تواصلت الأحداث الساخنة فى تونس، ودعا برلمانيون وسياسيون تونسيون راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة – إخوان تونس- للرحيل، مستنكرين فكرة أصدراه بيانات باسم البرلمان التونسى، داعمين قرارات الرئيس التونسى قيس سعيد، تتزامن هذه الإجراءات مع دعوات مؤسسة "أرشيف التونسية" بيانا حذرت فيه من محاولات إتلاف الوثائق والمسندات من أجل التستر على فساد.
وتوجه عدنان بو عصيدة رئيس جامعة البلديات ورئيس بلدية رواد برسالة مفتوحة إلى راشد الغنوشى رئيس مجلس النواب وحركة النهضة، دعاه فيها للرحيل، مضيفا: "بعد سلسلة التصاريح التى ادليتم بها إلى وسائل إعلام أجنبية وآخرها جريدة إيطالية، فإنه لا يسعنى إلا تذكيركم بأن أمن تونس وشعبها خط أحمر لا تهاون فيه وأن الاستقواء بالأجنبى ضد بنى شعبنا أمر مرفوض ومدان بشدة مهما كانت درجة اختلافاتنا السياسية مع أى طرف".
وأضاف: "واليوم عدتم للتلويح باستعمال العنف فى الشارع ولتهديد دول شمال المتوسط بموجة من الهجرة غير الشرعية والإرهاب اذا لم يتم الاستجابة لمطالبكم، داعيين الشعب التونسى للتحرك أن لم يتم ذلك، وهو ما يؤكد أن القول باستماعكم إلى مطالب الجماهير وتفهمها واعترافكم بالخطأ وطلب العفو، لم يكن سوى مناورة سياسية بائسة ومداهنة، أن من يعترف بخطئه لا يصر على مواصلة المشوار أن كان صادقا وإنما يرحل فى صمت وبكل خجل.
ووجه سؤالا لراشد الغنوشى، قائلا: "ثم عن أى شعب تونسى تتحدثون؟ عن 87% من الشعب المؤيدين لقرارات الرئيس أكانت دستورية أو انقلابية؟ عن 87% من الشعب الذين يريدون رحيل الحركة من الحكم؟ هل حقا استمعتم إلى نبض الشارع و"فهتهم" وإلا غلطوك انت زادة؟ لقد تحالفنا معكم كمستقلين على نفس القائمة البلدية ثم بعد الفوز فى الانتخابات البلدية انضممنا معكم كمستقلين إلى نفس الكتلة البلدية تحت مسمى كتلة حركة النهضة لإيماننا المشترك بنفس الحلم الرامى إلى ارساء ديموقراطية تشاركية محلية وتحقيق اللامركزية التى هى دعامة التنمية فى كافة التجارب النجاحة فى العالم، وخضنا حروبا تقريبا مع كل الحكومات وخاصة حكومة الفشل التى ترأسها المشيشى، وكنا نتفهم تأخر البرلمان فى استكمال هذا المسار وبقية المسار الدستورى بكل ما كنتم تقدمونه من حجج وطالما بقت اختلافاتنا فى حدود النقاشات الداخلية".
وتابع: "أما اليوم وأنتم تهددون باستهداف الأمن الداخلى وتحرضون على خروج الشارع واستعمال القوة لرفع القيود على البرلمان وتحرضون الأجنبى للتدخل فى الشأن الداخلى ودحض السيادة الوطنية، غير عابئين باستعمال منظوريكم وقواعدكم وحلفائكم كحطب لمحرقة قد تصيب الأخضر واليابس، فهو وما لا يمكننى قبوله شكلا ومضمونا ولا السكوت عنه، وعليه، فإننى أعلمكم أنه فى حال عدم التراجع عن هذه التهديدات واحتكام العقل والاستماع بحق وصدق إلى نبض الشارع التونسى، فإننى سأضطر إلى الانسحاب من تحالفنا البلدى نهائيا، خاصة بعد أن فشلت كتلة الحركة بمحاولة سحب ثقتها منى من المجلس البلدى وقام مكتب حركتكم برواد بطردى من الكتلة البلدية نهائيا بتهمة عدم اتباع منهجية عمل لمصالح الحركة فى الجهة.
فيما أكدت النائبة نسرين العمارى أن البيان الذى صدر عن مجلس نواب الشعب اليوم 30 يوليو 2021 لا يمكن أن يمثّلها، وأضافت أن ما قام به الغنوشى وهو فى حالة تجميد لا يعدو أن يكون إلا تصرّفا فرديا خاطئا من رئاسة المجلس وفيه تجاوز خطير وتعد صارخ على علويّة القانون.
فيما أصدرت مؤسسة الأرشيف الوطنى بيانا شديد اللهجة حول ضرورة حماية الوثائق والأرشيف بمؤسسات الدولة وعواقب الأضرار أو إتلاف وثائق على غير الصيغ القانونية، محذرة من محاولات اتلاف الوثائق أو المستندات الرسمية من أجل التستر على الفساد.
ودعت مؤسسة الأرشيف الوطنى عموم الموظفين والمواطنين إلى اليقظة والتبليغ عن أى تجاوزات أو عمليات تخص ثبوت التلاعب بالوثائق أو إتلافها من أى شخص أو جهة، محذرة فى الوقت ذاته من عدم الانسياق وراء الأخبار دون التروى والتريث وانتظار ردود الجهات المعنية لأنه يمكن استعمال هذه الأمور فى إثارة البلبلة وإلهاء الرأى العام أو للكيد وتصفية الحسابات.
جدير بالذكر أن الاتحاد العام التونسى للشغل أصدر الأسبوع، بيانا يدعو من خلاله "كافة الهياكل النقابية فى جميع الجهات والقطاعات والمؤسّسات إلى اليقظة وإلى مزيد البذل والعمل وإلى الحرص على تأمين سلامة مؤسّساتهم ومنع أى تلاعب بأرشيفها ووثائقها وممتلكاتها
وورد فى البيان حسبما نقل موقع صحيفة "الشروق" التونسية، أن هذه الدعوة "نظرا للظرف الاستثنائى الذى تمرّ به البلاد وحرصا على المساهمة فى إنقاذها وقطعا للطريق أمام من يبيّت لتونس شرّا".
وأنهى الرئيس التونسى قيس سعيد حقبة الإخوان المريرة بقراراته الجريئة غير المسبوقة، حيث تسبب حكم حركة النهضة الإخوانية، التى سيطرت على مجلس نواب الشعب التونسى وعملت على تكميم أفواه الأحزاب والتيارات السياسية داخل البرلمان، فى تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع الأسعار فى البلاد، وسط انهيار اقتصاد البلاد وارتفاع معدل البطالة فى البلاد بشكل كبير.
واستند الرئيس فى قراراته للفصل 80 من الدستور، وبموجبه قرر تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإعفاء رئيس الحكومة وعدد من الوزراء من مناصبهم، وتولى الكتاب العامون أو المكلفون بالشؤون الإدارية والمالية برئاسة الحكومة والوزارات المذكورة تصريف أمورها الإدارية والمالية إلى حين تسمية رئيس حكومة جديد وأعضاء جدد فيها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة