فى ظل مواصلة حلقات "نفحات رمضانية"، وصلنا إلى آخر حلقة، نتحدث فيها عن الثبات على الطاعة بعد رمضان، بعد توديع الشهر الفضيل، شهر البِرِّ والإحسان، شهر المغفرة والعِتْق من النِّيران، لكن ما يؤسفنا أن هناك ظاهرةً عجيبة، نجدها فور رحيل هذا الشهر المعظم، وهى تراخى الهمم فى المداومة على أعمال الطاعة من الحفاظ على الصلوات والإكثار من الدعاء وقراءة القرآن الكريم والتصدق على المحتاجين، والحفاظ على روحانيات رمضان من الألفة والترابط والتراحم بين الأسر والأهل وأفراد المجتمع.
يومان فقط وتطوى صحائف شهر رمضان، ويفوز من يفوز، ويحُرم فيه من يحُرم، لكن ستزال الحياة مستمرة وعبادة الله واجبة فى كل وقت وزمان، فقد أمرنا الله بالثبات على الطاعات حتى الممات، لقوله تعالى "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين".
ومن المعلوم أن أهم العوامل للحفاظ على الثبات بعد رمضان، هو الحفاظ على الدعاء، لذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر منه فكان يقول "اللهم يا مُقَلِّبَ القلوب ثَبِّت قلبي على دينك، اللهم يا مُصرِّف القلوب صرف قلبى إلى طاعتك" وكان من دعائه أيضا: "اللهم اهدنى ويَسِّر الهدى لى" ، ومن دعائه صلى الله عليه وسلم: "اللهم إنى أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد"، لذا يحتاج المسلم أن يدعو الله عز وجل بالثبات على طاعته فى كل وقت، فقد قال سبحانه وتعالى: "ربنا لا تُزِغ قلوبنا بعد إِذ هديتنا وهب لنَا من لدنكَ رحمة إِنكَ أَنت الوهاب".
وعلينا أن لا ننسى بعد خروجنا من رمضان، أن الثبات على الطاعة سببٌ لمحبة الله، حيث يقول تعالى، كما فى الحديث القدسي، (وما يزال عبدى يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحبه)، إضافة إلى أن الثبات على الطاعة قارىء العزيز، يُمكن الإنسان المسلم من الفوز بحسن الخاتمة، فالخاتمة الحسنة لا تأتى بعمل سيىء، فإذا أردت أن تكون خاتمتك خير وحسنة عليك بالثبات على طاعته، فقد جل شأنه " إن الله عنده علم الساعة وينزِل الغيث ويعلم ما في الأَرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بِأَي أَرض تموت إِن اللَّه عليم خبير".
وختاما، كما يجب علينا الثبات على طاعته يجب أيضا السعي جاهدين على إدخال فرحة العيد على الجميع، فلا يستأثر بفرحة العيد بعض الناس دون غيرهم، حيث قال تعالى :"قل بفضل اللَّه وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون"، فلا ننسى الحفاظ على النفس فى ظل أزمة كورونا، لأن الحفاظ على النفس يسبق أداء الفريضة، بل لابد من الأخذ بأسباب الوقاية والسلامة باتباع الإجراءات الاحترازية من باب حماية النفس والإحسان، لقوله تعالى: "وَلا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين"..