احتشد الآلاف فى ميدان الجمهورية بالقاهرة مساء 6 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1970، لإحياء ذكرى مرور أربعين يوما على وفاة جمال عبدالناصر «28 سبتمبر 1970»، بحضور الرؤساء، السادات، والسودانى جعفر نميرى، والليبى معمر القذافى، وياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بالإضافة إلى نائب الرئيس العراقى الفريق أول صالح مهدى عماش، ورئيس مجلس النواب اللبنانى كامل الأسعد، ورئيس وزراء اليمن الجنوبى محمد على، وفقا لجريدة «الأهرام» يوم 7 نوفمبر 1970.
كان نميرى والقذافى فى القاهرة لحضور اجتماعات دول ميثاق طرابلس، وتوجها بصحبة السادات يوم 5 نوفمبر لوضع حجر أساس «معهد ناصر للبحوث والعلاج» المطل على كورنيش النيل، وتكشف «الأهرام، 6 نوفمبر»، أن القائد الخالد أوصى بإقامته على مساحة 22 فدانا لخدمة كل مريض من مصر ومن العرب والأفارقة.
تذكر الأهرام، أن الرؤساء الثلاثة أدوا صلاة الجمعة بمسجد جمال عبدالناصر، وتناولوا إفطار الصوم بمنزل السفير الليبى بالقاهرة سعد الدين بوشويرب، وعقد السادات اجتماعا مطولا مع ياسر عرفات، وفى المساء توجهوا ورؤساء الوفود العربية والعالمية الرسمية المشاركة إلى السرادق الضخم المقام بميدان الجمهورية.
تنشر الأهرام يوم 7 نوفمبر 1970 وقائع المؤتمر، والكلمات التى ألقيت فيه، وفى كلمة الرئيس السادات، قال، إن الشهادة العظمى لجمال عبدالناصر هى أنه كان بانى أمة وصانع تاريخ، وأضاف: لقد نبه جماهير أمتنا إلى حقيقة ومعنى وجودها، وربط جماهير أمتنا بحقائق ومعانى العصر الحديث الذى نعيش فيه، وهكذا تحركت الجماهير وزحفت إلى النضال المستمر، وانتصرت فى معارك وما زال عليها أن تنتصر فى معارك.
وركز السادات على حقيقة التغيير الذى قاده جمال عبدالناصر، وناضل من أجله على الأرض العربية، وقال: ليس يهم أن تكون بين بعضنا البعض اختلافات فى الاجتهادات أو فى الأساليب، وإنما المهم أن حركة التغيير الكبرى قد بدأت.. أضاف: «إن صراع الحياة، ومن أجل الحياة قد بدأ على أرضنا، وكان لجمال عبدالناصر دور الرائد العظيم فى فتح الطريق أمام مجراه، وفى رفع العوائق حتى لا تصد تياره، وإذا كانت هناك أفكار جديدة على أرضنا، فقد كان هو الذى وضع البذرة، وإذا كانت هناك ثورات ظهرت وانتصرت فقد كان هو الذى ألهم وحمى، وإذا كان هناك جيل جديد من القادة ظهر، فلقد كان هو بالنسبة له النموذج الحى والمثل، وكان أكثر من ذلك.. كان فاتح الطريق، وكان الدرع، وكان السيف فى الوقت نفسه».
وفى ختام كلمته، قال السادات: لا أريد أن أتكلم عن أخى وصديقى وأستاذى ومعلمى جمال عبدالناصر.. إن خريطة الشرق الأوسط وما تغير فيها تتحدث عنه، صلاتنا بالدنيا والعصر تتحدث عنه، أهداف نضالنا وشعارات كفاحنا والأعلام التى نرفعها فوق المسيرة الحزبية فى كل قطر تتحدث عنه.. ثم قال: بل إن مواجهتنا للظروف التى داهمتنا برحيله عنا فجأة تتحدث عنه.. لقد كان من أعظم منجزاته أنه لم يفتح الطريق فحسب، وإنما رسم مساره نحو الهدف.
وتحدث الرئيس السودانى جعفر نميرى، قائلا: لقد عرفنا الآن كم كان يحمل عنا فى صمت وجهد دون أن يؤاخذنا على اتكالنا عليه، ودون أن يشتكى أو يتضرر، فصار لزاما علينا الآن أن نتصدى لما كان أساسا واجبا على كل فرد منا، وتحدث نميرى عن دور عبدالناصر فى تحقيق لقاء الثورتين العربية والأفريقية، وجهده العظيم فى دعم حركة التحرير الأفريقية، وقال: «سنعمل على تعميق التعاون بين الثورتين، وفاء لجمال عبدالناصر وتكريما لنضاله».
أما الرئيس الليبى معمر القذافى، فألقى كلمته بصوت بالغ التأثر، حسب وصف الأهرام، قائلا: «إن جمال عبدالناصر ليس فى حاجة إلى الخطباء، ولكن التاريخ يسجل له أعظم الانتصارات والإنجازات، وعزاؤنا أن رفاق كفاحه قد حملوا الراية، وأن شعبنا أصر على مواصلة المسيرة».. وأضاف: إن شعب مصر العظيم قادر باستمرار على أن ينجب الأبطال جيلا بعده جيل، قادر على أن يرتفع فوق أحزانه، وسوف تظل قوة الأمة العربية فى مصر، وستظل مصر أقوى من العدوان، وسوف يتحقق النصر لها فى النهاية.. وأضاف: «عبدالناصر لم يكن شخصا عزيزا فحسب ولكن كان مبادئ وثورة، وبعثا جديدا للأحرار، وقوة واجهت بها الأمة العربية تحديات العصر».
وقال ياسر عرفات فى كلمته، إن الشعار الذى رددته الجماهير بعد وفاة القائد الخالد، ينبغى أن يكون هو شعار المرحلة المقبلة، وأن هذه الجموع التى قالت «بالروح بالدم هنكمل المشوار»، كانت تعبر بعمق وصدق عن طبيعة المسؤولية التى فرضت عليها بعد غياب القائد العظيم.
وتحدث الفريق أول صالح مهدى عماش نائب رئيس الجمهورية العراقية، وكامل الأسعد رئيس مجلس النواب اللبنانى، ومحمد على رئيس وزراء اليمن الجنوبى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة