بيشوى رمزى

منتدى شباب العالم.. منصة مصر لدحض "النظرية الميكافيلية"

الأربعاء، 12 يناير 2022 02:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"الغاية تبرر الوسيلة".. نظرية أرساها السياسى الإيطالى نيكولو مياكافيلي، ليصبح مرتبطا بصورة وثيقة بالسياسة، باسم النظرية "الميكافيلية"، على اعتبار أن تحقيق الغايات السياسية يبقى الأولوية القصوى لدى الحكام، مهما كانت الوسيلة التي تتحقق به، في إطار برجماتي يقوم على المصلحة، وهو ما يبرر انتهاك المبادئ التي يتشدق بها المجتمع الدولي في الكثير من الأحيان، منذ فجر التاريخ، في الوقت الذى تستخدم فيه تلك الشعارات البراقة، من أجل القفز على الشؤون الداخلية للدول، وإفقارها بل ووصل الأمر في بعض المشاهد إلى ضربها بالقنابل الذرية، من أجل انتصار لحظي يساهم في البقاء على كراسي السلطة، لسنوات معدودة، فأصبحت كل الوسائل متاحة، وكل الطرق، شرعية كانت أو غير ذلك، ممهدة لتحقيق أهداف القوى الكبرى، بين النفوذ السياسي أو التنمية الاقتصادية، وهو ما ساهم في زيادة حجم الصراعات، والتي تفاقمت تدريجيا من الحروب المنظمة، إلى حروب أهلية، وما يندرج تحتها من صراعات بـ"الوكالة"، بينما وصلت إلى ذروتها إلى مجال جديد، ربما لم تعهده الجيوش النظامية أو الميليشيات المسلحة، في إطار "الصراع مع الطبيعة".

إلا أن الرؤية القائمة فشلت في تحقيق المصلحة الجماعية للمجتمع الدولي، والذى اتسم بإطاره الأحادى، وسياسة إلقاء المسؤولية على الأخر فيما يتعلق بالأزمات والكوارث الدولية، وهو ما يتجلى في أزمة التغيرات المناخية، والتي تبادلت فيها الدول (المتقدمة والنامية) الاتهامات حول ما آلت إليه الطبيعة من "تمرد"، في محاولة للتنصل من مسئوليتها لتخفيض الانبعاثات الكربونية، بينما لم يختلف المشهد مع اندلاع وباء كورونا، في ظل عجز القوى الكبرى على مواكبة أعداد الإصابات الهائلة لديها، وبالتالي تقاعسها عن مد يد العون للأخرين، في مشهد يعكس "أنانية" سياسة المعونات، التي طالما اعتمدتها القوى الحاكمة للنظام الدولي تحت شعار "حقوق الإنسان"، في الوقت الذى كانت فيه مرهونة بثمن كبير من سيادة واستقلالية قرار الدول الأخرى، وهو ما يمثل قفزا من سمو المفهوم نحو أفاق واسعة من الانتهازية السياسية.

وهنا تبقى الحاجة ملحة لتعظيم الجانب الإنساني في الحياة الدولية، عبر التركيز على احتياجات الشعوب، بل وتقديم "دعم" حقيقى لها، عبر الاستثمار فيما تملكه من إمكانات، وعلى رأسها إمكاناتها البشرية، من أجل استغلالها وتحقيق المكاسب التنموية ومن خلال تحقيق شراكة، لا تعتمد فيها الدول على المعونة القادمة من الخارج، والتي تحمل "ثوبا" إنسانيا، بينما في حقيقتها لم تحقق نفعا للشعوب، وإنما لحفنة من الحكام، مقابل الدوران في فلك القوى الحاكمة في النظام الدولي.

وهنا تجلت الرؤية التي تتبناها بين الجمهورية الجديدة، في مصر، عبر شراكات، اتسمت بجماعيتها، منذ انطلاقة عهدها، ربما لم تخل من طابعها السياسي، ولكنها أيضا حملت أهدافا تتجاوز السياسة، تقوم على تحقيق تنمية حقيقية، تعود على الشعوب، وليس مجرد أرقام تضاف لخانة "النمو الاقتصادي" بينما تبقى الاستفادة بها محصورة على النخب، في إطار يحقق المصالح المشتركة لكافة الدول، في دوائرها الدبلوماسية المعروفة، وهو ما يتجلى على سبيل المثال، في التحالف مع اليونان وقبرص، من بوابة غاز شرق المتوسط، والذى ساهم في تأسيس أحد أكبر منتديات الغاز في العالم، والذى أصبح يضم ثماني أعضاء ليتجاوز التحالف الثلاثى، على أرض الكنانة، ليساهم بصورة كبيرة في انتشال الدول الثلاثة من أزماتهم الاقتصادية، ووضعهم على الطريق الصحيح، نحو تحقيق تنمية مستدامة حقيقية في المستقبل القريب، بينما يدعم التنمية في باقى الدول الأعضاء.

وبين منتدى الغاز، ومنتدى شباب العالم، الذى يعد حدثا استثنائيا، نجد أن ثمة مشتركات عديدة، لا يمكن تجاهلها بأى حال من الأحوال، يقوم على "الجماعية"، في الاستثمار "النظيف"، فالأول يمثل محاولة جادة لتحقيق التنمية للدول عبر الاعتماد على الغاز الذى يمثل أنظف مصادر الطاقة الأحفورية، بينما يبقى الأخير بمثابة أسمى أنواع الاستثمار، وهو الاستثمار في الشباب، ليس فقط من المصريين، وإنما من كافة دول العالم، من أجل دعم الإبداع، وإيجاد حلول خلاقة لأزمات العالم التي قد تأكل الأخضر واليابس حال فشل النظام الدولي بوضعه الراهن في احتوائها.

وهنا يمكننا القول بأن "الجمهورية الجديدة" نجحت باقتدار في دحض "النظرية الميكافيلية، عبر تعزيز مبدأ آخر، وهو أن "السياسة مجرد وسيلة لا غاية"، فهى الوسيلة لتحقيق الخير والنماء للبشرية، بعيدا عن المنظور الأناني، والذى يعتمد على المصلحة الفردية فقط، ليصبح تحقيق المصلحة المشتركة لمجتمع الدول، والمتمثلة في شعوبها، هو الغاية الأسمى التي تسعى الدولة المصرية لإرسائه، وهو ما يتجلى في حديث الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال المنتدى، والذى يمثل رسالة مصر للعالم عبر منتدى الشباب، حول أهمية التعاون الدولي في محاربة الفقر، ومجابهة الوباء والتغيرات المناخية، عبر العمل الجماعى، من أجل إنقاذ البشرية من الأخطار المحدقة بها، في انعكاس صريح لإدراك القيادة المصرية لأهمية التحرك السريع للوقوف في مواجهة الأزمات الجديدة.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة