تتواصل الأزمة الاقتصادية التركية التي بدت وكأنّها تدور في حلقة مفرغة منذ أكثر من عامين، وعادت الحكومة التركية خلالها إلى إجراءات اتّخذتها وجرّبتها سابقاً، كتحديد أرقام لا يمكن دفعها، ثم انتقل إلى إعادة الهيكلة، والفشل من جديد كلّ مرة.
وبحسب محللين أتراك، نقلت آرائهم صحيفة "أحوال" التركية المعارضة، فإنّ هذا لا يحدث حتى في المسلسلات التلفزيونية. وأثناء التطرق إلى مسألة الديون وإعادة هيكلة القروض، فإنّه في الوقت الراهن، هناك إعادة هيكلة جديدة على جدول الأعمال، مع العلم أنّ نهاية كل مرحلة كانت بمثابة إخفاق تام، ومن المتوقّع أن تكون نهاية هذه المرحلة الجديدة من إعادة الهيكلة بالنسبة للديون كسابقاتها أيضاً.
وفي هذا الإطار يقول الخبير الاقتصادي جيتين أونسالان إنّه في السنوات الخمس الماضية، تم طرح 4 عمليات إعادة هيكلة على جدول الأعمال، وأنّه يمكن للأشخاص غير القادرين على الدفع التقدم بطلب خوف من حبس الرهن والتحصيل من المستحقات. كما يقول: "لا أعتقد أن الاقتصاديين يمكنهم قول أي شيء على أي حال."
ويضيف أونسالان: نحن نتحدث عن معاملة يكون فيها دافعها دائمًا ضحية، حيث لا يزال غير قادر على الدفع، وتتمّ استعارة القسط الأول، لكن بعض الشركات تنتظر وقت دفع جديد لسبب ما، ولا توجد نتيجة أبدًا. نظرًا لعدم وجود ممارسة ضريبية واقعية، من الصعب فهم من هو حسن النية ومن هو سيّئ بين أولئك الذين لا يدفعون.
ويذكر أنّ الجميع يعلم أن إعادة الهيكلة الجديدة أمر لا مفر منه بحلول نهاية عام 2021. وفي هذه الحالة، لا يمكنك تحصيل الضرائب على أي حال. تقدم 6 ملايين 575 ألف مكلف لآخر إعادة هيكلة خلال 40 يومًا. هل تعرف ماذا يعني ذلك؟ في بلد يبلغ فيه إجمالي عدد دافعي الضرائب 11.5 مليون، فهذا يعني أن الأسواق قد انهارت.
ويشير أونسالان أنّ من المحتمل أن نشهد إعادة هيكلة مرة أخرى يمكن أن تتعطّل في الدفعة الثانية. إذا كان أحد دافعي الضرائب في بلد ما لا يستطيع سداد ديونه مثل الضرائب وأقساط التأمين للناس، إذا لم تحصل على نتائج على الرغم من إعادة الهيكلة مرة تلو أخرى، فهل تقوم بإجراء جديد أم أنك ستبحث عن إجابة لسؤال "لماذا لا يستطيع الناس الدفع"؟
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أنّ تركيا ستواصل الانجراف في عاصفة إعادة الهيكلة. نظرًا لأن أولئك الذين لا يستطيعون الدفع هم نفسهم في كل مرة، فسوف نشهد حالات حبس الرهن من معظم متاجر الإلكترونيات وسلاسل الدفع في الأسواق. وسيكون من المحتم أن تنشأ اضطرابات الثقة في الاقتصاد واحدة تلو الأخرى.
ويتساءل أونسالان: من يستطيع أن يثق بالأسواق في ظل هذه الظروف؟ ثمّ يلفت إلى أنّ الاقتصاد لا يقتصر فقط على سياسات البنك المركزي أو الدولار أو البورصة أو الفائدة، وفوق ذلك سنقوم بتضييق حجم السوق المحلي في إطار مكافحة التضخم. لكننا لن نناقش الضرائب. لا الحد الأدنى للأجور ولا التزامات دافعي الضرائب. ثم سنخرج وندعو الناس للدفع.. وفي هذه الحالة ستقوم الحكومة إما بجعل الضرائب والأقساط واجبة السداد أو تحيل هذا البند، الذي لا يمكن دفعه حتى لو كان مستحقًا، إلى قائمة المستحقات المشبوهة.
وعلى صعيد متصل بالأسواق والأسعار، فإنّ الأيام الأخيرة من عام 2020، مهدت لدخول العام الجديد بارتفاعات على الأسعار من شأنها إثقال كاهل المواطنين أكثر فأكثر. وأعلنت هيئة تنظيم سوق الطاقة عن رسوم الخدمة المطبقة في الكهرباء والغاز الطبيعي في عام 2021. في القرار الذي يعتبر أول ارتفاع لهذا العام، تم الإعلان عن الزيادة بنسبة 11 بالمائة.
أما الليرة التركية مقابل الدولار، فقد استمرت على تراجع في الأسابيع الأخيرة، وأشار اقتصاديون إلى أن سياسة تركيا ذات الفائدة المرتفعة من الفائدة تنبع من العملات الأجنبية التي تدخل البلاد لمن يريد استغلالها. بينما انخفض الدولار، الذي حطم الرقم القياسي بتجاوز مستوى 8.5 ليرة تركية في نوفمبر، إلى المستوى 7.30 فإن السؤال أيضًا ما إذا كان هذا الاتجاه سيكون دائمًا.
وبهذا الصدد قال الكاتب والاقتصادي أفرين ديفريم زيلوت في جريدة يني جاغ: "هذا هو التاريخ الذي تنتهي فيه أشهر العسل بالدولار!". وذكر أنّ الغرض من رأس المال الأجنبي أو الذي يفتح مكان العمل في تركيا أنه بمجرد الحصول على فوائد الدخل ولفت الانتباه يكون على استعداد للفرار من البلاد إذا كانت هناك أدنى مشكلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة