يتفاجأ (س) من الناس بصدور أحكام قضائية ضده، عن قضايا مرفوعة من أناس لم يسمع عنهم من قبل، بزعم أنه قام بتبديد مبالغ مالية تسلمها على سبيل الأمانة، ومما يزيد من صعوبة الأمر، أن تكون هذه القضايا مرفوعة فى محافظات مختلفة، فيبدأ المتهم البريء رحلة المعاناة فى إثبات براءته.
ولا شك أن الهدف الأساسى من القوانين العقابية هو حماية أرواح الناس وممتلكاتهم، إلا أن تلك القوانين – كأى عمل بشرى – قد يطالها بعض من اوجه القصور والثغرات، التى غالباَ ما يستغلها ضعاف النفوس، ولم يعد بوسع أحد أن ينكر هذا الواقع، فالأساليب الملتوية قائمة وتمارس علما وعملا ويجرى التفنن فى تطويرها وابتكارها، ما لم يسارع المشرع بتلافى أوجه القصور تلك.
فى التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية فى غاية الأهمية وهو ما يُطلق عليه "إيصال الأمانة الأمريكاني" وهو أخطر أنواع الايصالات فى الوقت الراهن حيث انتشرت قضايا ايصالات الأمانة فى المحاكم بسبب هذا النوع من الإيصالات حيث يفاجئ فيها الضحية بصدور أحكام ضده بتهمة تبديد مبالغ مالية على سبيل الأمانة- بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض الدكتور محمد الصادق.
فى البداية - غالبية هذه القضايا تكون مرفوعة بصورة ضوئية من ايصال أمانة مزور، منسوب صدوره للمتهم – الذى هو فى الأساس ضحية - وغالبا ما يتغيب المدعى بالحق المدنى عن الحضور أمام المحكمة، وبالتالى لن يستطيع المتهم الطعن بالتزوير على الصورة الضوئية، وغاية ما له أن يجحد الصورة الضوئية الموجودة بملف الدعوى – وفقا لـ"الصادق".
وهناك احتمال آخر، إذا ما أمعن مقيم الدعوى فى الكيد واللد فى الخصومة، أن يحضر ويقدم أصل الإيصال المنسوب صدوره للمتهم وفى هذه الحالة غالبا ما يلجأ المتهم للطعن بالتزوير على التوقيع المنسوب له، فتسمح له المحكمة باتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير، بعد سداد مبلغ أمانة خبير ربما يصل إلى ألف جنيه على سبيل المثال، ومما يزيد من صعوبة الأمر، إذا ما قام الشخص المدعى برفع عدة جنح فى عدة محاكم مختلفة، بأشخاص مختلفين، الأمر الذى يصعب معه على المتهم الضحية التمسك بتطبيق نص المادة 32 عقوبات، لعدم وجود ارتباط حقيقى بين تلك القضايا، فيضطر أن يتعامل مع كل قضية على حده – الكلام لـ"الصادق".
وفى الحقيقة غالبا ما يجد المتهم – الضحية - نفسه مضطرا لدفع الآف الجنيهات فى محاولة منه لإثبات براءته، الأمر الذى قد يجبره للإذعان والتفاوض مع الشخص مقيم الدعاوى، وهنا نوصى بأنه لا بد ألا ينبغى بأى حال من الأحوال أن يخضع الشخص الذى زُور عليه إيصال الامانة، لأى ضغط أو ابتزاز، حتى لا يستمر خصمه بهذا الأسلوب فى المزيد من الافتراء، مهما كلفه ذلك من عناء وأموال، فلا سبيل للمرء إلا أن يناضل عن حقه.
كما نناشد المشرع، بضرورة وضع ضوابط لإقامة الجنح المباشرة، فيكون من حق النيابة العامة رفض قيدها، إذا كان المتهم لا يقيم بدائرة الاختصاص المحلى للمحكمة، لأنه لا ينبغى أن يُمنح المدعى المدنى حقوقا أكثر مما للنيابة العامة المقيدة بقواعد الاختصاص المحلى.