أكرم القصاص

استراتيجية موحدة لمصر والسودان تجاه سد النهضة

الجمعة، 12 مارس 2021 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل من يتابع تطور العلاقات المصرية السودانية، يعرف أن البلدين يتحركان ضمن علاقات استراتيجية وإدراك لوحدة المصير، وأن الأمر لا يتعلق بحدث عارض سوف ينتهى، إنما بسياسة تفرض نفسها من واقع مصالح الشعبين تجاه ما يوجههما من تحديات، وأن التكامل والتعاون الاقتصادى، والربط فى الطرق والكهرباء والزراعة والتجارة، هى خطوات دائمة تنمو بشكل طبيعى، وبناء على واقع، فمصر والسودان بوابتان على أفريقيا، وعلى العالم. 
 
من هنا، فإن زيارة رئيس الوزراء السودانى عبدالله حمدوك لمصر، تأتى بعد تحركات وخطوات مهمة من مسؤولين سودانيين لمصر، ومصريين للسودان الذى قطع شوطا مهما فى مرحلة انتقالية صعبة، ويواجه بعض التداخلات الحدودية، أو مساعى أطراف تمثل مصالح مضادة للسودان وثورته، وأعلنت القاهرة دائما دعمها المتواصل للخرطوم، والتعاون بجميع الملفات مع توافق لتفعيل مقترح تشكيل «رباعية دولية» بشأن سد النهضة، وهذه التصريحات، أو التحركات، تؤكد وحدة الموقف المصرى السودانى، تجاه الأمن المائى للبلدين، وهو ملف مهم ودقيق، من ملفات التنمية، السودان من حقه أن يحفظ أمنه الحدودى والقومى، وأيضا يوظف ثرواته لصالح تنمية مستدامة للشعب السودانى. 
 
وتتفق مصر والسودان على تكثيف التنسيق فى مرحلة دقيقة يمر بها ملف سد النهضة، وآخرها اقتراح السودان بتشكيل «رباعية دولية» للتوسط فى القضية، بما يساعد على التوصل لاتفاق قانونى شامل وملزم، حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، قبل موسم الأمطار المقبل، مع التأكيد على حفظ الحقوق التاريخية ومصلحة الدولتين، وتؤكد مصر والسودان أنهما ليسا ضد مصالح إثيوبيا فى التنمية، بما لا يضر بمصالح شعبى مصر والسودان.
 
مصر والسودان أكدا اعتراضهما على اعتزام إثيوبيا المضى قدما فى ملء خزان سد النهضة للعام الثانى على التوالى، دون التنسيق مع دولتى المصب «مصر، والسودان»، وقد أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى مرات عدة، أن التفاوض حول قواعد الملء، يفترض ألا يكون بلا نهاية. 
 
لقد راهنت إثيوبيا مرات على صبر مصر والسودان، لفرض أمر واقع، والتملص من أى اتفاقات يتم التوصل إليها، وخلال الأسابيع الأخيرة، كانت التحركات المصرية السودانية على مستويات متعددة، وصدرت تصريحات من الجانب الإثيوبى، عن استعداد للتفاوض، وهى ليست المرة الأولى التى تعلن فيها نية التفاوض ثم تتراجع، وهو سلوك أصبح مكشوفا، فى وجود شهود وأطراف متعددة، وبالطبع فإن هناك أطرافا تلعب أدوارا غامضة فى الملف، ورهانات وتحركات تفتقر إلى السياسة، وتدخل ضمن تصدير مشاكل الداخل للخارج، والعكس، وإذا كان الملء الأول فى الصيف الماضى تم بلا تنسيق فقد تسبب فى مشكلات للسودان، فيما يتعلق بالسدود والمشروعات المائية، والزراعة والرى والشرب، وأن تكرار هذا السلوك يعنى مزيدا من الإضرار بالسودان، وتأثيرا على مصر ومشروعاتها المائية والزراعية، وهو أمر لا يمكن الوقوف أمامه بصمت، لأنه يتعلق بالحياة والحاضر والمستقبل. 
 
لقد التزمت مصر والسودان بأقصى درجات الصبر، ولم يصدر عنهما أى تصريحا خارج سياق المنطق، ومعهما الحق، وبالطبع هناك سيناريوهات للتعامل مع كل تحرك، وكل خطوة فى موعدها، وفى حال إنهاء أزمة سد النهضة بالوصول لتوافق بين الأطراف الثلاثة، ستكون هنا فرصة لبناء الثقة، فى ملف هو الأكثر دقة وصعوبة، ومعها التهديدات على حدود السودان، وإعلان مصر دعمها الكامل للسودان.
 
 وبجانب سد النهضة، هناك ملفات طبيعية تنمو وتتسع، فى التعاون والتنسيق فى العلاقات الثنائية ومشروعات التعاون، وترجمة الإرادة السياسية إلى خطوات تنفيذية، لصالح شعب وادى النيل، ويدرك السودان صدق المواقف المصرية تجاه دعم استقرار السودان وتنميته، وهو ما أكده رئيس وزراء السودان، عبدالله حمدوك، وأيضا رئيس المجلس الانتقالى، الفريق عبدالفتاح البرهان، فى مرحلة دقيقة تنمو فيها علاقات البلدين ضمن امتدادها الطبيعى.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة