التاريخ المصرى القديم ملئ بالحكايات والأسرار التي لا تكشفها إلا القطع الأثرية القديمة والتي يتم العثور عليها ما بين الحين والآخر، لأنه من الصعب أن يرصد أحد تلك التفاصيل التي تمتد على مدار قرون طويلة سجلت بعضها على جدران المعابد في زمن الكتابة المصرية القديمة وأخرى لم تسجل بعد ولكن تكشفها كنوز أثرية تخرج من باطن الأرض.
وبسبب ذلك نستعرض تاريخ الحضارة القديمة من خلال سلسلة متتالية لاستعراض تلك التاريخ القديم، عبر موسوعة "مصر القديمة" لسليم حسن، وتحت عنوان "تنظيم نتيجة السنة الشمسية"، يقول المؤرخ سليم حسن عمد علماء الآثار المصرية والمؤرخون المختصون في علم الفلك والتاريخ إلى إيجاد طرق حسابية غاية في الحذق للوصول إلى تحديد العصر الذي ابتدأ فيه التاريخ بالسنة الشمسية سنة 139م، ونحن نعرف بالضبط أول يوم في السنة الشمسية اتفق تماما مع اليوم الذي ظهر فيه نجم الشعرى اليمانية «سوتيس»، وهو اليوم الذي بدأ فيه فيضان النيل، وقد اتخذوا هذا التاريخ نقطة ثابتة، ورجعوا إلى الوراء به مدة ثلاث مرات يتفق فيها ظهور الشمس والشعرى اليمانية «سبد» المصرية في ساعة واحدة، ويحدث هذا مرة كل 1460 سنة بحساب فلكي ثابت، وبذلك ظنوا أنه يمكنهم أن يحددوا سنة 4241ق.م بالسنة التي ابتدأ فيها المصريون يحسبون بحساب السنة المصرية الشمسية، وقد قال بعض المؤرخين إن هذا التاريخ هو أقدم عهد في تاريخ العالم.
وقد استنتج هؤلاء المؤرخون من هذا التاريخ السحيق في القدم نتائج هامة، فمنه عرفوا مقدار تقدم المصريين في الحضارة في هذا العصر العتيق؛ إذ كان في مقدور المصرى أن يلاحظ ظهور النجوم، ويتمكن من تحديد مدة السنة الشمسية، ومن جهة أخرى استنتجوا الأنظمة التي كانت عليها البلاد في ذلك العصر، غير أن هذه الاستنتاجات لا ترتكز على حقائق ثابتة في التاريخ، وإن كان ما يكشف من الآثار ينبئ بتأصل المصريين في المدينة الموغلة في القدم.
ومهما يكن من الأمر فإن إنشاء السنة الشمسية قد ظهر في عصر قديم، وأنه كان من الأشياء الضرورية القصوى لسكان وادي النيل؛ وذلك لأن السنة القمرية بشهورها المختلفة في الطول بين 29 و30 يوما لم تكن بالشيء الدقيق للمصريين الذين خلقوا بطبيعتهم زراعا للأرض، هذا على خلاف السنة الشمسية التي تبتدئ في وقت حادثة معينة للفلاح المصرى، وهو فيضان النيل المنظم العظيم لحياة الفلاح المصرى، ولما كان المصرى لا يلتجئ قط لإضافة ربع يوم "السنة الشمسية بالضبط 365 وربع يوم أي بإضافة يوم واحد كل أربعة أعوام ليجعل عامه يتفق مع العام الشمسي، فإنه استعمل في الواقع طوال مدة تاريخه سنتين مختلفتين: الأولى السنة المدنية، والثانية السنة الثابتة أي الشعرى اليمانية، وهاتان السنتان لا تبدءان معا في يوم واحد إلا كل 1460 "365 في 4" سنة شمسية، أو كل 1461 "265 وربع يوم في 4" سنة مدنية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة