قال الرؤساء السابقون للحكومات اللبنانية إن الرئيس ميشال عون، يحاول خلافا للحقيقة والواقع تحميل رئيس الوزراء المكلف سعد الحريرى مغبة التأخير فى تشكيل الحكومة، مشيرين إلى أن تعطيل تأليف الحكومة مرجعه "العراقيل التى حاول عون فرضها مثل مسألة استحواذ فريقه السياسي على الثُلث الوزاري المعطل داخل الحكومة، فضلا عن أعراف أخرى تتعارض مع الدستور".
جاء ذلك فى البيان الصادر عن الرؤساء السابقين للحكومات اللبنانية فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، تعقيبا على مضمون الرسالة التي وجهها الرئيس اللبناني ميشال عون إلى البرلمان حول الأزمة الحكومية المستمرة من نحو 7 أشهر، والتي سيناقشها المجلس النيابي بعد غد الجمعة.
وأكد الرؤساء السابقون للحكومات اللبنانية أن رسالة "عون" مليئة بالمغالطات وفيها تحوير للوقائع التي تتعلق بتكليف زعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة، مشيرين إلى أن الأخير أبدى استعداده أكثر من مرة للحوار مع رئيس الجمهورية بشأن التفاهم معه على التأليف الحكومي، ولم يلق هذا الأمر التجاوب من رئيس البلاد.
وأشاروا إلى أن الحريري راعى القواعد والأصول والتزم بالأعراف الدستورية ولم يخرج عنها في مسار التأليف الحكومي، وأبدى كل تجاوب وتعاون ممكن، ولكنه كان يُواجه في كل مرة بعقبات وبمطالبات "تخرج عن الدستور وتجنح إلى إدخال من لا شأن له بمسألة تشكيل الحكومة، لإعطائه دورا خلافا لأحكام الدستور".
وقالوا: "إنّ أكثر ما استوقف رؤساء الحكومة السابقين وما أثار استغرابهم في رسالة رئيس الجمهورية، إعطاء نفسه دور الوصي على مهمة ودور رئيس الوزراء المكلف لتشكيل الحكومة، وتجاوز ذلك الى إعطاء نفسه دور الضابط والمحدد لمهمته، سواء لجهة إلزامه بمعايير يحددها له في تشكيل الحكومة أو وضع قيود أو شكليات يجب اتباعها، بما يجعله في حالة من التبعية لرئيس الجمهورية، وبما ينزع عن رئيس الحكومة دوره الدستوري المبادر والمسئول عن عملية تشكيل الحكومة".
وأضافوا: " إنّ ما احتوته رسالة رئيس الجمهورية في هذا الشأن، يطيح بأحكام الدستور الواضحة والصريحة وبمبدأ الفصل بين السلطات، وبالأسس التي يقوم عليها النظام الديمقراطي البرلماني .. ويشكل انقلابا حقيقيا على الدستور، وهي الممارسات عينها التي عطلت تطبيق أحكام الدستور، كما عطلت تشكيل الحكومة ووضعت البلاد على حافة الانهيار".
وتابع الرؤساء السابقون للحكومات اللبنانية: "كان يمكن أن يكون تقديرنا لرئيس الجمهورية أكبر بكثير لو سهل تشكيل الحكومة، ولو أراد فعلا التخفيف من معاناة الشعب وعدم إقحام مجلس النواب والكتل والأحزاب السياسية في النقاشات التي تزيد النار اشتعالا، ولكان من الأسهل سلوك المسلك الدستوري الآمن، وارتضى بالاحتكام إلى مجلس النواب بدل توريط البلاد كلها في لحظة مفصلية خطيرة، في جدل سياسي ودستوري بل وطائفي، يمكن أن يطيح بما تبقى من قواعد العيش المشترك في الوطن اللبناني، وذلك بالعمل على توقيع مرسوم تشكيل الحكومة وفقا للصيغة التي قدمها إليه رئيس الوزراء المكلف، ويرسلها إلى مجلس النواب المناط به إعطاء الحكومة الثقة أو حجبها عنها".
ويشهد لبنان فراغا حكوميا منذ أكثر من 9 أشهر وذلك في أعقاب استقالة حكومة الدكتور حسان دياب رئيس الوزراء في 10 أغسطس الماضي على وقع تداعيات الانفجار المدمر الذي وقع في ميناء بيروت البحرى.
وكلفت الأغلبية النيابية داخل البرلمان اللبناني في 22 أكتوبر الماضي زعيم تيار المستقبل سعد الحريري بترؤس وتشكيل الحكومة الجديدة، والذي قدم بدوره إلى الرئيس ميشال عون فى 9 ديسمبر الماضى تشكيلة حكومية مصغرة من 18 وزيرا، مؤكدا أنهم جميعا من الاختصاصيين (الخبراء) غير الحزبيين، وتخلو من "الثُلث الوزاري المعطل" باعتبار أن هذا الأمر هو السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد وانتشالها من الأزمات التي تعصف بها، وبما يجعل المجتمعين العربي والدولي يعاودان الانفتاح على لبنان ومساعدته.
ولم تنجح - حتى الآن - الوساطات والمساعي الرامية إلى إنجاز عملية التأليف الحكومي في ظل غياب التوافق والثقة، ووجود حالة من الخلاف المستحكم بين الرئيس ميشال عون ومن خلفه فريقه السياسي (التيار الوطني الحر) برئاسة النائب جبران باسيل من جهة، وبين رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري من جهة أخرى، على شكل ونوعية وحجم الحكومة وكيفية تسمية الوزراء بها وتوزيع الحقائب.