أودعت المحكمة الإدارية العليا، الدائرة الأولي، حيثيات حكمها الصادر بقبول طعن هيئة قضايا الدولة، على حكم إلغاء قرار وزير العدل المتضمن تنظيم مدة الرؤية للطفل، والتى قضت فيه المحكمة بإلغاء حكم أول درجة المطعون فيه، والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المقرر قانونًا .
وقالت المحكمة في مستهل أسبابها، أن الدستور المصري الملغي والصادر عام ١٩٧١ ــ بحسبان أن قرار وزير العدل المطعون فيه، قد صدر وبدأ العمل به في ظل سريان نصوص هذا الدستور ــ قد أناط في المادة (٨٦) منه برئيس الجمهورية أو من يفوضه في ذلك سلطة إصدار اللوائح التنفيذية .
وأجاز للقانون أن يُعين المختص بإصدار اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذه، وقد نظم المشرع في المادة (٢٠) من القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية والمعدلة بالقانون رقم 4 لسنة 2005، أحكام رؤية الصغير من جانب من ليس بيده الصغير ، وله الحق في رؤيته، حيث قرر حق كل من الأب والأم في رؤية الصغير أو الصغيرة الذي يكون في حضانة أحد الطرفين، كما قرر هذا الحق أيضًا لأجداد الصغير في حالة عدم وجود الأبوين، كوجود الأب خارج البلاد أو وفاته أو نحو ذلك، فيكون للجد لأب في هذه الحالة الحق في رؤية حفيده الصغير في حضانة أمه والاطمئنان على أحواله، ويسقط حق الأجداد في الرؤية في حالة وجود الأبوين.
وتبين للمحكمة من مُطالعة صياغة نص المادة (٤) من القرار المطعون فيه ، أن ما ورد بها من أماكن لتنفيذ أحكام رؤية الصغير المحضون قد جاء على نحو لا يتعارض أو يتصادم مع سلطة القاضي المختص بنظر منازعات الرؤية في تحديد أماكن أخرى لتنفيذ حق الرؤية غير الأماكن الأربعة المنصوص عليها فيها، إذ لم تُوجب هذه المادة على المحكمة المختصة ألا تخرج في تحديدها لأماكن رؤية الصغير عن الأماكن الأربعة المنصوص عليها فيها، فالقرار المطعون فيه أورد في المادة (٤) منه هذه الأماكن الأربعة بحسبانها الغالب الأعم من الأماكن العامة التي يتوافر فيها الضابطان اللذان أوجبت المادة المذكورة واستقر قضاء محكمة النقض في مسائل الأحوال الشخصية على وجوب توافرهما في أماكن رؤية الصغير المحضون، وهما :
١- أن يكون مكان الرؤية ما يتناسب قدر الإمكان وظروف أطراف الخصومة من حيث المسافة بين محل إقامة الخصوم ومكان الرؤية، وطبيعة وظروف المواصلات التي تصل بينهما.
٢- أن يتوافر في مكان الرؤية ما يشيع الطمأنينة في نفس الصغير.
ولما كان قياس مدى انطباق هذين الضابطين على الأماكن العامة المتاحة أمام القاضي المختص لاختيار أي منها مكانًا للرؤية من مسائل الواقع التي تختلف من حالة إلى أخرى بحسب ظروف الخصوم وحالتهم الاجتماعية والمادية، فمن ثم يستقل القاضي المختص بمنازعات الأسرة بتقديرها في ضوء ظروف وملابسات الحالة المعروضة عليه دون معقب عليه في هذا الشأن ما دامت النتيجة التي انتهى إليها في تحديد مكان الرؤية مستمدة من أصول وأدلة تنتجها واقعًا وقانونًا، ودون تقيده بالأماكن الأربعة المنصوص عليها في المادة (٤) من القرار المطعون فيه .
وأضافت المحكمة، أن الأصل اتفاق الحاضن للصغير وصاحب الحق في رؤيته على تنظيم ممارسة حق الرؤية مكانًا وزمانًا، فإذا اتفق الطرفان وجب اعتماد ما اتفقا عليه، أما إذا تعذر الاتفاق بينهما على تنظيم هذا الحق من حيث المكان أو الزمان لأي سبب من الأسباب، انعقد الاختصاص بتنظيمه للقاضي إذا ما لجأ إليه طالب الرؤية بدعوى في هذا الشأن، وقد صدر القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، ففوض المشرع في المادة (٦٧) منه وزير العدل ــ بعد أخذ موافقة وزير الشئون الاجتماعية ــ في حالة عدم اتفاق الحاضن والصادر لصالحه حكم بالرؤية على مكان تنفيذ رؤية الصغير في إصدار قرار بتحديد أماكن تنفيذ الأحكام الصادرة بالرؤية ، بشرط أن يتوفر في المكان ما يشيع الطمأنينة في نفس الصغير، كما فوض المشرع في المادة (٦٩) من ذات القانون وزير العدل أيضًا في أن يُصدر قرارًا بإجراءات تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة بتسليم الصغير أو ضمه أو رؤيته أو سكناه ومن يُناط به ذلك.
وإنفاذًا لهذين التفويضين التشريعيين المنصوص عليهما في المادتين (٦٧) و(٦٩) من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، أصدر وزير العدل القرار المطعون فيه رقم ١٠٨٧ لسنه ٢٠٠٠ بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة بتسليم الصغير أو ضمه أو رؤيته أو سكناه ومن يُناط به ذلك، حيث أورد في المادة (4) منه أربعة أماكن لتنفيذ الأحكام الصادرة برؤية الصغير وهي :
1- أحد النوادي الرياضية أو الاجتماعية.
٢- أحد مراكز رعاية الشباب.
٣- إحدى دور رعاية الأمومـة والطفولة التي يتوافر فيها حدائـق.
٤- إحدى الحدائق العامة، وعلى أن يتوافر في هذه الأماكن ما يشيع الطمأنينة في نفس الصغير.
كما نص القرار الطعين في المادة (٥) منه على حد أدنى لمدة الرؤية لا يقل عن ثلاث ساعات أسبوعيًا فيما بين الساعة التاسعة صباحًا والسابعة مساءً، وعلى أن يُراعى قدر الإمكان أن يكون ذلك خلال العطلات الرسمية وبما لا يتعارض ومواعيد انتظام الصغير في دور التعليم، وذلك كله في حالة عدم اتفاق الحاضن والصادر لصالحه حكم رؤية الصغير على مكان وزمان الرؤية.
وكانت قضت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة في 13 مارس الماضي، بقبول الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة ، على حكم إلغاء قرار وزير العدل المتضمن تنظيم مدة الرؤية للطفل واستبداله بالاستضافة ، وقضت المحكمة بإلغاء حكم أول درجة المطعون فيه ، والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المقرر قانونًا .
وقضت محكمة القضاء الإدارى، بقبول المتدخلين بجانب المدعي في دعوى رؤية الطفل وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير العدل 1087 لسنة 2000، المطعون فيه بشأن تنظيم مدة رؤية المحضون "الطفل"، فيما تضمنه من إغفال سلطة القاضي في تحديد مكان لتلك الرؤية معايير الأماكن الأربعة المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون، وقضت بعدم قبول الطلب الثاني لانتفاء القرار الإداري وإلزام الجهة الإدارية المدعين المصروفات.
وطالبت الدعوى رقم 45378 لسنة 71 ق، بإلغاء قرار وزير العدل الأسبق والذي قصر حق الرؤية للطرف غير الحاضن على مجرد الرؤية في مراكز الشباب لمدة لا تتجاوز الثلاث ساعات وبدون عقاب رادع في حال امتناع الطرف الحاضن عن التنفيذ ، بما في ذلك من إجحاف وقطع صلة أرحام بأسر الآباء بعد الإنفصال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة