إنجاز تلو إنجاز حققته مصر فى عام 2021، ليستحق هذا العام عن جدارة لقب العام الذهبى للسياسة الخارجية المصرية، حيث نجحت الدولة المصرية فى أن تكون الداعم والسند الاكبر لقضايا العرب الأشقاء وانهاء الأزمات في المنطقة العربية واعادة الاستقرار، تكريساً لدور القاهرة في محيطها العربي والإقليمي كدولة محورية ورئيسية في المنطقة العربية، وبما لها من ثقل اقليمي وعربي قوة ومكانة، وما يضيفه لها موقعها الجغرافي ودورها التاريخي.
العام 2021، وضع الدولة المصرية نصب أعينها الحفاظ على الأمن القومى المصرى والعربى بما فيه الالتزام بإيجاد حلول وتسويات سياسية لقضايا العرب، كأحد المرتكزات التى تأسست عليها السياسة الخارجية المصرية نظرا لما تمثله هذه الأزمات من تهديدات لأمن واستقرار الدول العربية لاسيما المصرية.
وفى هذا العام، حرصت القيادة المصرية على بذل المزيد من الجهود فى المحافل الدولية والمشاركة فى مؤتمرات الدعم والسند سواء كانت الاقتصادية أو السياسية، فضلا عن كونها حملت على عاتقها استقرار البلدان العربية، وحذرت من خطورة اسقاط الدولة، ولعبت دور رئيسي لحلحلة الأزمات والصراعات داخل البلدان العربية نظرا لانعكاساتها على الامن القومى المصرى.وتبنت استراتيجية تسوية المنازعات بالطرق السلمية، وأصبحت مرتكز رئيسي تقوم عليه سياسة الدولة تجاه الأشقاء العرب فى الإقليم.
فلسطين
العام 2021، أصبحت القضية الفلسطينية بؤرة اهتمام القيادة السياسية، وأكد الرئيس السيسي في مناسبات عدة على استمرار مصر في جهودها الدؤوبة تجاه القضية الفلسطينية، لكونها من ثوابت السياسة المصرية، مشدداً على مواصلة بذل الجهود لاستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وفق مرجعيات الشرعية الدولية، أخذاً في الاعتبار المتغيرات على الساحتين الإقليمية والدولية خلال الفترة الأخيرة، ومن ثم أهمية توحيد الجهود العربية والدولية للتحرك بفعالية لإعادة تنشيط الآليات الضالعة في مفاوضات السلام بين الطرفين، وتجاوز تحديات الفترة الماضية، وذلك بالتوازي مع جهود مسار المصالحة الوطنية وبناء قواعد الثقة بين الأطراف الفلسطينية، تعزيزاً للمسار الأساسي المتمثل في تحقيق السلام المنشود.
وتمتلك الدولة المصرية علاقات قوية مع المكونات والفصائل الفلسطينية سواء السلطة الوطنية أو باقى الفصائل في الداخل والخارج، الأمر الذى عزز من فرص نجاحاتها فى دفع الفصائل المنقسمة نحو التوافق ووضع حد لمشكلة الانقسام الفلسطيني، وأصبحت مصر محورًا أساسيًا لأية تحركات جادة لدعم القضية الفلسطينية العادلة ويمكن اعتبار القاهرة البوصلة الرئيسية في دعم قضية فلسطين وتنخرط بشكل فاعل في مجموعة ميونيخ (مصر – الأردن – فرنسا – ألمانيا) لإعادة تنشيط المسار التفاوضى للقضية الفلسطينية.
وخلال العدوان الاسرائيلى الأخير الغاشم على غزة، وجه السيسى بالتنسيق مع الأشقاء الفلسطينيين بقطاع غزة للوقوف على احتياجاتهم وتلبيتها، وفتح المستشفيات المصرية لاستقبال الجرحى والمصابين من قطاع غزة، وتوجهت العديد من الحافلات التى تحمل المساعدات المصرية للشعب الفلسطينى فى طريقها إلى معبر رفح، بعد وعود حاسمة بتمويل وإعادة بناء قطاع غزة بـ500 مليون دولار.
سوريا
واصلت الدولة المصرية فى 2021، دور الوساطة بين الاطراف الدولية والجيش السورى وفصائل المعارضة، متخذة من عددا من الثوابت التى تحكم العلاقات المصرية السورية قاعدة فى حل الأزمة.ورحبت مصر على لسان الرئيس السيسي بتشكيل اللجنة الدستورية في سوريا، مطالبًا ببدء عملها بشكل فوري ودون إبطاء، كخطوة ضرورية نحو التوصل لتسوية سياسية شاملة، وفقـا لقرار مجلس الأمن رقم (2254)، وبما يحقق وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية وسلامة مؤسساتـها، ووقف نزيف الدم، والقضاء التام على الإرهاب، كما أكد على ان الحل السياسي في سوريا، بات ضرورة ملحة لا تحتمل المزيد من ضياع الوقت، والاستمرار في الحلقة المفرغة، التي تعيشها سـوريا منذ 10 أعوام.
وفى سبتمبر 2021، التقى للمرة الأولى وزير الخارجية سامح شكري مع نظيره السوري فيصل في مدينة نيويورك الأمريكية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليؤكد على ثوابت الحفاظ على الأمن القومى ووحدة مؤسسات الدولة السورية، وفى اكتوبر 2021، أكد سامح شكري، لدى لقائه مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، حرص مصر على مساندة جهود تسوية الأزمة السورية على كافة الأصعدة.
ليبيا
تلعب مصر الدور الرئيسى فى دعم إعادة بناء الدولة الليبية منذ اندلاع الأزمة فى ليبيا قبل 9 سنوات، ودعت لضرورة المقاربة الشاملة من أجل إنهاء الأزمة الليبية من خلال التعاطي مع جميع أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعدم الاكتفاء بالبعد الأمني، عبر توحيد المؤسسة العسكرية لتوفير بنية قادرة على الدفاع عن ليبيا ومواجهة مخاطر الإرهاب.
وفى الـ 13 مارس 2021 هنأ الرئيس السيسي يهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي على تشكيل السلطة التنفيذية وحصول حكومة الدبيبة على ثقة مجلس النواب.وفى يونيو من العام نفسه شاركت مصر في مؤتمر برلين 2 حول ليبيا وتجدد مساندتها للشعب الليبي وتطلعاته المستقبلية.كما شارك الرئيس السيسي فى 11 نوفمبر 2021 في مؤتمر باريس الدولي حول ليبيا ويوجه كلمة قوية للمجتمع الدولي ورسالة للشعب الليبي. وفى أكتوبر 2021، احتضنت مصر اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5" مع ممثلي دول الجوار الليبي ( السودان ، تشاد ، النيجر ) فى القاهرة برعاية الأمم المتحدة آلية التنسيق المشترك حول خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب المنتمين لدول الجوار الليبى من الأراضى الليبية.
لبنان
مصر كانت ولاتزال صاحبة دور في لبنان، وإبان مرحلة الاستقلال 1941 - 1943، وقفت مصر حكومة وشعبا الى جانب استقلال وسيادة وحرية لبنان.. واليوم كانت مصر فى مقدمة الدول التى أرسلت مساعدات طبية عاجلة إلى لبنان، وأمرت القيادة المصرية بتنظيم جسر جوى للإغاثة، يتضمن كل الاحتياجات الضرورية لآلاف المصابين اللبنانيين الذين سقطوا فى مأساة مرفأ بيروت 4 اغسطس 2020، الذى يعد أكبر الكوارث التى تعرضت لها العاصمة اللبنانية فى العقود الأخيرة.
وفى 2021 أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تضامن بلاده مع لبنان ودعمها للمساعي المبذولة لتشكيل حكومة جديدة، وعبر عن ذلك فى رسالة سلمها وزير الخارجية سامح شكري للرئيس اللبنانى ميشال عون حيث زار لبنان أبريل 2021 بتكليف من الرئيس السيسي في ضوء الحرص الذي يوليه من أجل التواصل مع كافة المكونات السياسية اللبنانية من أجل الخروج من أزمة تشكيل الحكومة.
وفى فبرير 2021 زار رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري القاهرة حيث أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه أهمية تسريع جهود تشكيل حكومة في لبنان، بينما ثمن الحريري جهود مصر لحشد الدعم الدولي لبلاده.
فضلا عن ذلك، ناشدت مصر كافة الأطياف السياسية تنحية الخلافات ومنطق المحاصصة الضيق جانباً وإعلاء مصلحة الوطن، وتقديم المواءمات اللازمة لإنجاح رئيس الوزراء المكلف في تأليف حكومة من الاختصاصيين، تكون مهمتها إنقاذية في المقام الأول، وبما يُعبد الطريق أمام أصدقاء لبنان في المجتمعين العربي والدولي لتقديم الدعم الضروري لانتشال البلد من أزمته.
مصر واليونان وقبرص
شراكة قوية دشنتها الدولة المصرية مع كل من قبرص واليونان قبل أكثر من 7 سنوات عند انطلاق القمة الثلاثية الأولي في عام 2014، ليتم توثيقها فى 2021، وتتوالي تلك القمم لتدشن مبادئ راسخة للتعاون والتفاهم في إدارة الموارد والثروات بخلاف أهميتها السياسية والأمنية لإرساء استقرار منطقة البحر المتوسط.
شهد عام 2012 القمة الثلاثية التاسعة بين مصر وقبرص واليونان والتى استضفتها العاصمة أثينا، فى 19 اكتوبر، وكانت ابرز مكتسباتها لمصر تعزيز العلاقات الثنائية وتوحيد الرؤى بين الدول الثلاث تجاه قضايا المنطقة، مرورا تعميق التعاون فى جميع القطاعات كالسياحة والنقل والزراعة، وصولا للربط الكهربائى وتوريد الغاز المسال إلى أثينا ونيقوسيا ومنهما إلى الدول الأوروبية، والاتفاق على انشاء خط أنابيب بحري لنقل الغاز الطبيعي من مصر إلى اليونان وقبرص لنقل الغاز الطبيعي من حقل "افروديت" القبرصي إلى محطتيّ الإسالة المصريتيّن بدمياط وادكو تمهيداً لتوريد الغاز المُسال من مصر إلى اليونان، ومنها لاحقاً إلى كثير من دول أوروبا".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة