يحتفظ الفرنسيون بالكثير من المواقف الطريفة والتعليقات، عن ملوكهم ونوابهم، ومنهم الملك هنرى الرابع الذى اشتهر عنه أنه كان مولعا بالفكاهة، ولم يكن يفوت موقفا دون أن يستغله لإطلاق التعليقات والكلمات اللاذعة، وفى إحدى الجلسات التى حضرها عدد كبير من النواب، بدأوا يناقشون شؤون السياسة، ولاحظ الملك أن النواب يتحدثون فى وقت واحد، ويثيرون الكثير من الضوضاء، والأصوات المتداخلة، واحتد النقاش بين النواب، ولم يعد أحد منهم يسمع الآخر، واستمروا يتدفقون بالكلام ويطلقون المواعظ ويحتدون فى الحديث، وأثناء حديث النواب سمع نهيق حمار، فأشار الملك لهم بيده وقال لهم: قليلا من الهدوء أيها السادة وليتحدث كل منكم بدوره.
وخرج الملك هنرى الرابع يوما يتنزه حل أسوار قصر التويليرى، وخلفه كل أفراد الحاشية، وشاهد امرأة تقود بقرة، فاقترب منها وقال لها: بكم بقرتك أيتها المرأة الطيبة؟ فذكرت المرأة الثمن فهتف الملك: إنك تغالين كثيرا فى ثمن بقرتك، فهى لا تساوى المبلغ الذى تطلبين، ولم تكن المرأة قد تعرفت على محدثها وأنه الملك، فردت: هذا هو ثمنها أيها السيد، ويبدو لى أنك لاتفهم فى البقر، ولا تمتلك خبرة ولا أنت تاجر بقر.
فضحك الملك هنرى الرابع، وقال لها: إنك مخطئة أيتها المرأة الطيبة، فأنا طوال الوقت أعمل وخلفى كثير من البقر، وأشار لأفراد حاشيته ألا ترين كل هؤلاء العجول الذين يتبعوننى.
قصة أخرى تنسب لعهد الملك فرنسوا الأول، وكان وزيره دوبرا معروفا بأنه نهم للوظائف والمناصب الدنيوية، ولا يكتفى بذلك لكنه أيضا كان طماعا فى المناصب الدينية، وأراد الملك يوما أن يسخر من وزيره دوبرا الذى كان يجمع المناصب ويضم لها صفات إكليركية عديدة منها رتبة كاردينال، وقاصد رسولى، فأعلن الملك لوزيره وفاة البابا فجأة فقال له دوبراك: مولاى لا شىء يهم الدولة أكثر من أن ترى على العرش البابوى واحدا من رعاياك يكون شديد الإخلاص لشخص جلالتك.
فقال له الملك: وما رأيك فى أن تكون أنت هذا الشخص؟.. ولكنك تعلم نهم الكرادلة وينبغى دفع مبالغ طائلة من المال، وهو مال لا أملك منه الكثير الآن، فسارع الوزير دوبرا وحمل كثيرا من الذهب إلى العاهل، الذى طمأن ووعده بأن يضيف إلى ذهب الوزير من الأموال الملكية.
وبعد ذلك جاءت الأنباء تشير إلى أن البابا يتمتع بصحة جيدة، قال دوبرا لمليكه: البابا بصحة جيدة، وأنا أطلب من جلالتكم إعادة الذهب الكثير، فقال له الملك: سأنزل بسفيرى أشد العقاب واللوم على النبأ الكاذب ولكن تريث، فإن لم يمت البابا الآن، فلا بد أنه سيموت يوما ما، وبهذا قدم لوزيره درسا أن يكف عن الطمع فى المناصب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة