تحتفل الأمة الإسلامية بالعام الهجرى الجديد فى ظل جائحة كورونا وتداعياتها على البشرية أجمع، ومدى حاجة المجتمعات من الاستفادة من الهجرة المباركة، وما اشتملت عليه من دروس وعبر، أبرزها ضرورة ترسيخ قيم الإخاء والتكافل والتعايش السلمى، وإعلاء قيمة المواطنة والأخذ بالأسباب للتحقق النجاة من المحن والأزمات.
وأعتقد أن من أهم الدروس التي يجب أن نستفاد منها في هذا الذكرى النبوية المباركة، هو ترسيخ قيم "التواد والتراحم والمحبة"، فالحب والإخاء هما الدعامة الأساسية لبناء المجتمعات، فقد قال الله تعالى "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا» ويقول نبينا الكريم: «مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، لذا كان من أوائل الأفعال التي فعلها النبى الكريم عندما هاجر هو وصحابته الكرام من مكة إلى المدينة، ترسيخ الإخاء وتحقيق التكافل، الذى كان له أبلغ الأثر في قوة وتماسك وبناء المجتمع الجديد، وعبور كل الأزمات التي واجهتهم فى مجتمعهم الجديد وبناء دولتهم.
فما أحوج الإنسانية الآن في ظل ويلات جائحة كورونا، وانتشار الأفكار التكفيرية والإرهابية من قوى الشر والظلام، إلى التعايش السلمى المبنى على احترام الأخر وترسيخ الاعتدال والتسامح والسلام، مثلما حدث بين المهاجرين والأنصار، حيث نبذ التنافر والتناحر والتباغض، والأخذ بأسس وأسباب الوحدة والاتحاد، فكانت الثمار تعايش وسلام بلا كراهية ولا بغضاء.
وما يجب أن نستلهمه في الذكرى المباركة أيضا، أن نجدد قيم الثبات عند المحن، وعدم التهاون في الأخذ بالأسباب، وأن يكون يقيننا أنه مهما طالت الأزمة فإن مصيرها للزوال، لأن الانتصار لا يتحقق إلا بالصبر والثبات والإعداد والأخذ بالأسباب المؤدية للنجاة، وهذا ما فعله الرسول هو صحابته أثناء الهجرة المباركة ومدى تحملهم المشقات والمحن فصبروا وأخذوا بكل الأسباب المادية حتى كتب الله لهم النصر، لذا علينا أن نأخذ بكافة أسباب الحماية واتباع الإجراءات الوقائية حتى يكتب الله زوال الغمة والوباء.
وختاما، إن كل عملٍ يُراد له التوفيق لابد أولا الأخذ بكافة الأسباب الماديَّة المتاحة ثمَّ التوجه بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى، فالإسلام ليس ديناً محصوراً في أداء الشعائر والفرائض، إنَّما هو دينٌ يشتمل على العقيدة والشريعة والعمل.. فلابد من العمل والأخذ بالأسباب للعبور من محنة كورونا، مثلما حدث وعبروا المهاجرين محنتهم، فكتب الله لهم النصر والانتصار..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة