اللغة أحد أبرز الأدوات التي تحقق التواصل والتقارب بين الشعوب سواء كانت عربية أو أجنبية، وتبقى هى السلاح الذي يمكن استخدامه في تحقيق التواصل بين الشعوب والحضارات على مدار العصور، وتطورت اللغات خلال العقود الأخيرة وبعضها أدخل عليها كلمات أعجمية تم تعريبها في لغتنا العربية، خلال القرن الأخير، بفعل عوامل الاستعمار وغيرها.
لغتنا العربية أحد أبرز اللغات في العالم لأنها تستخدم من حوالى نصف مليار مواطن على كوكب الأرض، وهي اللغة التي يطلق عليها أيضا "لغة الضاد" وهو الحرف الذي يميزها كثيرا عن بقية اللغات الحية الأخرى على مستوى العالم والتي تتجاوز 7 آلاف لغة حية منها 2301 فى آسيا، و2138 فى أفريقيا، و1313 فى منطقة المحيط الهادى، و1064 فى الأمريكتين، بينما يتواجد النصيب الأقل فى أوروبا حيث عدد اللغات الحية 286 فقط.
وفي ظل الجمهورية الجديدة التي تتطلع الدولة المصرية للارتقاء بكل شيء في مصر خلال الفترة المقبلة، نحن في حاجة ماسة إلى الارتقاء بالذوق العام والثقافة والعلم بإحياء لغتنا العربية الفصحى، بشكل تدريجي في الأعمال الفنية والدرامية والتعليق الرياضي والبرامج التليفزيونية، وذلك للارتقاء بالذوق العام للمواطنين من خلال العودة للحديث بالعربية الفصحى.
نحن فعليا نتحدث بكلمات عربية فصحى، والحقيقة أن الفصحى ليست صعبة كما يظن الكثيرون، ومن ضمن الألفاظ الفصحى التي نظن أنها عامية كلمة "عيّل" التي نرددها في مصر، للإشارة إلى الطفل الصغير أو الذي لم يبلغ سن الرشد بعد، وهي كلمة فصيحة تماماً، وبلفظها الدارج دون أي تعديل. فقد جاء في المصنف العربي الشهير: "ذيل فصيح ثعلب" لموفق الدين أبي محمد عبد اللطيف بن الحافظ بن محمد البغدادي أن العيال، فهي للذين "يعولهم الرجل واحدهم عيِّلٌ، مثل جيِّد".
ومن أكثر الكلمات التي يستخدمها الشارع العربي وتحديدا في مصر "شال" بمعنى الحمل والرفع. وتلفظ: "شال على رأسه" و"شال المنضدة" والأم "شالت" طفلها، وتشيل وأشيل وشلتُ وشالوا. وهي من المفردات العربية الفصحى التي يستخدمها العرب، وتستخدم كلمة "الشال" لرداء النساء والذي يوضع على كتفيها، مشتقة من شال، ويقصد هنا الرفع والمكان المرفوع.
وتوجد كلمات عدة نستخدمها في حياتنا اليومية تحتفظ بذات المعنى واللفظ الذي كانت عليه في القواميس القديمة. إلا أن غلبة اللفظ العامي، لغوياً ونحوياً، جعل البعض يظنون أن كثيراً مما نستخدمه من كلمات، عامي، فيما الحقيقة أن الأغلب مما يجري على اللسان العربي، الآن، هو أقرب إلى اللغة العربية الفصحى.
سعدت جدا خلال متابعتي لفيلم "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة" للنجم "محمد هنيدي" لأنه ألمح إلى هذه القضية، ورغم أن العمل السينمائي جاء في سياق كوميدي وفكاهي إلا أنه أشار إلى قضية هامة جدا وهي أهمية العودة للتحدث باللغة العربية الفصحى إلى جانب الاهتمام بتعلم اللغات الأجنبية.
دعم قطاع الثقافة في مصر يحتاج لاستراتيجية واضحة ودعم إعلامي لهذه الاستراتيجية لتعود الدولة المصرية مجددا لتصدير أبرز الشعراء والكتاب والمثقفين وتنشط الحركة الثقافية لتعود لسابق عهدها لتقود الأمة العربية ويتشكل جيل جديد متمكن من لغته العربية وليس كما هو الحال لدى بعض النشأ الجديد الذي يجيد التحدث باللغات الأجنبية ويتلعثم في التحدث بلغته العربية الأم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة