سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 19 فبراير 1946.. مصرع أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى بسيارة لورى بريطانية والملك فاروق يسرع بجمع كل أوراقه بنفسه من قصر عابدين

الجمعة، 19 فبراير 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 19 فبراير 1946.. مصرع أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى بسيارة لورى بريطانية والملك فاروق يسرع بجمع كل أوراقه بنفسه من قصر عابدين أحمد حسنين باشا رئيس ديوان الملك فاروق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان أحمد حسنين باشا، رئيس ديوان الملك فاروق، مدعوا إلى الغداء عند صديقه الظاهر حسن، المحامى، فى المطرية بالقاهرة، لكن الأعمال تراكمت عليه، فبقى فى مكتبه بقصر عابدين إلى الساعة الثالثة بعد الظهر يوم 19 فبراير، مثل هذا اليوم، 1946، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد التابعى، فى كتابه «من أسرار الساسة والسياسة، أحمد حسنين باشا، حياته الخاصة والعامة».
 
يؤكد «التابعى»: «استقل أحمد حسنين باشا، سيارته عائدا إلى داره بالدقى، وكانت السماء تمطر، وبينما كانت سيارته تجتاز كوبرى قصر النيل فى طريقها إلى الدقى، أقبلت سيارة لورى بريطانية من الجهة المضادة، وانزلقت عجلات السيارة البريطانية بفعل المطر، ولفت اللورى نصف لفة على الكوبرى وصدمت سيارة حسنين باشا خلفه، وهو يقول: يا ساتر.. يا ساتر يا رب»،  يضيف «التابعى»: «التفت السائق خلفه فرأى الدم يسيل من فم حسنين باشا، وأوقف السيارة، ونزل منها يصيح ويطلب المساعدة، ومرت مصادفة فى نفس اللحظة سيارة وزير الزراعة أحمد عبدالغفار باشا، صديقه وزميل دراسته فى أوكسفورد، وحمله إلى مستشفى «الأنجلو أمريكان» القريب، لكن حسنين باشا كان أسلم الروح، فنقلوه إلى داره».
 
كان عمره وقت وفاته 57 عاما تقريبا، مواليد 31 أكتوبر 1889، وكان «التابعى» ممن عرفوه عن قرب، ودعاه لسهرة فى منزله يوم 17 فبراير 1946 مع أصدقاء، منهم أم كلثوم التى غنت «سلوا قلبى»، كلمات أمير الشعراء أحمد شوقى وألحان رياض السنباطى، وحمل مقعدا صغيرا جلس فيه بين يديها، وكان ينصت بكل جوارحه، يؤكد «التابعى»: «امتدت السهرة حتى مطلع فجر يوم الاثنين، وشيعته إلى باب المصعد، وكانت هذه آخر مرة آراه فيها». كان الحدث هائلا، فالموت طال رجلا كان يمسك خيوط السياسة المصرية، بالإضافة إلى قصته مع الملكة نازلى أم الملك فاروق، ويقدم «التابعى» صورة تعريفية عنه، قائلا: «ابن الشيخ الأزهرى محمد حسنين، ومع ذلك فهو خريج جامعة أوكسفورد، وصهر الأسرة المالكة، ولقد عدوها أعجوبة العصر يوم تزوج سعد زغلول، أزهرى النشأة وابن الفلاح المصرى، من ابنة مصطفى فهمى باشا تركى الأصل، ورئيس الوزارة المصرية، وها هو مصرى آخر وابن فلاح وشيخ أزهرى يتزوج من لطيفة ابنة الأميرة شويكار مطلقة الملك فؤاد، وحفيدة محمد على مؤسس الأسرة المالكة، وأعجوبة أخرى أن هذا المصرى ابن الفلاح يطلق فيما بعد طواعية واختيارا زوجته التى كان مقدرا لها أن ترث الملايين، وهو الفقير المعدم الغارق فى الديون».
 
يضيف «التابعى»: «أحمد محمد حسنين، خريج جامعات إنجلترا، والمفتش بوزارة الداخلية إبان الحرب العالمية الأولى، والسكرتير بسفارة مصر فى واشنطن، والأمين الثانى للملك فؤاد، ورائد صاحب السمو الملكى الأمير فاروق ولى العهد وأمير الصعيد، والأمين الأول لجلالة الملك، ثم رئيس ديوان جلالة الملك فاروق، والرجل الذى كان يمسك بخيوط السياسة المصرية فى فترة حرجة حالكة فى تاريخ مصر بين 1940 و1946، كان يقيم الوزارات ويسقط الوزارات، وفى نفس الوقت حريص على أن يبدو فى تصرفاته وأقواله لا يعرف شيئا مما يقع فى البلد، ولا يد له فى أى أمر يقع، بل يؤكد لمعارفه أنه لا يفهم شيئا فى السياسة، كان فى وقت ما بطل مصر فى الشيش، وحاول أن يكون أول مصرى يقود طائرته الخاصة بمفرده إلى أوربا، وجاب مجاهل الصحراء الغربية».
 
يرى «التابعى»، أن «حسنين باشا» لم يكن بطلا كما يصور الذين عرفوه وأحبوه، ولا خائنا لبلاده كما يصور الذين عرفوه وكرهوه، وإنما هو ذو مطامع كثيرة، أفلح فى إخفائها وراء قناع من الزهد فى المناصب والجهل بالسياسة وأسرارها، فيما يراه الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين فى كتابه «فاروق ملكا»: «نحيفا ماكرا، ظل يمشى خلف سيده، فاروق، منذ كان صبيا، وعرف طيلة هذه المدة كيف يسترضيه ويستحوذ عليه، حتى وقف فى المقدمة».
 
يروى «بهاء» قصة عنه منشورة فى كتاب «الأعمدة السبعة المنهارة»، بقلم «جون كيمش»، يروى المؤلف أنه زار مصر، وقابل «حسنين»، وقال له إن الفلاح المصرى فى حالة سيئة جدا، ينام مع البهائم فى حجرة واحدة، وبيته مظلم لا ماء ولا نور فيه، فرد عليه رئيس الديوان، قائلا: بالعكس، الفلاح المصرى يحب هذه الحياة، ولا يكون سعيدا إلا إذا نام مع ماشيته ودواجنه، وافترش الأرض الطيبة وجلس فى ضوء الشمعة الشاعرى»، يذكر «بهاء»: «خرج الصحفى الإنجليزى ذاهلا من هول ما سمع».
 
فى مذكرات «كريم ثابت» مستشار الملك فاروق «عشر سنوات مع فاروق»، يكشف أنه استرعى انتباهه قيام «فاروق» بجمع أوراق حسنين بنفسه فى قصر عابدين، فلماذا؟ 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة