نجيب محفوظ والإبداع مع الكبار فى الذكرى الـ15 لرحيله.. علاقة صاحب نوبل بـ10 من أعظم الكُتاب.. يحيى حقى رئيسه فى العمل.. كان على خلاف مع العقاد وتأثر بسلامة موسى وطه حسين.. وإحسان عبد القدوس "معرفة قديمة"

الإثنين، 30 أغسطس 2021 01:00 م
نجيب محفوظ والإبداع مع الكبار فى الذكرى الـ15 لرحيله.. علاقة صاحب نوبل بـ10 من أعظم الكُتاب.. يحيى حقى رئيسه فى العمل.. كان على خلاف مع العقاد وتأثر بسلامة موسى وطه حسين.. وإحسان عبد القدوس "معرفة قديمة" نجيب محفوظ
أحمد إبراهيم الشريف - أحمد منصور - محمد عبد الرحمن - عبد الرحمن حبيب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نتذكر اليوم رحيل نجيب محفوظ «1911 - 2006»، حيث رحل فى 30 أغسطس من سنة 2006 بعد 95 عاما من الإبداع والحضور العظيم، فصاحب نوبل هو المبدع الأكثر أثرا حتى الآن فى الكتابة العربية الحديثة،  وقد  تميز بكونه «ابن بلد» لم يعرف العزلة المطلقة عن مجتمعه ولا عن قرائه وأصدقائه، بل كان اجتماعيا بطريقته المنظمة، كانت روحه مرحة محبة للضحك، لا تراه فى الصور والبرامج إلا ضاحكا أو مبتسما، فكيف كانت علاقته بكبار كتاب جيله وبأصدقائه؟.

ونتوقف هنا مع 10 من المبدعين الكبار، الذين كانت لهم علاقات مباشرة بمحفوظ، علاقات من التأثير والتأثر والاختلاف أيضا، منهم يحيى حقى، عباس محمود العقاد، طه حسين، سلامة موسى، توفيق الحكيم، إحسان عبدالقدوس، ويوسف إدريس، وعلى أحمد باكثير ونجيب سرور، وجمال الغيطانى، ونحاول أن نعرف «جوهر» هذه العلاقة وأساسها.

يحيى حقى .. رئاسة فى العمل 

كان الأديب الكبير يحيى حقى يترأس نجيب محفوظ فى العمل، ويحكى نجيب فى كتاب «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ» لرجاء النقاش: عرفت الأستاذ يحيى حقى فى الوظيفة، فقد أنشأ وزير الإرشاد فتحى رضوان، مصلحة الفنون، واستمرت هذه المصلحة خلال الفترة الممتدة من سنة 1955 إلى عام 1959، وتم تعيين يحيى حقى فى منصب مدير المصلحة، وطلب اثنين من المساعدين، واختارنى أنا وعلى أحمد باكثير، وعملت مديرا لمكتبه، وكان «حقى» أول وآخر من تولى إدارة مصلحة الفنون، وبسبب علاقتى الوظيفية معه، اقتربت منه أكثر. وحين نال نجيب محفوظ جائزة نوبل، قال: إنه يشعر بالخجل أن نال الجائزة فى حياة «حقى»، الذى كان الأحق بها، بوصفه صاحب الدور الأكبر فى التأسيس للقصة والرواية كنوع أدبى جديد.
 

طه حسين.. الوقوع فى غرام «الأيام»

تأثر نجيب محفوظ بطه حسين، عميد الأدب العربى، حسبما أشار الكاتب محمد شعير، وظهر ذلك عندما كتب «محفوظ» مذكراته فى طفولته باسم «الأعوام.. سيرة الطفولة»، وهى عبارة عن سيرة ذاتية عن طفولة نجيب محفوظ مكتوبة بخط يده، وهو نص طويل كتبه بنفسه بعنوان «الأعوام»، من بدايات الأعمال التى كتبها، وهى تعتبر السيرة الذاتية الوحيدة له، ويتناول فيها سنواته الأولى، ولم يكن يقصد صاحب «الثلاثية» التأريخ، من وراء كتابة مذكراته حينها، لكنه قصد تدوين أحداث طفولته، تقليدا لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين فى كتابه «الأيام».
 

توفيق الحكيم .. اختاره أستاذا 

لم تكن العلاقة بين نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم مباشرة فى البداية، فقد كانت من طرف واحد هو نجيب محفوظ، الذى لفتت نظره بشدة أعمال توفيق الحكيم، فاعتبره أستاذا له حتى قبل أن يطرق أبواب عالم الأدب ويضحى روائيا مشهورا. 
 
واعتبر نجيب محفوظ رواية عودة الروح أيقونة توفيق الحكيم الروائية، فقد أبدى إعجابه الشديد بها فى الحوارات الصحفية المنشورة له على مدار عمره، وكان دائما إذا سئل عن الأساتذة والمعلمين يجيب على الفور: توفيق الحكيم.
 

إحسان عبدالقدوس.. معرفة قديمة

ربطت أواصر متينة بين نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس، وهذا ما يؤكده كتاب «ليالى نجيب محفوظ فى شبرد»، الذى يلفت إلى حضور الأديبين الراحلين سويا، المناسبات، ومساهمتهما يدا بيد فى إنشاء المؤسسات الثقافية ومنها نادى القصة، حيث ورد بفقرة من الكتاب الذى ألفه إبراهيم عبدالعزيز، وصدر عن دار بتانة للنشر والتوزيع: «أنشئ نادى القصة عام 1953 على أكتاف عدد من كبار أدباء مصر، أبرزهم طه حسين، وتوفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، وسهير القلماوى، وعبدالحميد جودة السحار، وإحسان عبدالقدوس، ويحيى حقى». وفى كتاب «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ» لرجاء النقاش، يتحدث صاحب نوبل عن كيفية نشر روايته «أولاد حارتنا» مسلسلة فى صحيفة الأهرام، فيقول: «بمناسبة حصولى على جائزة وتكريما لى، أقام إحسان عبدالقدوس حفلا فى منزله القديم، الكائن بشارع قصر العينى، ودعا إليه عددا كبيرا من الأدباء والصحفيين، على رأسهم كامل الشناوى، تربطنى بإحسان عبدالقدوس علاقة شبه عائلية، منذ أن كان جارا لنا فى شارع رضوان بالعباسية، وقد ولد إحسان فى هذا الشارع، ونشأت بيننا علاقة حميمة، بعد أن انتقلنا من الجمالية لنسكن نفس الشارع، وقبل أن أتعرف عليه، ربطت الصداقة بينى وبين ابن عم له».

 

نجيب سرور.. دراسة عن الثلاثية 

حينما عاد نجيب سرور إلى مصر، قادما من رحلة طويلة فى أوروبا الشرقية، شملت موسكو الروسية، وبودابست عاصمة المجر، كان قد كتب بالفعل دراسة عن نجيب محفوظ، وبالتحديد عن الثلاثية التى تعد جوهرة تاج أعمال أديب نوبل، وهى معلومة لا يعرفها كثيرون فى ظل ما جرى بعدها من أحوال، وما مس نجيب سرور من رغبة فى القطيعة مع عالم المثقفين، كان ذلك عام 1958 أى قبل أن يكتب سرور تحفته ياسين وبهية، فلقد راسل محمد دكروب الناقد اللبنانى، خلال فترة إشرافه على مجلة الثقافة الوطنية، وأبلغه بأنه ينوى إرسال دراسة له عن ثلاثية نجيب محفوظ، وهو ما استجاب له دكروب على الفور، وبدأت الدراسة التى أنجزها عن نجيب تنشر فى حلقات مسلسلة بداء من عام 1958 غير أن المجلة توقفت عن الصدور قبل أن يكمل نجيب سرور ما بدأه.
 

يوسف إدريس .. الغضب المبرر 

لم تكن العلاقة بين نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، عدائية فى المطلق كما يحلو للبعض أن يصورها، ولم يكن هناك خلاف شخصى يخوضان فيه بشكل مستمر، لكن هناك اختلافا فى طريقة العمل الأدبى.
 
هذا الاختلاف من أول الرؤية للأدب والفن وحتى الفروق الفردية بينهما، والسمات الشخصية التى تميز كل منهما عن الآخر.
 
ومع ذلك، فإن ما حدث فى سنة 1988 ظل هو اللقطة الأعلى فى الحكاية، فقد أعلن يوسف إدريس غضبه، بعد فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل، ليس تقليلا من نجيب، ولكنه كان يعرف جيدا أن حصول «محفوظ» على الجائزة العالمية يعنى أنها أفلتت من يديه إلى الأبد.
 

العقاد.. من اختلاف فى الرأى إلى إنصاف فى الحكم

شن الكاتب الكبير عباس محمود العقاد فى أربعينيات القرن العشرين هجوما على فن القصة، ونشر رأيه فى مجلة الرسالة الشهيرة فى ذلك الوقت، حيث انتصر للشعر على حساب السرد.
 
ففى عدد سبتمبر عام 1945 من مجلة «الرسالة»، كتب العقاد مقالا يفاضل فيه بين الشعر والقصة، ويجعل للشعر أهمية تعلو على القصة، ورد عليه نجيب محفوظ وكان شابا، ومما قاله: «حسب القصة فخرا أنها يسرت الممتنع من عزيز الفن للأفلام جميعا، وأنها جذبت لسماء الجمال قوما لم يستطع الشعر على قدمه، ورسوخ قدمه، رفعهم إليها. فهل يكره العقاد ذلك، أو أنه يحب كأجداده كهنة طيبة، أن يبقى فنه سرا مغلقا إلا على أمثاله من العباقرة؟».
 
هذا الخلاف لم يمنع العقاد أن يعجب بـ«نجيب محفوظ»، مشيدا بروايته عن استشارته من وراء الستار لنيل جائزة القصة، قائلاً: بعد أن قرأ رواية محفوظ ورواية العريان: إن رواية الأول أحق بالجائزة.
 

باكثير.. شريك النشر والجائزة الأولى

ظهر اسم باكثير الروائى بمصر فى بداية الأربعينيات من القرن العشرين، وكان هو ونجيب محفوظ من أوائل المنضمين للجنة النشر للجامعيين، التى أسسها عبدالحميد جودة السحار سنة 1943م لنشر أعمال الأدباء الشباب، وتعاهد الزملاء الثلاثة السحار وباكثير ونجيب محفوظ، على نشر أعمال أدبية ترتقى بمستوى الرواية العربية فنيا وفكريا، فاتجهوا إلى كتابة الرواية التاريخية برؤية جديدة تجعل من أعمالهم الامتداد المتطور لما كتبه أبناء الجيل السابق لهم، وحققت الروايات الثلاث الأولى «أحمس بطل الاستقلال» لعبد الحميد جودة السحار، و«رادوبيس» لنجيب محفوظ، و«سلامة القس» لباكثير، التى أصدرتها «لجنة النشر للجامعيين»، ترحيبا نقديا وثقافيا ممتازا، خاصة أن جمهور القراء قد تعرف عليها، وأعجب بها عندما نشرت مسلسله فى «مجلة الثقافة» آنذاك.

 

سلامة موسى.. صاحب الأثر 

علاقة نجيب محفوظ بسلامة موسى تعود لوقت أن كان «محفوظ» طالبا يدرس فى الجامعة، حيث نشر أولى مقالاته فى عدد أكتوبر 1930 لمجلة «المجلة الجديدة»، التى كان يصدرها سلامة موسى، وكان عنوان المقالة «احتضار معتقدات وتولد معتقدات»، وفى 3 أغسطس 1934 بعدما تخرج نشر له سلامة موسى فى المجلة أولى قصصه، وكان عنوانها «ثمن الضعف».
 
وكان لسلامة موسى تأثير كبير على أفكار نجيب محفوظ، حيث كان «موسى» من المتحمسين لحضارة مصر القديمة، وتأثر نجيب محفوظ بهذه الرؤية، فألف ثلاث روايات عن مصر الفرعونية هى «عبث الأقدار» و«رادوبيس» و«كفاح طيبة».

الأب الروحى لـ«الغيطانى»

عشق الروائى الكبير الراحل جمال الغيطانى كتابات المبدع العالمى نجيب محفوظ، حيث اعتبره الأب الروحى له فى الإبداع والأدب، فنشأت بينهما علاقة صداقة قوية بين التلميذ والأستاذ، وكان «الغيطانى» دائما ما يتحدث عن مدى علاقته بصاحب نوبل فى كل المجالس واللقاءات، ومن شدة حب جمال الغيطانى فى أستاذة، جمعهما كتاب واحد كتبه «الغيطانى» بعنوان «نجيب محفوظ يتذكر»، ففيها يتذكر صاحب نوبل، ويتحدث عن الطفولة والوالد والحسين، وعن أول حب، والصراع بين الأدب والفلسفة والكتابات الأولى، ولم يخل حديثهما من السياسة والثورة والزعيم أو الفن والوظيفة.

p.8






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة