يعتبر عيد الأضحى المبارك من الأعياد التي تحتل مكانة خاصة في قلوب المسلمين، والتي تحظى أيضًا باستقبال مميز، من حيث تجهيز المنازل لاستقبال الأقارب والضيوف، والملابس الجديدة التي لا يمكن تصور العيد بدونها، وكذلك تقديم الأضاحي وتوزيع اللحوم على الجميع، وأخيرًا أطباق الطعام الشهية التي ترتبط بهذا اليوم، والتي لا تخلو مائدة طعام في أي بيت مصري منها.
ذكريات العيد
ولكن رغم أن هذه الطقوس تحدث كل عام، وأنه لم يتغير فيها سوى القليل، إلا أن التقدم في العمر أحيانًا يكون سببًا في فقدان الكثير من المشاعر المميزة، لنحتفظ بها كذكريات نستعيدها كل عام، وربما نبذل كل طاقتنا لخلق ذكريات جميلة لأطفالنا، تجعلهم يشعرون بهذه المناسبة الدينية قدر المستطاع.
وفي هذا التقرير سألنا الأمهات عن أبرز المشاعر التي افتقدنها في العيد، والتي يحلمن بعودتها مرة أخرى، وفي هذا السياق تقول "رانيا" إن فرحة لبس العيد زمان كانت لا يضاهيها أي فرحة أخرى، قائلة: "كنت بحطه قدامي من بالليل واصحي بدري ألبس وأنزل على الشارع للعب مع أولاد الجيران"، مشيرة إلى أنها اعتادت أن تقضي ليلة العيد في شراء اللعب والحلويات.
وتضيف: "كانت فرحة العيد الحقيقة في لمة العائلة والأصدقاء في بيت جدي، وهو الشيء الذي أفتقده حاليًا بسبب ظروف الحياة، فكل منا أصبحت له حياة خاصة وظروف مختلفة، وأصبح من الصعب تكرار هذا التجمع مرة أخرى."
ذكريات العيد
أما "فاطمة" فتقول إنها لم تعد تشعر بنفس المشاعر، قائلة: "لم أعد انتظر العيدية كالماضي فأنا من يقدمها في الوقت الحالي، واللبس الجديد أنا من أحضره لأولادي، ويكفي أن أجعلهم يشعرون بنفس الفرحة التي كنت أشعر بها وأنا في عمرهم تقريبًا."
وتشير إلى أن العيد كان مناسبة جيدة للتجمع العائلي فالعاملين خارج القرية يعودون، ومن يعيش بالقاهرة يرجع لمسقط رأسه لكي نتشارك جميعًا الاحتفال، لكن الآن أصبح التجمع صعبًا للغاية، خاصة مع وفاة الأجداد."
وتتابع: "كان الجميع ينتظر لحظة ذبح الأضحية، فالجميع يقف ويتابع، بعدها تتسابق أمهاتنا في إعداد أشهي الأطباق لتجلس العائلة كلها على مائدة واحدة تتشارك الطعام والضحكات، ونستعيد جميعًا الذكريات التي ظلت محفورة في ذاكرتنا حتى الآن."
ذكريات العيد
أما "نورا" فتقول إن والدها كان يصطحبها باستمرار إلى صلاة العيد بعد ارتدائها الملابس الجديدة، التي كانت تضعها دائمًا على السرير بجوارها"، مضيفة: "تكبيرات العيد كانت أبرز الأشياء العالقة بذهني حتى الآن، فكنت أجلس بجوار أبي نردد التكبيرات بفرح شديد، بعدها يشتري لي الألعاب وبلالين الأرز الشهيرة، وبمجرد وصولنا البيت يبدأ في توزيع العيدية على أفراد الأسرة حتى والدتي، ثم الأهل والأصدقاء والجيران."
تضيف: "كان دوار العائلة مفتوحًا أمام الجميع نذهب إليه كبارًا وصغارًا، فالعيد فرصة لكي نتقابل جميعًا ونسرد أخبارنا، وفرصة للصغار لكي يلعبوا ويشعروا بمشاعر الدم والأخوة بين أفراد العائلة الواحدة، فيما كانت تتولى أمهاتنا مهمة إعداد الطعام وإحضاره للدوار، لكي يتشارك أبي وأعمامي وأجدادي تناول الطعام معًا، لكن للأسف لم يعد ذلك ممكنًا الآن فمسئوليات الحياة فرقتنا جميعًا."
ذكريات العيد
وأخيرًا تقول "ضحى" إن الحياة كانت أبسط"، وأضافت: "كان أقل شيء بيفرحنا وبيخلينا طايرين، لكن دلوقتي مهما تعمل لأولادك هما مش راضيين وعايزين أكتر، وغالبًا كان الفرق في البساطة في كل شيء، ورغم إن الطقوس زي ما هي، لكن إحساسنا بيها اختلف."