أصدرت محكمة النقض، حكماَ مهماَ بشأن المصلحة فى الدعاوى القضائية قالت فيه إن "المصلحة فى الدعوى شرط بقاء لا ابتداء فقط سواء كانت حالة أو محتملة، وإلا اعتبرت مجرد دعوى كيدية وليست قانونية، وتعلق ذلك بالنظام العام، مؤداه رفضها، فضلاَ عن وجوب بحث محكمة الموضوع عند نظر الدعوى أو الطعن توافر المصلحة بمفهومها القانونى بغير طلب من الخصوم، طبقا للمادة 3 من قانون المرافعات".
صدر الحكم فى الطعن المُقيد برقم 15441 لسنة 78 القضائية، برئاسة المستشار يحيى جلال، وعضوية المستشارين عبد الصبور خلف الله، و مجدى مصطفى، وعلى جبريل، وبحضور رئيس النيابة أحمد عنان، وأمين السر عادل الحسينى إبراهيم.
الوقائع.. نزاع حول صحة ونفاذ عقدى بيع لشقة
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى القضائية على الشركتين الطاعنة والمطعون ضدها الثانية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدى البيع على سند من أنه اشترى بموجب العقد الأول من الشركة الطاعنة الشقة المبينة بالأوراق لقاء ثمن مُسدد، وتضمن العقد أن الملكية آلت للطاعنة بالشراء من المطعون ضدها الثانية بموجب العقد الثانى ، وتملك الأخيرة بموجب العقد المشهربتوثيق المعادى، وإذ تقاعسا عن اتخاذ إجراءات التسجيل فقد أقام الدعوى، حكمت المحكمة بالطلبات.
في تلك الأثناء – استأنفت الطاعنة هذا الحكم، كما استأنفته الشركة المطعون ضدها الثانية أمام ذات المحكمة، ضمت المحكمة الاستئنافين، وبتاريخ 4 نوفمبر 2008 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المطعون ضدها الثانية بالمصروفات وإلزام الشركة المستأنف ضدها الثانية – الطاعنة – بمصروفات الاستئناف، وبرفض استئناف الطاعنة، ثم طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض.
مذكرة الطعن تستند على عدم قبول الشركة طلب المطعون ضده الأول بصحة ونفاذ عقد البيع
مذكرة الطعن ذكرت إن حاصل ما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أنها دفعت بعدم قبول طلب المطعون ضده الأول بصحة ونفاذ عقد البيع المبرم بينها والمطعون ضدها الثانية لزوال مصلحته بعد شهر هذا البيع بالعقد أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة وقدمت تأييدا لدفعها صورة رسمية منه، إلا أن الحكم أغفل الرد على ذلك الدفع وقضى بصحة ونفاذ العقد المشار إليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
المحكمة تضع تعريفا للمصلحة وشروطها
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن المصلحة يقصد بها الفائدة العملية التي تعود على رافع الدعوى، و إلا اعتبرت مجرد دعوى كيدية و يشترط في المصلحة أن تكون قانونية بمعنى أن تستند الى حق أو مركز قانوني، و أن تكون قائمة و حالة بمعنى أن يتم فعلا هذا الاعتداء و لا تقبل الدعاوى المبنية على مصلحة محتملة إلا بموجب نص قانوني خاص يستثنيها أو يقرر جوازها، وهناك أراء فقهية تعتبر المصلحة هي الشرط الوحيد لقبول الدعوى ذلك أن الصفة بالنسبة له ما هي إلا المصلحة الشخصية و المباشرة للشخص، فاذا انتفت المصلحة فلا تقبل الدعوى، والعلة في ذلك واضحة حيث إضاعة وقت وجهد العدالة وانشغالها بدعاوى لا فائدة منها، وإنما كيدية.
المصلحة توضح متى تكون المصلحة قانونية ومتى تكون اقتصادية
وبحسب "المحكمة" فإن المصلحة القانونية: يشترط أن تكون قانونية بمعنى أن تستند الى حق أو مركز قانوني بحيث تكون غاية الدعوى حماية هذا الحق أو المركز القانوني أما إذا كانت المصلحة لا تستند إلى حق أو مركز يقره القانون فهي مصلحة اقتصادية لا تكفي لقبول الدعوى، ولهذا لا تقبل دعوى تاجر بطلب حل شركة تجارية تنافسه في تجارته ولو شاب عقد الشركة سبب من أسباب البطلان ما دام رافع الدعوى ليس طرفا في عقد الشركة فلا يحق له طلب بطلانها إذ المصلحة في هذا الغرض مصلحة اقتصادية وليست قانونية.
نص المادة الثالثة من قانون المرافعات
ووفقا لـ"المحكمة" - أن تمسك الطاعنة فى دفاعها أمام محكمة الموضوع بعدم قبول طلب المطعون ضده الأول بصحة ونفاذ عقد البيع المبرم بينها والمطعون ضدها الثانية لزوال مصلحته بعد شهر عقد التداعى يُعد دفاعاَ جوهرياَ، وأما التفات الحكم المطعون فيه عن ذلك الدفاع وقضاءه بتأييد الحكم الابتدائى بصحة ونفاذ ذلك العقد رغم ثبوت شهره بمدونات الحكم الابتدائى يُعد خطأ ومخالفة للقانون .
النص فى المادة الثالثة من قانون المرافعات – المعدلة بالقانون رقم 81 لسنة 1996 – على أنه: 1- لا تقبل أى دعوى كما لا يقبل أى طلب أو دفع استنادا لأحكام هذا القانون أو أى قانون آخر، لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون، ومع ذلك تكفى المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه .
متى لا تقبل الدعوى؟
وتقضى المحكمة من تلقاء نفسها، فى أى حالة تكون عليها الدعوى، بعدم القبول فى حالة عدم توافر الشروط المنصوص عليها فى الفقرتين السابقتين، وكان مفاد هذا النص ودلالة عباراته الصريحة أن المشرع جعل من توافر المصلحة بخصائصها المقررة فى فقه القانون سواء كانت حالة أو محتملة ليس شرطاً لقبول الدعوى عند بدء الخصومة القضائية فحسب بل فى جميع مراحلها حتى الفصل فيها أى أنه شرط بقاء لا شرط ابتداء فقط.
إذ الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ ../../1993 برغم أن الثابت من مدونات الحكم الابتدائي أن الطاعنة قدمت أمام محكمة أول درجة صورة رسمية من العقد المسجل رقم «....» لسنة 2006 جنوب القاهرة المتضمن شهر ذلك البيع مما لازمه زوال مصلحة المطعون ضده الأول فى طلب صحته ونفاذه لأن الغاية منه الحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد فى نقل الملكية.
وإذا كانت الملكية قد انتقلت بالفعل بتسجيل العقد فإن الحكم بصحته ونفاذه يكون عديم الجدوى، ولا يعود على المطعون ضده الأول منه أى منفعة ويكون دفع الطاعنة بعدم قبوله على سند صحيح من الواقع والقانون، ولا يغير من ذلك أن تسجيل العقد المذكور قد تم بعد رفع الدعوى وأثناء نظرها إذ ينحصر أثر ذلك فى التزام الطاعنة بما تكبده المطعون ضده الأول من مصروفات ذلك الطلب لأنه كان محقاً فيه وقت رفع الدعوى وهى مصروفات تقل عن المصروفات المستحقة فى حالة الحكم بصحة ونفاذ العقد وهو ما يجعل للطاعنة مصلحة محققة فى الطعن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه.