرات مثل "التهديد الداخلي" بعد أن كان الأمريكيون يعتقدون أن وطنهم "آمن داخليا" ولا تأتيه التهديدات الإرهابية إلا من خارجه فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة