"الرجل تدب مطرح ما تحب.. وأنا صنعتي مسحراتي في البلد جوال.. حبيت ودبيت كما العاشق ليالي طوال.. وكل شبر وحته من بلدي حته من كبدي حته من موال"، هكذا رسم الفنان القدير سيد مكاوي ملامح شخصية "المسحراتى" التى تميز بها خلال شهر رمضان، فهي من أشهر أعماله التى كتبها شاعر العامية فؤاد حداد، ولحنها وقادم بأدائها مكاوي، الذي ارتبط بذهن الجمهور بجلبابه وطبلته التى جال بها في شوارع القاهرة القديمة.
مكاوي في المسحراتى
والحقيقة أن المسحراتي لم يكن فقط استعراض لمهنة فلكورية بأسلوب فنى، بقدر ما كان ضمير الشعب الذي يوقظه ويوجهه ويزرع الإنتماء إلى جذوره والاعتزاز بماضيه وحاضره، الضمير الذي يربط الجوانب الدينية بالحياتية، فلا يكتفى بالابتهالات والأناشيد الدينية، وإنما أيضا نقد مواريث اجتماعية ونقد لاذع.
"مكاوي" الذي تحل ذكرى مولده في 8 مايو، ولد في حي السيدة زينب، وربما هذا ما جعله قريبًا من المشايخ والمقرأين والمنشدين، حيث اتجه مبكرًا لحفظ القرآن، فقد اتجه لقراءة القرآن ورفع الأذان في مسجد الحنفي بحي الناصرية، قبل أن يرافق الشيخ محمد رفعت الذي تعلم منه فن التجويد والتلاوة والترتيل، كما تعلم الإنشاد، وتقدم للإذاعة في بداية الخمسينيات واعتمد كمطرب فيها.
سيد مكاوي يجوب شوارع القاهرة
بدأت قصة "المسحراتي" مع شيخ الملحنين منذ الطفولة، عندما كان المسحراتي يجوب حارتهم ينادي أبناء الحارة واحدًا تلو الآخر بالاسم، لكي يستيقظوا لتناول سحور رمضان، وقال الشيخ في حوار صحفي قبل وفاته إن المسحراتي كان يناديه قائلًا:"أسعد الله لياليك يا شيخ سيد، الصلاة والصوم وصالح الأعمال، اصح يا شيخ سيد".
"مسحراتي، منقراتي، وأنا قلبي راضي، أنا قلبي رايق، أنا قلبي طايق، سبع طرايق" تجسدت عبقرية وموهبة شيخ الملحنين سيد مكاوي في هذا العمل في الاستغناء عن الفرقة الموسيقية تمامًا، والاكتفاء بطبلته الصغيرة، وجلبابه، وطفلة بوجه مبتسم تحمل فانوس رمضان.
سيد مكاوى
وجاءت فكرة "المحسراتي" بهذا الشكل كما قال الشيخ في أحد حواراته الصحفية قبل وفاته: "أن الإذاعة المصرية قد تعهد إلى عدد من الملحنين لتقديم حلقات المسحراتى، وعندما طلبوا منه تلحين 3 حلقات اشترط أن يغنيها منفردًا على طبلته دون آلات موسيقية، وهو ما لاقى قبولًا لدى المسئولين وقتها، وحققت حلقات المسحراتى صدى كبير لدى الجمهور، وهو ما دفعهم في الإذاعة لإسناد حلقات المسحراتي إلى الشيخ سيد مكاوى، قبل أن ينتقل البرنامج إلى التليفزيون.