السابع عشر من ديسمبر هو يوم فارق في تاريخ الجمهورية التونسية .. فهو اليوم الذي انطلقت فيها أولى شرارات ثورة الياسمين، خرجت من جسد بائع متجول ذو أحلام بسيطة دفعه الظلم والقهر لإضرام النيران في جسده النحيل وهو لا يدرك أن ما فعله سيتسبب في انتفاض شعب وسيغير مصير دولة بأكملها.
هذا العام يختلف عن الأعوام التي تسبقه، فقد بعث الرئيس التونسي قيس سعيد برسالة جديدة لتأكيد ارتباطه بمهد الثورة التونسية باعتماد تاريخ السابع عشر من ديسمبر ذكرى حرق البائع المتجول محمد البوعزيزي لنفسه احتجاجا على وضعه المعيشي السيئ كتاريخ رسمي للثورة بدل الرابع عشر من يناير.
واعتبر سعيد، يوم السابع عشر من ديسمبر هو التاريخ الشرعي والشعبي للثورة التونسية وأحلام مفجريها بالعدل والكرامة والحرية، مقابل الرابع عشر من يناير الذي يرمز برأيه إلى انقلاب وخيانة الطبقة السياسية لثورة الشباب.
وبناء على ذلك، أصدر سعيد في السابع من ديسمبر الجاري أمرا رئاسيا باعتبار السابع عشر من ديسمبر من كل عام هو يوم عيد الثورة وتم نشر الأمر الرئاسي في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية ونص الأمر الرئاسي على أن يكون هذا اليوم هو رسميا يوم عطلة للعاملين بالدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.
وقد قام سعيد منذ توليه الحكم في أكتوبر 2019 بزيارات متكررة لولاية "سيدي بوزيد" أكثر من أي مسئول آخر في الدولة التونسية بعد الثورة، وكان لافتا تردده على مهد الثورة في الأشهر الثلاثة الأخيرة في خضم التدابير الاستثنائية التي أقدم عليها في 25 يوليو وأبرزها تعليق عمل البرلمان وإقالة رئيس الوزراء وتجميد العمل بفصول عديدة من دستور سنة 2014.
ومنذ إعلان التدابير الاستثنائية، تركزت إجراءات سعيد على قضايا سياسية وقانونية وفي مقدمتها ملف مكافحة الفساد .. ويرى الرئيس في هذا الملف حجر الزاوية لإنعاش الاقتصاد، حيث أعلن عن إقامة شركات أهلية في مختلف مناطق البلاد، وستكون وظيفتها إنجاز مشاريع لصالح السكان بحسب أولويات تنموية وبالاعتماد على تحصيل تمويلات للمشاريع من رجال أعمال ضمن مرسوم "الصلح الجزائي" الخاص بملفات الفساد المالي التي توصلت إليها لجنة تحقيق تشكلت بعد الثورة وبقيت توصياتها حبرا على ورق.
وتعد الثورة التونسية التي تحييها تونس اليوم الجمعة في الذكرى ال11 لها هي أول ثورات الربيع العربي المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية ونظام ديمقراطي، ومازالت أهدافها في مكافحة الفساد وتحسين المستوى المعيشي لم تتحقق بالشكل المطلوب.
وقد اندلعت الثورة التونسية كأول الثورات في 17 ديسمبر 2010 تضامنا مع الشاب محمد البوعزيزي الذي أضرم النار في جسده احتجاجا على وضعه المعيشي السيئ، وقد أدت هذه الثورة إلى إسقاط نظام الرئيس زين العابدين بن علي وإقامة نظام تعددي ديمقراطي لم يحقق حتى الآن آمال الشعب المنشودة والهادفة إلى تحسين مستوى المعيشة ومحاربة البطالة.
وقد أعقبت الثورة سنوات مليئة بالأحداث والتقلبات، انصرفت فيها النخب السياسية والحزبية التونسية إلى خوض معارك انتخابية وسياسية على أصعدة مختلفة، بينما سلك قيس سعيد طريقا آخر، قضاها بعيدا عن تونس العاصمة، مركز الحياة السياسية والاقتصادية والإعلامية، متنقلا بين المدن والمناطق النائية محاضرا ومتواصلا مع الشباب والفئات التي كانت تتسع الفجوة بينها وبين النخب والزعماء السياسيين.
ووصل سعيد إلى قصر الرئاسة في قرطاج اعتمادا على أصوات فئات واسعة من الشباب وشرائح اجتماعية صوتت عقابيا ضد المنظومة الحزبية بأكملها وكان في نظر ناخبيه كما هو حاليا بحسب مؤشرات استطلاعات الرأي، مختلفا عن باقي مكونات المشهد السياسي أحزابا وزعماء بعذريته السياسية ومتميزا بنظافة اليد والاستقامة، ولذلك فهو بالنسبة لهؤلاء بمثابة المنقذ من المنظومة السياسية والحزبية التي أدارت شئون البلاد في السنوات العشر التي أعقبت الثورة وتلاحقها تهم الفساد والفئوية الضيقة.
لأول مرة .. تونس تحيي ذكرى الثورة في يوم انطلاق شرارتها
الجمعة، 17 ديسمبر 2021 12:24 م
الثورة التونسية
أ ش أ
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الموضوعات المتعلقة
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة