بعض الذين راهنوا على السياسة الأمريكية مع الرئيس جو بايدن، تنتابهم حالة من الأسى، وهم يشاهدون الرجل الذى راهنوا عليه وإدارته يتخبطان فى تصريحات تجلب عليهما السخرية، وتضعهما فى موقف العاجز عن الفعل. ويبدو الرئيس الأمريكى فى صورة ناشط سياسى أكثر منه رئيس، وهو يسعى لإرضاء مؤيديه بالتصريحات من دون امتلاك قدرة على تنفيذها كرئيس لدولة عظمى.
بايدن تراجع عن وعوده وتصريحاته بنفس السرعة التى أطلقها، بل إنه يجلب حملات سخرية على بلاده، وهو يكرر الشكوى من تدخلات روسية، بل وصينية وإيرانية فى الانتخابات الأمريكية، وهى اتهامات تعجز إدارة بايدن أو حتى المخابرات المركزية «سى آى إيه» عن تقديم أدلة عليها، وتضاعف من شروخ فى صورة الدولة العظمى التى اعتادت التدخل فى كل الانتخابات بالعالم، بما فيها روسيا.
وبعد أن كان الديمقراطيون يتندرون على الرئيس السابق دونالد ترامب، بوصفه أكثر رؤساء أمريكا انفلاتًا فى التصريحات المثيرة، ها هو الرئيس بايدن يبدو فى صورة الرئيس المنفلت الذى يثير أزمات من دون أن يقدم فعلًا واحدًا يدل على قوته، أو استعداد أمريكا لبدء حرب باردة مع روسيا والصين، بقدر ما يبدو كرئيس يشكو ويتبرم من تدخلات روسية، فضلًا عن التهديد الفارغ.
بايدن فى مقابلة مع قناة «إيه.بى.سى نيوز» الأمريكية، وصف بوتين بالقاتل، وقال إنه «سيدفع الثمن» لقاء ما تعتبره واشنطن جهودًا روسية للتأثير فى انتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة، وسخر الرئيس الروسى بوتين من بايدن، وقال «بشأن تصريحات زميلى الأمريكى فماذا أرد عليه؟ أتمنى له الصحة.. وهذا ليس سخرية أو مزاحًا» وأضاف: «سيكون على الولايات المتحدة أن تحسب حسابًا لروسيا. هم يظنون أننا لدينا شفرة جينية مختلفة». وأشار أيضًا إلى أن «هناك العديد من الأشخاص الشرفاء والمحترمين فى الإدارة الأمريكية، وروسيا ستعتمد عليهم».
فيما وصف رئيس مجلس الدوما الروسى، فيتشسلاف فولودين، تصريحات بايدن «بأنها هستيريا ناجمة عن العجز، واستدعت موسكو سفيرها فى واشنطن للتشاور، وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، إن المشاورات مع سفيرنا لدى الولايات المتحدة أناتولى أنتونوف، الذى استدعى إلى موسكو، ستستغرق «ما يلزم» من الوقت.
شكوى الولايات المتحدة من تدخلات روسية فى الانتخابات منذ إطلاقها بعد انتخاب ترامب، واجهت سخرية، سواء من الروس أو باقى دول العالم أو حتى من الأمريكيين أنفسهم، ويومها سخر وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف من الاتهامات لبلاده، وقال: «إننا لا نتدخل فى الانتخابات فقط، بل كذلك نتلاعب بالطقس ونتسبب بفيضانات»، وكتب الرئيس السابق دونالد ترامب، عام 2018 سلسلة تغريدات، قال فيها: إن الروس يغرقون فى الضحك من التحقيقات الأمريكية بشأن تدخلهم فى الانتخابات. وقال ساخرًا: «كان بإمكان مكتب التحقيقات الاتحادى منع إطلاق النار فى مدرسة فلوريدا التى قتل بها 17 شخصًا، ما لم يضيع وقته فى التحقيق بشأن تدخل روسى»، وسخر محللون أمريكيون من قضية التدخلات الروسية فى انتخابات أمريكا، وكتب الصحفى الأمريكى، ستيفان كينزر، «كان من السهل ابتلاع وهضم هذه الموجة من السخط الأمريكى فيما لو لم يشهد لأمريكا تاريخها الحافل فى التدخل بانتخابات الدول الأخرى».
الواقع أن الرئيس الأمريكى بايدن الذى لم يف بوعده فى مواجهة فيروس كورونا، أو مواجهة تداعيات اقتصادية، يعجز عن تنفيذ تصريحاته وتهديداته أو سياساته التى روج لها مناصروه أثناء حملته الانتخابية، وانتهت تهديداته إلى صمت، ثم خرج ليعيد الشكوى من روسيا وتدخلاتها، ويجلب على نفسه السخرية، وهو يطلق تهديدات فى الهواء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة